قبل شهر من حلول ذي الحجة، راحت اسعار الاغنام تشهد ارتفاعا ملحوظا في العراق. ويوما تلو الآخر صارت هذه الاسعار تقفز متصاعدة على ألسن رعاة الاغنام وتجار المواشي الذين ينتشرون في اغلب اماكن العاصمة بغداد، معتقدين ان هذه فرصتهم للحصول على ارباح تعادل ارباح الاشهر الاخرى من السنة ، حيث يعد المواطنون ذبح الاضاحي من الواجبات الشرعية والاجتماعية.
بغداد: ثمّة اختلاف بسيط في اسعار الخراف بين منطقة واخرى في العاصمة بغداد لكن القاسم المشترك بين الجميع ان الاسعار في تصاعد خلال الايام التي تقترب من تأدية الحجاج في الديار المقدسة لواجباتهم وطقوسهم ، فحين سألنا عن الأسعار في الايام الاخرى وجدناها ارتفعت نحو 25 الف دينار زيادة (نحو 20 دولارا) يوميا ، ثم ان هناك فروقا في الاسعار ما بين الاحجام ، وكذلك بين الذكر والانثى ، فالخروف سعره غير سعر النعجة ، وبالتأكيد سعر الخروف غير سعر الحمل ، والحجة في ذلك لا يمكن الاقتناع بها وهي ليست سوى استغلال فرصة .
عند شاب يجلس امام مجموعة من الاغنام على الرصيف في منطقة حي العامل، كان احد المواطنين يتفاوض معه حول رأس خروف ولم يتفقا كما يبدو. الأسعار مختلفة لعدد من الخراف التي لديه، حيث تجاوزت الـ (300) الف دينار عراقي ، نحو (265 دولارا). واشار الشاب الى نعجة لا تزن ربما سبعة كيلوغرامات وقال ان سعرها (220 الف دينار) اي نحو (200 دولار) !!، ورفض ان يقلل من السعر دينارا واحدا ، وبرر الزيادة تارة بغلاء اسعار الاغنام في الاصل وتارة بشحة الاغنام في موسم عيد الاضحى ، وتالثة بعدم توفر الاعلاف وغلاء اسعارها. يقول المواطن جاسم ابو الهيل : quot;كنت اتفاوض معه حول خروف لا عيوب فيه كون الاضحية لابد ان تكون سليمة ، ولكنه اعطاني سعرا اغلى من سعر يوم امس حيث كنت مررت به واعطاني سعرا اقل من سعر اليوم ، وكنت قد طلبت منه ان اشتري الخروف ويبقيه عنده الى يوم العيد ولكنه رفض ، ولا اعرف ما الذي تغير سوى انه عرف ان اقبال الناس سيزدادquot; .
واضاف ابو الهيل : quot;قبل شهر كنت اجيء واسأل من اجل شراء اضحية لوالدي وكانت الاسعار جيدة ، ولكنها الان ازدادت ، وقال ايضا انه ذهب الى مناطق قريبة لكن الاسعار متشابهة .ذهبنا الى قصاب كان يبيع لحومه في الهواء الطلق على ناصية في حي السلام ، وسألناه عن اسعار اللحوم فقال : في كل موسم لعيد الاضحى يبدأ التجار ومربو المواشي والرعاة موجة الغلاء ونحن نتضرر بسببها لان اسعار اللحوم هي الاخرى ترتفع وهناك الكثير من المواطنين يمتنعون عن شراء اللحوم ، اما هؤلاء التجار الصغار فهم يريدون الاستفادة من الموسم وعذرهم انهم يوفرون الاعلاف يوميا الى ان تباع اغنامهم قبل ايام من العيدquot; .
وفي مكان خارج حدود مدينة (البياع) انتشرت اعداد كثيرة من الاغنام في مكان يسمى بـ (الجوبة) وهي تسمية شعبية لسوق بيع الاغنام ، كانت الحركة قليلة حيث يرى المواطنون ان الاسعار غير متوقعة وان البعض منها وصل سعرها الى اكثر من (400 الف دينار) اي نحو (350 دولارا). فهم لا يستطيعون عليه ، لكنهم سيضطرون كون هذه المناسبة هي الاولى بالنسبة للمتوفى حتى ان استدانوا ، حيث اشترى أحدهم قبل شهر خروفا سمينا بسعر (270 الف دينار) اي (نحو 220 دولارا) .
احد باعة الاغنام يدعى مجيد كاظم : quot;ليس غريبا ان ترتفع الاسعار فالناس لا تأتي لشراء الاغنام الا في مثل هذه الايام من كل عام اما باقي الايام فليست مميزة ، لذلك يشعر التجار الصغار من امثالنا ان هذه فرصة لهم ما دامت السوق تعتمد على مبدأ العرض والطلب ، الان يوجد طلب على الاغنام ومن الطبيعي ان ترتفع الاسعار .واضاف : واريد ان اقول ايضا ان في مثل هذه الايام من موسم الحج يزدهر تهريب الاغنام الى دول الجوار التي تجد فيها ارخص بكثير من الاسعار لديها ، كما يأتي تجار من اقليم كردستان لشراء الاغنام بأعداد كبيرة وهذا يؤثر في السوق بالاضافة الى اننا نتحمل اسعار العلف الذي نوفره للاغنام طوال الوقت الى ان يأتي أحد ليشتري ، والعلف هذه الايام غال ايضا ونحن لدينا عوائل ولابد ان نعيش فهذا هو عملنا !!quot;
وقال اخر يدعى سليم حمدان: quot; اغلب الاغنام التي تراها في المناطق الشعبية هي من تربية ناس بسطاء يريدون ان يعيشوا وهم ليسوا تجارا كبارا ولا رعاة ولا مزارعين ، هم يربونها في بيوتهم وتتكاثر واكثرهم يستغل ذلك لعدم وجود عمل كما انهم يستغلون عيد الاضحى لتحصيل ارباح . واضاف أن هؤلاء هم الذين يحافظون على الثروة الحيوانية افضل من غيرهم ، فالمزارعون في القرى والارياف لم يهتموا بتربية الاغنام كما في السابق بسبب قلة العلف وعدم وجود ظروف مناسبة مثل قلة المياه ، فتجد المزارع حائرا هل يربي الاغنام ام يهتم بزرعه ، وهناك الكثيرون منهم هاجروا الى المدن !!quot;.
التعليقات