يعتبر العام 2009 العراقي بامتياز عام دخول العراق مرحلة تنفيذ طموحاته النفطية لإنتاج 12 مليون برميل من النفط يوميًّا، إثر توقيعه عقودًا نفطية مع شركات عالمية، بلغت قيمتها 100 مليار دولار، ستدر على البلاد 200 مليار دولار سنويًا. كما شهد العام بدء تنفيذ استراتيجيتين، الأولى للنهوض بالزراعة باعتبارها المورد الثاني بعد النفط، والثانية لتخفيض معدلات الفقر، إضافة إلى إعداد موازنة طموحة للعام 2010، وتوقيع اتفاقات ومذكرات تفاهم مع العديد من دول العالم لتوسيع العلاقات التجارية والاقتصادية معها.
أسامة مهدي من لندن: يعتبر العام 2009 العراقي بامتياز عام دخول العراق مرحلة تنفيذ طموحاته النفطية لإنتاج 12 مليون برميل من النفط يوميًا، إثر توقيعه عقودًا نفطية مع شركات عالمية، بلغت قيمتها 100 مليار دولار، ستدر على البلاد 200 مليار دولار سنويًا. كما شهد العام بدء تنفيذ استراتيجيتين، الأولى للنهوض بالزراعة باعتبارها المورد الثاني بعد النفط، والثانية لتخفيض معدلات الفقر، إضافة إلى إعداد موازنة طموحة للعام 2010، وتوقيع اتفاقات ومذكرات تفاهم مع العديد من دول العالم لتوسيع العلاقات التجارية والاقتصادية معها، لكن محاربة الفساد المالي ظلت متعثرة، بسبب ضخامتها، وتورط مسؤولين كبار بفضائحها.
عقود نفطية بقيمة 100 مليار دولار
وشهدت الأيام الأخيرة من العام الحالي توقيع العراق عقودًا نفطية لاستثمار وتطوير 10 حقول في أنحاء البلاد بكلفة 100 مليار دولار لزيادة الإنتاج إلى 12 مليون برميل يوميًا خلال السنوات الست المقبلة.
وقال وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني إثر توقيع العقود إن معدلات إنتاج النفط العراقي ستقفز خلال ست سنوات إلى 12 مليونًا و140 ألف برميل بالجهد الوطني وبالتعاون مع الشركات الأجنبية التي فازت بتراخيص استثمار الحقول النفطية. وأوضح أن جولة التراخيص الثانية التي جرت الشهر الحالي أثمرت عن فوز ائتلاف شركتي quot;شلquot; الهولندية وquot;بتروناسquot; الماليزية بعقد تطوير حقل مجنون بمعدل إنتاج 1.8 مليون برميل في اليوم، وفوز ائتلاف quot;سي إن بي سيquot; الصينية وquot;بتروناسquot; الماليزية وquot;توتالquot; الفرنسية بتطوير حقل الحلفاية في العمارة بطاقة 535 ألف برميل في اليوم. فيما فازت شركة quot;سنكولquot; الأنغولية بعقد تطوير حقل القيارة في مدينة الموصل بطاقة 120 ألف برميل في اليوم.
كما فاز ائتلاف بقيادة quot;لوك أويلquot; الروسية وquot;شتات أويلquot; النرويجية بعقد تطوير حقل غربي القرنة، المرحلة الثانية بطاقة إنتاجية تصل إلى 1.8 مليون برميل في اليوم. فيما فاز ائتلاف يضم شركتي quot;بتروناسquot; الماليزية وquot;جابكسquot; اليابانية بعقد تطوير حقل الغراف في مدينة الناصرية بطاقة 230 ألف برميل في اليوم. وفاز ائتلاف بزعامة quot;غاز برومquot; الروسية، ويضم شركات quot;تي بي آي أوquot; التركية وquot;كوغازquot; الكورية وquot;بتروناسquot; الماليزية بعقد تطوير حقل بدرة في مدينة واسط بطاقة 170 ألف برميل في اليوم.
كذلك فازت شركة quot;سنكولquot; الأنغولية بعقد تطوير حقل نجمة في مدينة الموصل بطاقة 110 آلاف برميل في اليوم. وقبلها أثمرت جولة التراخيص التي جرت في يونيو (حزيران) الماضي عن فوز quot;بي بيquot; البريطانية وquot;سي إن بي سيquot; الصينية بعقد تطوير حقل الرميلة بطاقة 2.850 ألف برميل في اليوم. كما فاز ائتلاف شركة quot;أكسن موبيلquot; الأميركية وquot;شلquot; الهولندية بعقد تطوير حقل غربي القرنة بطاقة 2.3 مليون برميل في اليوم. وفاز ائتلاف بقيادة quot;إينيquot; الإيطالية بعقد تطوير حقل الزبير بطاقة 1.200 ألف برميل في اليوم.
ومن المؤمل أن تدر هذه العقود للعراق عوائد سنوية تصل إلى 200 مليار دولار، فيما ستستثمر الشركات في هذه الحقول أكثر من مائة مليار دولار. ويقول الشهرستاني إن هناك خمسين حقلاً نفطيًا لم تطرح حتى الآن، إضافة إلى وجود رقعة أكبر لم تكتشف بعد. وأشار إلى أن الموارد المالية التي ستحققها هذه المعدلات من الإنتاج تبلغ 200 مليار دولار خلال ست سنوات.
ولدى إقرار الاتفاقات التي تبلورت خلال الجولة الأولى في حزيران (يونيو) الماضي، يرتفع الرقم إلى 11.14 مليون برميل يوميًا. وإذا وصل العراق إلى 12 مليون برميل يوميًا، فإنه سيتجاوز روسيا ثاني أكبر منتج في العالم، ويقترب من طاقة الإنتاج السعودية البالغة 12.5 مليون برميل يوميًا، حيث يحتل العراق المرتبة الثالثة عالميًا بعد السعودية وإيران من حيث الاحتياطي النفطي المؤكد مع 115 مليار برميل. وينتج العراق حاليًا 2.4 مليون برميل يوميًا، يصدر منها حوالي 1.8 مليون برميل، خصوصًا من حقول قرب البصرة الجنوبية.
اليابان تدخل حقول الاستثمار العراقي بقوة
إلى ذلك، أعربت اليابان عن رغبتها في تشجيع آلاف الشركات على الاستثمار في العراق، لاستعادة موقعها السابق، مؤكدة دعمها هذا البلد الذي مزقته الحروب. وقال وزير الدولة الياباني للشؤون الخارجية كوتيشي تاتي ماسا لدى حضور المؤتمر الاقتصادي العراقي الياباني الأول في بغداد قبل أيام إن quot;اليابان تعمل باستمرار على تقديم الدعم في إعادة إعمار وتعزيز العلاقات بين البلدينquot;.
وأعرب عن أمله في زيادة انتشار الشركات اليابانية في العراق، قائلًا quot;أتمنى أن تأتي آلاف الشركات إلى العراق، كما كانت في السابقquot;. وشارك في المؤتمر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وعدد من الوزراء والمسؤولين الحكوميين ونحو مئة شركة ورجل أعمال ياباني. وقال المالكي quot;نؤكد لكم أيها الأصدقاء أن الاستثمارات في العراق مضمونة ومحمية بثلاثة أشكال من الضمانات، أولها ما نص عليه قانون الاستثمار رقم 13 لعام 2006، وثانيها ما كفلته الاتفاقية لضمان الاستثمار التي وقع عليها العراق عام 2007، وثالثها الاتفاقيات الثنائية لحماية الاستثمار وتشجيعهquot;.
وكانت اليابان شريكًا تجاريًا رئيسًا للعراق قبل سنوات الحرب والعقوبات، ولا تزال الهندسة اليابانية أعلى قيمة في العراق، على الرغم من أن منتجات كورية وصينية نجحت في تحقيق مكاسب في مناطق أخرى. وفي الوقت الحالي، تتردد الشركات اليابانية التي تحظى بالثناء في العراق لمهارتها في تشغيل عمال أجانب، وذلك لتقليل المخاطر وبشكل دقيق لحماية صورتها.
الفساد المالي آفة التقدم الاقتصادي
على الرغم من الحملة التي يؤكد رئيس الوزراء نوري المالكي أنه يشنّها ضد الفساد المالي، والتي شكلت إحدى تحديات احتفاظه بمنصبه لولاية ثانية، بعد انتخابات السابع من آذار (مارس) المقبل، إلا أن هذه الحملة لم تنجح إلى الآن من قطع دابر هذا الفساد ودحرجة رؤس أصحابه الكبيرة.
وظل العام 2009 يشهد بين الحين والآخر صدور أحكام اتصفت بالتواضع ضد ضالعين بفساد في مؤسسات الحكومة ممن يحتلون درجات ليست متقدمة في السلم الوظيفي. وعلى الرغم من أن مجلس النواب قد استجوب أكثر من وزير بتهم تقصير أو فساد مالي، إلا أن هذه الاستجوابات تنتهي في كل مرة بتسويفات وتصريحات وتراشق اتهامات بين الفصيل السياسي الذي ينتمي إليه الوزير والآخر المنافس له، إضافة إلى زج هذا الأمر بمفارقات الدعوة إلى المصالحة الوطنية.
وقد وضعت مجموعة الشفافية الدولية العراق أخيرًا في الترتيب الخامس قبل الأخير في تصنيفها الخاص بالفساد الحكومي لعام 2009. وقالت إن الفساد انتشر في أنحاء العراق في العقود الماضية، لكن شمولية النظام السابق أخفت ذلك وحالت دون منعه. وأشارت إلى أنه قد صدر نحو 630 أمر اعتقال ضد مسؤولين عراقيين يشتبه بضلوعهم في قضايا فساد العام الماضي، لكن 97 شخصًا فقط أُدينوا. وأضافت أن مسؤولين كبار أغلقوا 135 قضية يشتبه بأنها قضايا فساد، تشمل 211 شخصًا، غالبيتهم من وزارة النفط. فيما جرى التغاضي عن 1552 قضية أخرى، لأن المشتبه فيهم مشمولون بقانون العفو الذي لم يوضع بهدف التصدي للفساد، بل لتشجيع المصالحة، بالعفو عن المسلحين السابقين أو مرتكبي الجرائم غير القاتلة.
ويؤكد رئيس هيئة النزاهة العراقية الأسبوع الماضي أن غالبية النواب لم يكشفوا مصالحهم المالية، بينهم اثنان من هيئة الرئاسة حتى الآن. وأشار إلى أن رئيس البرلمان إياد السامرائي ونائبه الثاني عارف طيفور بين الذين لم يكشفوا ذممهم المالية. وأقر العكيلي بأن الكشف عن المصالح المالية لا ينهي الفساد، لكنه يحد منه، لأن البعض يعمد إلى تضخيم أمواله بنية مبيتة للاختلاس والسرقة. وأكد أن الهيئة أصدرت 3 آلاف مذكرة إلقاء قبض عام 2009، نفذ منها 1200 مذكرة فقط، موضحًا أن الهيئة في صدد إعداد مشروع لحصر التحقيقات بحكومة إلكترونية مصغرة، وقد أعدت استراتيجية لمكافحة الفساد، من خلال المجلس المشترك لمكافحة الفساد.
وبسبب ضعف هذه الإجراءات والتنافس السياسي، فقد أصبح القضاء على ممارسات الفساد، مثل الرشوة أو الاختلاس وبيع الوظائف، قضية انتخابية كبرى في العراق، قبيل الانتخابات العامة المنتظرة في آذار(مارس) المقبل.
وشهد العام الحالي هروب وزير التجارة عبد الفلاح السوداني إلى لندن، بعد اعتقاله بتهم فساد، حيث سهلت له سلطات عليا هذا الهروب، إثر تهديده بكشف قضايا فساد في هرم السلطة، في حال تقديمه إلى المحاكمة فعلًا. واكتفت السلطات بسجن أحد المدراء العامين ونائبه ومسؤول الإعلام في الوزارة بتهم فساد. وخلال الشهر الأخير من العام الحالي، تم الكشف عن قضية فساد كبرى في أمانة العاصمة بغداد، وصلت المبالغ المسروقة فيها لحوالي 30 مليون دولار، وتم اعتقال عدد من الموظفين الكبار. بينما أصدرت محكمة عراقية حكمًا بحبس نائب سابق لوزير النقل ثماني سنوات، بعدما ألقت قوات مكافحة الفساد القبض عليه، وهو يقبض رشوة، إضافة إلى عدد قليل من أحكام السجن على مسؤولين آخرين بمستويات أدنى، وليظل الفساد المالي أحد أكبر التحديات الاقتصادية الكبرى والخطرة التي تواجه البلاد.
12 مليار دولار للنهوض بالزراعة
وأعلن العراق هذا العام عن تخصيص 12 بليون دولار لتطوير قطاعه الزراعي، مشددًا على أهمية جعل الزراعة رافدًا ثانيًا لموازنة البلاد المالية بعد النفط، وداعيًا إلى خطة اكتفاء ذاتي غذائي شامل. وقال المالكي خلال مؤتمر النهوض بالقطاع الزراعي والإروائي في المحافظات إن اللجنة العليا للمبادرة الزراعية وضعت إستراتيجية خصص لها مبلغ 12 مليار دولار لتطوير الواقع الزراعي في البلاد.
وأكد ضرورة العمل من أجل أن تحظى الزراعة بالرعاية والإهتمام، لأنها ستشكل موردًا كبيرًا للبلاد quot;وحتى لا تبقى إيراداتنا أحادية، وتعتمد على النفط فقط، لذلك علينا الإهتمام بالزراعة والصناعة وكل القطاعات الأخرى، ومن أجل النهوض بالواقع الزراعي في البلاد، أطلقنا المبادرة الزراعية في العام الماضي، وكانت متواضعة بتخصيصاتها المالية، والتي هي نصف مليار دولار في العام الماضي، ونصف مليار دولار في العام الحالي، لكننا نتطلع لتحقيق الكثير، وقد إنعكست ملامحها على زيادة الإنتاج في المحاصيل الزراعية كالقمح والشعير والرزquot;.
ودعا وزارة الموارد المائية إلى توفير المياه اللازمة للأراضي الزراعية ومعالجة شحة المياه والملوحة، كما دعا وزارة الزراعة إلى مضاعفة جهودها لتطوير هذا القطاع المهم، مشيرًا إلى أهمية الرعاية والإهتمام بالفلاحين، من خلال توفير القروض لهم والمزارعين من أجل تطوير البساتين والأراضي الزراعية. وقال إن على المؤتمر إيجاد حلول للمشاكل التي خلفها النظام السابق quot;وكانت مدعاة لهجرة الفلاح من أرضه، ولابد أن يكون في سياقات عملنا الجديد هو كيف نساعد الفلاح على البقاء في أرضه، وأن نوفر له الخدمات والتسهيلات، حتى يكون عارفًا أنه إذا قدم عملًا فسيحصل على المقابلquot;.
وأكد المالكي بالقول quot;نحن بحاجة إلى أمن غذائي، وأن لا نبق نستورد المواد الغذائية، في ظل الأزمة العالمية، فالعراق يجب أن ينظر إليه على أنه مساعد لتخفيف الأزمةquot;. وطالب بوضع استراتيجية جديدة لعمل الزراعة، من خلال جلب السبل والآليات الحديثة والمتطورة والبذور الجديدة والنوعيات المنتجة، وتوفير الدعم والضمان للفلاحين، وإطلاق عملية الإستثمار في القطاع الزراعي.
يُذكر أن الحكومة العراقية خصصت 500 مليون دولار لمشاريع المبادرة الزراعية العام الماضي، ومثلها لهذه السنة، توزعت بواقع 310 ملايين دولار لوزارة الزراعة، و180 مليونًا لوزارة الموارد المائية. وناقش المؤتمر خطط معالجة شح المياه والملوحة ومضاعفة الجهود لتطوير القطاع، في مقدمها توفير القروض للفلاحين والمزارعين، إذ أشارت الإحصاءات إلى أن صناديق إقراض المبادرة الستة، التي تضم صناديق تنمية مشاريع الثروة الحيوانية والمكننة الزراعية ووسائل الري الحديثة وتنمية النخيل فضلاً عن الفلاحين الصغار وتنمية المشاريع الاستثمارية الكبيرة ودعم إنعاش الأهوار ودعم الصناعات التحويلية للمنتجات الزراعية، أقرضت 19 ألف فلاح، ووصلت قيمة القروض إلى 400 مليون دولار.
ويأمل العراقيون في أن تساهم الجهود المبذولة حاليًا على صعيد القطاع الزراعي في بلورة استراتيجية جديدة، تساعد على تحقيق أمن غذائي للعراق، كي لا يبقى أسيرًا لاستيراد غذائه، في ظل ارتفاع الأسعار الناتج من أزمة المال العالمية.
61 مليار دولار الموازنة العراقية لعام 2010
فيما يستعد مجلس النواب العراقي هذه الأيام للتصويت على موازنة العام الجديد 2010، فقد أعلن في بغداد أن الموازنة الاتحادية للبلاد هذه قد بلغت حوالي 61 مليار دولار. وقبل عرض الموازنة على مجلس النواب، فقد وافقت عليها الحكومة بإجمالي نفقات قدرها 78.733 ترليون دينار عراقي، توزعت على شكل نفقات إستثمارية، وقدرها 20.862 ترليون دينار، و57.871 ترليون دينار نفقات تشغيلية (الدولار يساوي 1300 دينار).
وتقدر قيمة إجمالي الإيرادات في الموازنة بمبلغ 60.774 ترليون دينار، بعجز مقداره 17.95 ترليون دينار، حيث سيتم تغطيتها من خلال جملة من التدابير، من ضمنها المبالغ المدورة من عام 2009، وإصدار حوالات الخزينة والإقتراض من صندوق النقد والبنك الدولي، مع المضي بترشيد وضغط الإنفاق الحكومي. من جهته، توقع وزير النفط حسين الشهرستاني تحقيق زيادة إضافية في الميزانية الاتحادية تصل إلى 5 مليارات دولار، من خلال زيادة الإنتاج والصادرات النفطية. وأشار إلى أن توقع الزيادة في الموازنة الاتحادية يأتي من خلال زيادة في الإنتاج والتصدير النفطي خلال الأشهر الماضية. وأضاف أن هذه الزيادة حصلت في الحقول الجنوبية، حيث وصل إنتاجها إلى أكثر من 100 ألف برميل يوميًا.
استراتيجية لتقليص الفقر في العراق
أطلق العراق العام الحالي استراتيجية وطنية لمواجهة الفقر في البلاد، من شأنها خفضه من نسبة 23% إلى 16% خلال عام 2014، حيث إن عدد العراقيين تحت خط الفقر يبلغ حاليًا 6.9 مليون نسمة من مجموع السكان البالغ 30 مليونًا.
وقال وزير العمل والشؤون الاجتماعية العراقي محمود الشيخ راضي إن هذه الستراتيجية التي أقرتها الحكومة العراقية أخيرًا ستحقق جملة من الأمور المتمثلة في تحقيق دخل أعلى للفقراء وتحسين المستوى الصحي لهم، إضافة إلى نشر التعليم وتحقيق بيئة سكن أفضل وتوفير الحماية الاجتماعية الفعالة، وتقليل التفاوت بين النساء والرجال الفقراء. وأشار إلى أن تجربة العراق ومزايا القانون النافذ وتطور سياسات الضمان الاجتماعي، من خلال إعداد مشروع قانون ضمان اجتماعي للعمال، يأخذ بمبدأ الضمان الاختياري وإعانة العاطلين. وأوضح أن أحدث الإحصاءات تشير إلى أن حجم الفقر الكلي في البلاد يبلغ 6.9 مليون نسمة من مجموع السكان المقدر بحوالي 30 مليونًا.
اتفاقية شراكة استراتيجية مع الأوروبي في مجال الطاقة
وخلال العام الحالي، باشرت الحكومة العراقية مفاوضات مع الإتحاد الأوروبي لتوقيع اتفاقية للشراكة الاستراتيجية في مجال الطاقة، بهدف تحسين علاقات الطاقة مع البلدان المنتجة لها، وبينها العراق، كما هو محدد في خطة العمل الخاصة بسياسة الطاقة للأعوام 2007/2009 التي تبناها المجلس الأوروبي.
وخوّلت الحكومة وزير النفط صلاحية التفاوض والتوقيع على مشروع مذكرة التفاهم بين حكومة جمهورية العراق والإتحاد الأوربي للشراكة الاستراتيجية في مجال الطاقة بصيغتها المُصححة والمعتمدة من قبل مجلس شورى الدولة، وقيام وزارة الخارجية بالتنسيق مع وزارة النفط حول إعداد وثيقة التخويل اللازمة وفق السياقات المُعتمدة لديها، ورفعها إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، من أجل إستحصال توقيع رئيس مجلس الوزراء.
وتهدف هذه الشراكة الاستراتيجية إلى تحسين علاقات الطاقة مع البلدان المنتجة لها، ومنها العراق، كما هو محدد في خطة العمل الخاصة بسياسة الطاقة للأعوام (2007/2009) التي تبناها المجلس الأوروبي في آذار (مارس) عام 2007، حيث إن هذه السياسة تأخذ في الحسبان الدور الرئيس الذي تلعبه الطاقة في التنمية الإقتصادية في العراق، والفرص التي يقدمها سوق الطاقة في الإتحاد الأوروبي كأكبر سوق متكامل للطاقة في العالم لتنمية صادرات الطاقة العراقية، وعلى وجه الخصوص الغاز الطبيعي.
وتتضمن مذكرة التفاهم مواد، منها المساهمة في إعداد سياسة شاملة ومتكاملة للطاقة في العراق، وتطوير وتحديث قطاع الكهرباء، من خلال تحديد وترسيخ إطار عمل قانوني ونظام سليم في العراق، وعلى وجه الخصوص تشجيع هيكل إستثمار يتمتع بالشفافية وإعداد برنامج عمل في مجال الطاقة للتعاون بين العراق والإتحاد الأوروبي للفترة من 2010-2015، بهدف تنفيذ ما ذكر أعلاه وتحديث الأجواء المؤسساتية الملائمة داخل الإدارة العراقية، لتنفيذ البرامج على نحو سليم، مع الأخذ في نظر الإعتبار الأجواء الدولية المتطورة للطاقة.
ويسعى الجانبان إلى التعاون في مجالات تقويم الشبكة الحالية لنقل وتوريد الهيدروكاربون، بهدف إعداد خطة تحديث لمرافق البنية التحتية وتعزيز سلامة وموثوقية الشبكة العراقية لخط أنابيب نقل وتصدير الطاقة، إضافة إلى تحديد وإيجاد مصادر إضافية ومسارات الإمداد للغاز من العراق إلى الإتحاد الأوروبي، مع تطوير مرافق البنية التحتية لإنتاج الطاقة والمعالجة في العراق، وتشجيع التقارب في الأعراف والمقاييس الفنية والتعاون في المجال التكنولوجي والعلمي والصناعي في الطاقة، وتشجيع تبادل الخبرات، وإقامة الهياكل الملائمة لتدريب وتعليم المهنيين الشباب في موضوعات العلوم والتكنولوجيا الحديثة المتعلقة بالطاقة، إضافة إلى المساندة الفنية للمشاركة الاستراتيجية.
تعزيز نظام توزيع الحصص الغذائية لملايين العراقيين
كما وقّع العراق وبرنامج الأغذية العالمي العام الحالي على مذكرة تفاهم لتحسين توزيع المواد الغذائية لملايين العراقيين، وفق نظام البطاقة التمويني. وتمثل هذه الشراكة عنصرًا مهمًا في استراتيجية الحد من الفقر وخطة التنمية الوطنية العراقية وإطار عمل الأمم المتحدة للمساعدة الإنمائية، فهي تهدف إلى تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي للفئات المستضعفة. كما تأتي هذه بالتماشي مع الإستراتيجية القطرية لبرنامج الأغذية العالمي في العراق، والتي تستغرق خمس سنوات.
وسيعمل البرنامج عن كثب مع الشركاء الاستراتيجيين، مثل البنك الدولي ووكالات الأمم المتحدة الأخرى وصندوق النقد الدولي والجهات المانحة والمؤسسات الأكاديمية، لضمان توفير ما يحتاجه المشروع من مساعدات تقنية ونقل للتكنولوجيا وبناء للقدرات.
من جهتها، كشفت وزارة التجارة العراقية عن خطة لتدقيق سجلات البطاقة التموينية لجميع المواطنين العراقيين قبل توزيع نموذجها الجديد بين المواطنين مطلع العام المقبل، داعية العائلات إلى ضرورة جلب نسخ من هويات الأحوال المدنية لجميع أفرادها، بغية إنجاز الخطة في أسرع وقت ممكن، وقال مدير قسم التموين في دائرة التموين والتخطيط التابع للوزارة نذير بشير في تصريحات صحافية إن الدائرة في صدد تنفيذ خطة، تشمل تدقيق أسماء المسجلين ضمن نظام البطاقة التموينية في كل أنحاء العراق، لاسيما أن عددهم تجاوز 32 مليونًا و250 ألف نسمة.
وكان مدير عام دائرة التموين والتخطيط رياض فاخر قد أكد أن عدد المواطنين المسجلين ضمن نظام البطاقة تجاوز 23 مليونًا و247 ألفًا و528 مواطنًا. وأضاف أن الدائرة أنجزت شطب 13 ألفًا و944 اسمًا لمواطنين تكرر تسجيلهم بشكل غير مشروع منذ بداية هذا العام ولغاية منتصف الشهر الماضي.
كما أعلنت دائرة التموين والتخطيط في وزارة التجارة أنها باشرت بحجب البطاقة التموينية عن الموظفين الذين يتقاضون راتبًا شهريا يبلغ مليونًا ونصف فأكثر. ويأتي هذا الإجراء تنفيذًا لتوجيهات الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وذلك لدعم البطاقة التموينية كمًا ونوعًا، وتوجيهها لدعم أصحاب الدخول المحدودة والفقراء والمحتاجين، بموجب قوائم أرسلت من الوزارات والدوائر كافة بأسماء المشمولين بأحكام هذا القرار الذي بمقتضاه نفذت الدائرة الحجب.
مؤتمرات اقتصادية عراقية خارجية
ومن أجل الترويح للاستثمار في البلاد وتشجيع المستثمرين للعمل فيها وتطمينهم بتحسن الأوضاع العامة، فقد نظمت الحكومة العراقية مؤتمرات اقتصادية عدة في بريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة والأردن. وعرضت هيئة الاستثمار العراقية خلال هذه المؤتمرات خارطة استثمارية تتضمن أكثر من 500 فرصة استثمارية على أكثر من 250 شركة. وفي هذا المجال، أعلن في مؤتمر لندن أن مجلس الأعمال العراقي البريطاني ينشط في هذا المجال، وهو منظمة غير حكومية وضيفتها تنسيق التجارة والأعمال بين العراق وبريطانيا.
ولا يقل مؤتمر آخر انعقد في واشنطن أهمية، حيث يشير مختصين في الاقتصاد أن هذا المؤتمر كان أوسع من حيث الحضور، فشارك فيه أكثر من ألف شخصية من رجال الأعمال الأميركيين، وعرض العراق فيه أكثر من ألف فرصة استثمارية على رجال الأعمال والشركات الأميركية والأجنبية. ودعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلنتون خلال المؤتمر الشركات الأميركية إلى اغتنام فرص الاستثمار في العراق، وقالت إن quot;الوضع الأمني أحسن، وظروف الاستثمار أقوى، والعالم يتابع كل فرصة للاستثمار في العراق، والشركات التي تنتظر طويلًا قد تكتشف أن القطار قد فاتهاquot;.
كما أبرم العراق اتفاقات اقتصادية عدة مع مصر وإيران وتركيا وسوريا لتنشيط التبادل التجاري، ودفع قيمته إلى مديات أعلى. وقدمت الحكومة العراقية للشركات الأجنبية مغريات عدة، آخرها السماح لها بتملك الأرض في أنحاء البلاد، إلا أن ذلك لم يحقق الكثير، إذ بقيت القطاعات الصناعية والزراعية والخدمية الاستثمارية ضعيفة، ولم تصل إلى الطموح.
وعود اقتصادية حكومية لم تتحقق
وبنهاية عام 2009، فإن وعودًا رسمية عديدة لم تتحقق، خاصة بعدما رفعت الحكومة شعار quot;عام البناء والإعمارquot;، حيث لم تشهد البلاد إنجازات كبيرة على مستوى تأهيل البنى التحتية والقضاء على أزمات البطالة والسكن والقطاع الصحي والتربوي والخدمي، إضافة إلى تراجع أسعار النفط، ما انعكس عجزًا في الموازنة العامة.
ولم يتغير الوضع المعيشي والخدمي لغالبية العراقيين خلال هذا العام، فلم تتحسن طاقة الكهرباء التي يحصل عليها المواطنون، ولا مياه الشرب الصالحة توافرت، ولا البنى التحتية أعيد بناؤها. ومن الواضح، فإن إعادة تأهيل الاقتصاد العراقي لن يتحقق إلا باستقرار الوضع الأمني وارتفاع معدلات صادرات النفط العراقية لزيادة العائدات المالية الضرورية لتحقيق انتعاش اقتصادي حقيقي، حيث إن أي تقدم على هذا الطريق سيكون مرهونًا بمدى قدرة الحكومة العراقية على رفع سقف الإنتاج النفطي وتحقيق الأمن.
وما زاد في التأثير سلبًا على الاقتصاد العراقي.. تذبذب أسعار النفط في الأسواق العالمية منذ نهاية العام 2008، حيث تسبب هبوط أسعار النفط من 150 دولارًا للبرميل الواحد أواسط ذلك العام إلى ما بين 50- 78 دولارًا خلال عام 2009، وتراجع صادراته إلى 1.9 مليون برميل في إرباك الميزانية العامة، وبإعادة النظر فيها مرات عدة، بسبب تراجع الإمكانيات المالية للحكومة، التي كانت اعتمدت عند احتسابها موازنة العام سعرًا تقديريًا لبرميل النفط هو 62.5 دولارًا، ما ألحق ضررًا فادحًا بمخططات إعادة الإعمار في البلاد.
كما شهد العام 2009، مثل سابقه، استمرار الخلافات بين الحكومة الاتحادية في بغداد وبين حكومة إقليم كردستان في أربيل، بسبب إصرار الأخيرة على استخراج النفط من حقول الإقليم وتصديره من دون الرجوع إلى الحكومة الاتحادية، وإبرام عقود جديدة مع شركات نفط أجنبية.
وعلى صعيد ديون حرب الخليج الأولى وتعويضاتها جراء غزو الكويت العام 1990، فإن الحكومة العراقية، وبرغم نجاحها في إطفاء أو تقليص حجم مديونيته لدول العالم بنسبة 80 % وفق اتفاقية نادي باريس، إلا أن العراق عانى خلال العام الحالي عبء التعويضات المادية المترتبة على غزو الكويت. وتستنزف هذه التعويضات جزءًا من ميزانية العراق، الذي دفع ملياري دولار خلال العام الحالي للكويت، التي فشلت كل محاولات بغداد لإقناعها بإسقاط ما تبقى من هذه التعويضات، والتي تقدر بنحو 25 مليار دولار، والتي تقتطع سنويًا من عائدات النفط.
وحيث العراق دخل عام 2010 اليوم، فإنه من المؤكد أن تحسن اقتصاده سيبقى مرهونًا بتحسن الأوضاع الأمنية والسياسية في البلاد .. فهل يتحقق ذلك؟.
التعليقات