على مدار أكثر من أربعين عاماً، مال علماء الاجتماع الذين يحققون في أسباب الفقر إلى معالجة التفسيرات الثقافية مثل اللورد فولدمورت، على اعتبار أنه لم تكن هناك حاجة إلى تحديدها.

القاهرة: كان التحفظ إرثاً للمعارك القبيحة التي اندلعت بعد أن قام دانيال باتريك موينيهان، وقت أن كان مساعداً لوزير العمل في إدارة الرئيس ليندون جونسون، بعرض فكرة quot; ثقافة الفقرquot; على الجمهور في تقرير مذهل عام 1965.

وقد تم النظر إلى وصفه الأسر الحضرية السوداء، كما ظهر في تشابك لا مفر منه لعلم الأمراض الخاص بالأمهات غير المتزوجات والاعتماد على الرعاية الاجتماعية، على أنه ينسب أوجه القصور الأخلاقية المستديمة إلى المواطنين السود، وكأنه يلومهم على محنتهم وسوء حظهم. وأكدت في هذا السياق صحيفة النيويورك تايمز الأميركية في تقرير لها اليوم على أن تحليل موينيهان لم يفقد جاذبيته مطلقاً للمفكرين المحافظين، الذين نجحت حججهم في نهاية المطاف، حين قام الرئيس بيل كلينتون بالتوقيع على مشروع قانون عام 1996 لإنهاء الرفاهية كما نعرفها.

والآن، وبعد عقود زمنية من الصمت، بدأ يتحدث هؤلاء العلماء علناً عن قضية quot;ماذا تعرفquot;، مُسَلَِّمِين بأن الثقافة والفقر المستمر موجودان في سلة واحدة. ونقلت الصحيفة في هذا الشأن عن دوغلاس ماسي، عالم الاجتماع في جامعة برينستون، الذي جادل بأن موينيهان كان يوشى به ظلماً، قوله :quot; لقد وصلنا أخيراً إلى المرحلة التي لا يخشى فيها الناس أن يكونوا مخطئين من الناحية السياسيةquot;. وأردفت الصحيفة بتأكيدها على أن المناظرة القديمة هي التي قامت بتشكيل المناظرة الجديدة.

ولفتت النيويورك تايمز كذلك إلى أن الحضور قاموا في الاجتماع السنوي الأخير للجمعية الأميركية لعلم الاجتماع بمناقشة عودة المنح الدراسية الخاصة بالثقافة. وقالت إن علماء اجتماع شاركوا الربيع الماضي في مؤتمر للكونغرس عن الثقافة والفقر المرتبط بعدد خاص من مجلة quot;الحولياتquot;، وهي مجلة الأكاديمية الأميركية للعلوم الاجتماعية والسياسية. وأعلن التقديم الخاص بالمؤتمر أن quot;الثقافة بدأت تعود على أجندة أبحاث الفقر مرة أخرىquot;، وهو اعتراف بأنها لا يجب أن تزال بعد ذلك مطلقاً.
وخلال هذا المؤتمر، قال النائب عن الحزب الديمقراطي في ولاية كاليفورنيا، لين وولسي :quot; تلعب الآراء المتعلقة بالجذور الثقافية للفقر أدواراً هامة في تشكيل الطريقة التي يختار من خلالها المشرعون مواجهة القضايا المتعلقة بالفقرquot;. ثم أوضحت الصحيفة من جانبها أن تلك الطفرة التي تشهدها البحوث الأكاديمية تأتي كذلك في الوقت الذي وصلت فيه نسبة المواطنين الأميركيين الذين يعيشون تحت خط الفقر معدلاً هو الأعلى منذ خمسة عشر عاماً، بما يعادل 44 مليون مواطن أميركي.

وبالتزامن مع تلك الدراسات البحثية، بدأت تظهر تعريفات جديدة ومتنوعة للثقافة، وإن كانت جميعها مختلفة عن نموذج حقبة ستينات القرن الماضي: فعلماء الاجتماع يرفضون اليوم فكرة ثقافة الفقر الثابتة والمتجانسة. كما ينسبون السلوكيات والمواقف المدمرة للعزلة والعنصرية المستمرة وليس للطابع الأخلاقي الأصيل.

وفي غضون ذلك، قال روبيرت سامبسون، أستاذ علم الاجتماع في جامعة هارفارد الأميركية :quot; من الأفضل أن يتم فهم الثقافة على اعتبار أنها تفاهمات مشتركة. فقد قمت بدراسة عدم المساواة، وانصب التركيز على بنايات الفقر. وأعتقد أن السبب وراء تحول حي ما إلى ( مصيدة للفقر ) يرتبط أيضاً بالتصور الشائع للطريقة التي يفكر ويتصرف من خلالها الناس في المجتمعquot;. بينما نقلت الصحيفة في الختام عن البروفيسور ويليام يوليوس ويلسون، أستاذ الاجتماع بجامعة هارفارد، قوله quot; إن الثقافة هي الطريقة التي يقوم من خلالها الأفراد في المجتمع بتطوير صيغة تفاهم للطريقة التي يعمل من خلالها العالم، واتخاذ قرارات مبنية على أساس ذلك التفاهمquot;.