اعتدال سلامه من برلين: منذ أكثر من 15 سنة، بدأ المرضى العرب، وخصوصاً في الخليج بالمجيء إلى إلمانيا للعلاج، بعدما أداروا ظهورهم للولايات المتحدة، نتيجة التعقيدات في الحصول على تأشيرات دخول للعرب إليها، عقب العملية الإرهابية التي هزّت نيويورك في الحادي عشر من أيلول(سبتمبر) عام 2001، كما تخلى الكثيرون عن بريطانيا بسبب أعمال النصب والاحتيال التي تعرضوا، لها خاصة الخليجيين.

وكان هذا مكسباً كبيراً بالنسبة إلى الأطباء في ألمانيا في كل المجالات والمستشفيات أيضاً، التي خصصت عاملين يتحدثون اللغة العربية، بهدف تسهيل التعامل مع المريض الذي لا يتحدث الانجيليرية.

وبقيت الحال تسير على مايرام، والفواتير تدفع بانتظام، إلى أن حلّت الأزمة المالية العالمية، والتي أثّرت بشكل خاص على بلدان في الخليج العربي، ما جعل عدد المرضى يتراجع، ويمتنع البعض عن الدفع، وتتراجع أرباح قطاع الطب الألماني.

إلا أن المشكلة الأكبر وقعت عندما واجهت إمارة دبي الكارثة المالية الكبيرة، فانعكس ذلك على المرضى الذين يعالجون في ألمانيا، وترك بعضهم المستشفيات دون تسديد فواتير العلاج، خاصة من أتى مباشرة على حسابه، وتصل إلى الملايين.

ويشكو حالياً الكثير من المستشفيات من هذا الأمر، فإداراتها لا تعرف لمن تتوجه من أجل تحصيل تكاليف العلاجات، وهي باهظة. وفي هذا الصدد، قال مسوؤل في مستشفى الجامعة في دوسلدورف لـquot;إيلافquot;، فضل عدم ذكر اسمه، أن الأطباء بدأوا يترددون في قبول مرضى عرب، لأن الثقة بأنهم سوف يسددون ما يترتب عليهم من تكاليف تراجعت.

إلا أنه أضاف بالطبع أن المرضى من إمارة دبي أو بقية بلدان الخليج من الزبائن المميزين كانوا يدفعون للمستشفيات والأطباء فوراً سيولة، وليس تحويل، لكن منذ أزمة إمارة دبي صدمنا بتهربهم من الدفع. وذكر بأن ليس فقط مستشفى الجامعة في دوسلدورف تشكو من ذلك، بل العديد من المستشفيات الألمانية، وإذا ما دفع المريض فإنه لا يسدد كامل الفاتورة. لذا سوف تطالب مستشفيات الآن المريض الأجنبي بأن يدفع جزءاً من علاجه قبل دخوله المستشفى، وإذا ما تهرب بعدها عن الدفع، فإن الخسارة تكون أقل.

ويؤكد ذلك ما صرحت به سوزانه دوبهايد المتحدثة باسم مستشفى الجامعة في دوسلدورف، التي قالت إن التهرب من الدفع غير محصور بمرضى عاديين، بل ببعض المرضى الأغنياء من الخليج العربي، فيسافرون من دون دفع الفواتير، ما سبب تراكماً في حجم تكاليف العلاجات غير المدفوعة. وهذا له أسباب مختلفة، فالبعض يقع في مشاكل للدفع، لكن الأمر في الدرجة الأولى يتعلق بأخلاقية المريض لدفع ما يترتب عليه.

وتشكو مستشفى Eppendorf في مدينة هامبورغ من مشكلة أخرى، فحسب قول الدكتور ماتياس غويان، الملفت أن إدارة المستشفى تشكو بالتحديد من عدم دفع مرضى أغنياء وشيوخ من الخليج، وخاصة من المملكة العربية السعودية، لفواتير العلاج أو يكتفون بدفع جزء فقط، ولم تسدد حتى الآن فواتير بقيمة مليون يورو تقريباً عام 2009، وتسعى الإدارة إلى الحصول على هذا المبلغ لكن دون فائدة. ويتساءل الدكتور غويان عن سبب عدم الدفع أو المماطلة في الدفع أو التهرب منه، فالأمر هناك لا يتعلق بالأزمة المالية. ولكي لا تواجه مستشفى Eppendorf مشاكل في الدفع مستقبلاً، سوف تطالب المريض الأجنبي بدفع الجزء الأكبر من تكاليف العلاج قبل المباشرة به.

وكانت هذه المستشفى قد اجتذبت المرضى الخليجيين قبل أعوام، فامتلأ صندوقها بسبب معالجتها للمئات منهم، حتى إنها خصصت جناحاً لهم، ووفرت كل ما يحتاجه المريض الخليجي والمسلم، من قاعة صلاة وحتى قنوات تلفزيونية عربية، إضافة إلى مترجمين. والآن، وكما هو حال عدد من المستشفيات الألمانية، أصبح الروس هم المرضى المفضلون، لأنهم يدفعون من دون مشاكل، ويحتلون الصدارة من حيث المرضى المحببين لدى الأطباء والمستشفيات في ألمانيا.

وبناء على بيانات رسمية، فإن من بين كل واحد من سبع مرضى يعالجون على حسابهم في ألمانيا، واحد لا يسدد الفاتورة، ومن بينهم عدد كبير من العرب، لذا تصل الخسائر إلى الملايين. والمشكلة الأخرى التي يعانيها الأطباء تكمن في أن المرضى العرب يحاولون تخفيض تكاليف علاجهم حتى الـ60 %.