لم تودّع المكسيك هذا العام بتفاؤل كما كانت الحال العام 2008، بسبب غرقها في المشاكل الاقتصادية القديمة والتي إزدادت نتيجة الازمة الاقتصادية العالمية، إذ إنّ تداعياتها كانت واضحة جدًّا على المكسيك، على الرغم من ثرواتها الطبيعية، فبعد ستة اعوام من الانتعاش كان العام 2009 عام تراجع للنمو والفائض المالي وارتفاعًا في المديونية العامة وعدد العاطلين عن العمل. اذ انخفض النمو من 4،8 في المئة الى 1،9 في المئة وهذا لن يسمح لها بمواجة مواصلة انعكاس الأزمة العالميّة.
وللأزمة في المكسيك عدة اسباب منها العلاقات الاقتصادية الوطيدة بينها وبين الولايات المتحدة، إذ إنّها تصدر حوالى 80 في المئة من انتاجها الى هناك، وبسبب تراجع قوة الشراء الاميركية عام 2009 تراجعت ايضًا الصادرات المكسيكية ، يضاف الى ذلك تراجع المواد الخام والتي تعتمد ميزانية المكسيك عليها كما اعتمادها على النفط الذي تراجعت اسعارهأضف إلىاسعار الحجارة الكريمة.
لكن لا يقف الأمر عند هذا الحد، فقد سيطرت على المكسيك هذا العام حالة من الحزن بسبب عودة اكثر من مليون مكسيكي كانوا يعملون في الولايات المتحدة، فهي تستفيد بشكل كبير من التحويلات المالية التي يرسلونها الى عائلاتهم، ما رفع نسبة العاطلين عن العمل من 7.5 الى 8.1 في المئة. الا ان الحكومة المكسيكيّة تراهن حاليًّا على اتفاقيات مع بلدان اميركا اللاتينية، فقد تحمل لها انتعاشًا اقتصاديًا يجعلها تواجه الوضع السيئ والذي زاد سوءًا بعد ظهور الانفلونزا المكسيكيّة لديها، ما عطل موسم السياحة التي تعتمد عليه كمصدر للنقد الصعب. ويضاف الى ذلك ان الكثير من المكسيكيين اقترضوا في السنوات الماضية مبالغ كبيرة من المصارف معتمدين في تسديدها على التحويلات المالية التي تأتيهم من اقاربهم المهاجرين في الولايات المتحدة وبدأت تتراجع بوضوح منذ مطلع 2009 بسبب تسريح عمال مكسيكيين هناك.
والوضع العام 2009 كان افضل بعض الشيء بالنسبة إلى البرازيل التي واجهت صعوبات اقتصادية جامة لكنها تمكنت بسبب الاتفاقيات الكثيرة مع بلدان مثل فرنسا وايطاليا و المانيا ان تخرج رأسها من الغرفة المظلمة على الرغم من ان جسمها ما زال في الظلمة. ويتوقع الرئيس لولا دي سيلفا ان تشهد بلاده العام 2010 انتعاشًا، بعد ان تراجع من 5.9 في المئة الى 2،1 في المئة نتيجة هبوط اسعار المواد الخام والسكر.
وبعكس هذا البلد فقد تحسن الوضع الاقتصادي في باناما التي على وشك الانتهاء من بناء احواض اضافية وتوسيع قناتها ما يعني انها ستكون في عام 2013 الشريان الرئيسي للشحن بين بلدان العالم، وزاد الانتعاش الاقتصادي فيها حوالى 4 في المئة.
ولا بد من التذكير ان الاشهر الماضية شهدت توقيع العديد من الاتفاقيات لتعميق العلاقات التجارية او تحرير الاسواق من الرسوم الجمركية بين بلدان اميريكا الجنوبية والوسطى، اخره توقيع اتفاقين ثنائيين بين تشيلي وغواتيمالا بالاحرف الاولى، الاول في اطار التجارة الحرة وتعزيزها والثاني لتسهيل حركة التحويلات المالية.
وفي الخطوة التالية سوف تلغى الرسوم الجمركية تمامًا بين البلدين ويسهل دخول الاستثمارات وحمايتها.
كما وقعت حكومتا كوستاريكا وباناما في حزيران (يونيو) الماضي اتفاقًا سيساعد على توسيع دائرة التبادل الصناعي والزراعي بين البلدين ما سيرفع معدل التبادل التجاري بشكل خاص الى اكثر من 3 في المئة، فهذا ما يحتاجه البلدان في ظل الظروف الاقتصادية الدولية الصعبة. وسيليها مطلع العام 2010 توقيع اتفافيات في مجال الخدمات العامة وتطوير قطاع الصناعات الالكترونية وتحسين العلاقات بين المصارف، اضافة الى تخفيض الرسوم الجمركية.
الا ان المعاهدات والاتفاقيات بين فنزويلا وكوبا كانت هذا العام وفيرة جدا، حيث وقع الرئيسان الكوبي راوول كاسترو والفنزويلي اوغو تشافيس منتصف عام 2009اتفاقيات لتنفيذ مشاريع ترفع من مستوى الوضعين الاقتصادي والاجتماعي وتزيد فرص العمل في البلدين تصل قيمتها الى 300 مليون دولار منها في مجال النفط واستخراج النيكل والاتصالات والسياحة، والمشروع الاضخم الذي تم توقيعه هو مد كوابل للاتصالات تحت البحر بين البلدين.
الا ان ذلك لا يعني ان فنزويلا تعيش وضعا اقتصاديا مريحا، اذ اعلن الرئيس الفنزويلي اوغو تشافيس منذ تفاقم الازمة الاقتصادية العالمية عن عدة تدابير وقرارات مهمة لمواجهة انعكاساتها منها تخفيض المصاريف والديون بنسبة 6،7 في المئة، ووصلت الى 102 مليار دولار. لكنه لم يخفض الميزانية العامة عن 72.738مليار دولار رغم تراجع اسعار النفط الذي تعتمد فنزويلا على ايراداته عند اقرار ميزانيتها كل عام والتخطيط لمشاريع على كل الاصعدة.
وزاد الوضع الاقتصادي سوءا في كوبا، لذا قررت الحكومة اتخاذ اجراءات توفير صارمة فاقفلت الصيف الماضي عددا كبيرا من مطاعم العمال والموظفين التابعة للوزارات.
وتتوقع حكومة الكوبية تراجع حجم الدخل القومي الاجمالي لعام 2010 كما كان الحال عام 2009 مقابل ارتفاع حجم الاستهلاك الشخصي حتى الـ3،4 في المئة وزيادة نسبة العجز في الميزانية حتى ال4،8 في المئة مع انخفاض حاد جدا للصادرات بنسبة 2،1 في المئة وثبات حجم الورادات، فالكوارث الطبيعية في عامي 2008و209 اثرت سلبًا على قطاع الزراعة والسياحة.
وفي الـ 24 من شهر شباط (فبراير) الماضي اعلن الرئيس الكوبي راوول كاسترو بامتلاك الفرد لاجهزة تقنية متطورة بعد منح اذونات لعدد من التجار لاستيراد وبيع الهاتف النقال، الا ان ثمنه يجب ان يدفع بالعملة الصعبة. وبعد فترة سمح باستيراد اجهزة الكمبيوتر.
ومشكلة السوق المالية الاميركية اثرت كثيرًا على كولومبيا البلد الشريك للولايات المتحدة، حيث تجمعهما شراكة عسكرية وتجارية مهمة، لذا شهد هذا العام تراجعًا للطلب الاميركي على الثروات الطبيعية الكولومبية، واذا ما تواصل التراجع فإنه يهدد النمو الاقتصادي الكولومبي ويزيد من الركود الاقتصادي الذي ادى الى تزايد الفقر، وظهور مؤشرات تراجع الاستثمارات الاميركية هناك. الحدث السيئ ان كل طلبات القروض الاميركية لكولومبيا قد جمدت كما جمدت معاهدة التجارة الحرة بين البلدين. وما زاد قلق كولومبيا هو تراجع اسعار الالومنيوم والبلاتين وهي من المصدّرين له.
ولقد دفع تفاقم الازمة الاقتصادية العالمية الى اعلان البرازيل كما فنزويلا للمرة الأولى عن املهما بان تبادر الادارة الاميركية الجديدة لاتخاذ اجراءات سريعة لمواجه الازمة المالية العالمية، اذ ان جزءًا كبيرًا من نفط البلدين تشتريه الولايات المتحدة الاميريكية رغم تهديد الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيس بقطعه عنها.
ولقد نصح كارلوس سليم المليونير اللبناني الاصل الذي هاجر منذ عقود الى المكسيك بلدان اميريكا الجنوبية بان تقوي اسواقها الداخلية وتتوجه الى استثمار الاموال في انشاء الطرقات وتطوير البينة التحيتة وتأسيس مصانع انتاجية صغيرة ومتوسطة وخلق اماكن عمل، لانها الوسيلة الانجح لمواجهة اي انتكاسات اقتصادية مقبلة.
لكن من جانب آخر شهد عام 2009 توقيع عدة بلدان في اميركا اللاتينية عقود شراء اسلحة بكميات ضخمة، بهدف رفع قدرات جيوشها القتالية، ويريد بعضها عقد صفقات اسلحة مع جهات متعددة كي لا يكون مرهونا لبلد محدد.
اذ ابرمت البرازيل صفقات اسلحة مع فرنسا بعد رصدها ل2،750 مليار دولار، ووقعت عقودا بالاحرف الاولى خلال لقاء الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بالرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا في العاصمة البرازيلية الصيف الماضي. وبناء على اتفاق فرنسي برازيلي اضافي سوف يصنع جزء من المعدات العسكرية في البرازيل.
ولقد بدأت المصانع الفرنسية ببناء اربع غواصات و50 طوافة ضخمة للنقل واربع غواصات بحرية من طراز سكوربين الهجومية من بينها غواصة نووية من المنتظر ان تسلم مطلع عام 2013.
ووقع الرئيس الفنزويلي تشافيس خلال رحلاته الى فرنسا وروسيا عقودا كثيرة منها لشراء غواصات نووية. كما حصل على قرض ضخم من روسيا بقيمة حوالي 2،7 مليار دولار لشراء 92 دبابة روسية من طراز بي 72 وانظمة دفاعية ومنصات لاطلاق الصواريخ. وانتهت زيارته الى طهران نهاية الصيف الماضي بتوقيعه مع الرئيس الايراني احمدي نجاد على مجموعة من الاتفاقات من اجل توسيع التعاون الاقتصادي والانتاجي من بناء معامل لانتاج الحليب في فنيزويلا وحتى اقامة ماركة نفطية واحدة لم يعلن عن تفاصيل لها.
وفي لعام 2009 فجر الرئيس الفنزويلي تشافيس اول قنبلة ضخمة في وجه الاستثمار الغربي اعلن عن التاميم شركات الاسمنت العاملة في بلاده، ما انعكس سلبًا على الوضع الشركات الاجنبية وحكومات المكسيك وفرنسا وسويسرا التي تملك جزءًا فيها.
تبع ذلك تحقيق فنزويلا نصرا كبير، حيث حكمت محكمة في انجلترا التي نظرت في قضيتها ضد الشركة الاميركية العملاقة وغاليس لصالحها، وعليه لم يسمح للشركة الاميركية بتجميد 1200مليون من اموال الشركة البترولية الفنزويلية الوطنية في الولايات المتحدة وغيرها من البلدان. وكان التجميد قد تم في ال 24 من شهر كانون الثاني( يناير) عام 2008 بناء على طلب من الاكسون موبيل وهي اكبر الشركات في العالم ضد شركة النفط الفنزويلية.
ولم يكد العام يشارف على نهاية حتى اعلنت منظمة الدول الاميركية عن المجاعة المتفشية في غواتيمالا.
فحسب بياناتها هناك اكثر من نصف مليون انسان يعاني من الجوع والفقر المدقع( عدد السكان 12.700 مليون)، واكثر من 500 شخص يتعرضون شهريًا الى انتكاسات صحية نتيجة عدم توفر الطعام لهم ويموت شهريا 20 طفل على الاقل بسبب الجوع. ولقد دفع هذا الوضع الخطير برئيس الجمهورية الغواتيمالي البارو كولوم الى مطالبة الجمعيات الدولية في الاسراع بتقديم العون لبلاده.
ومن المعاهدات التي وقعت قبل نهاية 2009 كانت بين البرازيل وبوليفيا وتشيلي، حيث وقع الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا والتشيلية ميشل باتشيلات والبوليفي ايفو موراليس في العاصمة البوليفية على اتفاق بناء ممر تجاري بحري تستفيد منه البلدان الثلاثة يصل المحيط الاطلسي بالمحيط الهادئ واخر لانتاج الطاقة.
وحسب المخطط له سوف يبدأ الممر من المرفأ البرازيلي دي سانتوس ليمر في بوليفيا وينتهي في بحر اريكا في تشيلي، مع روافد له ستبنى لربط مناطق اخرى بهذا الممر.
التعليقات