وصف رجل الأعمال السعودي محمد بن فهد الحمادي، العصر الحديث بأنه عصر العولمة الاقتصادية، الذي تنفتح فيه الاقتصاديات على بعضها، مفيداً أن الشركات الدولية تجد أرضاً خصبة لها في الدول الناشئة كدول الخليج العربي، ما يعني ضرورة أن تخطط المؤسسات والشركات المحلية العائلية لمنافسة شرسة بميزان غير متكافئ من قبل الشركات الدولية العظمى والتي تسعى جاهدة لتجد موطئ قدم لها في بلادنا.


الرياض: قال رجل الأعمال السعودي محمد بن فهد الحمادي لـ quot;إيــلافquot; إن ما تشكله الشركات العائلية من نسبة عالية في الاقتصاد الوطني والتي تصل إلى أكثر من 90 بالمائة من مجموع الشركات السعودية التي تعد أحد روافد الاقتصاد الوطني، موضحا أن الروابط العائلية الجيدة الصحية، من أهم العوامل التي تدفع بالشركات العائلية إلى النهوض والنمو حيث يعد الجيل الأول المؤسس نقطة القوة في عمل هذه الشركات غير أنه قد يتحول إلى نقطة ضعف في الجيل الثاني والثالث إذا لم تكن هناك مؤسسية لإدارة عملها.

ونوه بأنه لابد من العمل قدر الإمكان على سلامة البناء وخيارات الاستمرار بهدف تطوير الشركات والمؤسسات العائلية وتحسين قدرتها على المنافسة ومواجهة التحديات الاقتصادية والاستفادة من الفرص.

وقال محمد الحمادي، إن الشركات العائلية هي النواة الأساسية التي بدأ منها أغلب الشركات حول العالم ؛ ثم تحول بعضها بعد ذلك إلى أشكال أخرى من الملكية ، كما أنها تمثل نسبة كبيرة من شركات العالم ؛ ففي الولايات المتحدة يصل عدد الشركات العائلية إلى نحو 20 مليون شركة تمثل نحو49% من الناتج القومي . وفي دول الاتحاد الأوروبي تمثل هذه الشركات ما بين 70-95% من إجمالي الشركات الموجودة وتصل نسبة مساهمتها إلى نحو 70% من الناتج القومي لدول الاتحاد . وفي المنطقة العربية تمثل هذه الشركات نحو95% من إجمالي الشركات وتسهم بنحو 70 % في الاقتصاد العربي بإجمالي أصول تزيد علىمليار دولار . وفي منطقة الخليج العربي تسيطر الشركات العائلية على 95% من حجم النشاط التجاري في المنطقة.

وبين أن أوجه استثمارات الشركات العائلية، تغطي كافة مجالات الاستثمار ؛ فقد بين تقرير سابق أن 72% من الشركات العائلية العربية تنشط في قطاع التجزئة والقطاع الاستهلاكي ، 48% منها يعمل في قطاع البناء والعقارات ، 32% يعمل في القطاع الصناعي ، 12 % ينشط في قطاعات الطاقة والمواد الكيميائية . إضافة إلى هذا أظهر التقرير أن 60 % من هذه الشركات عازمة على تنويع أعمالها بالدخول في قطاعات جديدة ، هذا فضلا عن الاستثمارات غير المباشرة لهذه الشركات في مجالات متعددة من خلال حصص الأقلية وصناديق الاستثمار .

وأضاف الحمادي، أن استثمارات الشركات العائلية كانت ولا تزال ملجأ للحكومات في أوقات الأزمات تستعين بها على تمويل المشروعات العملاقة ومشروعات البنية التحتية ، ولا تزال الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص مدار اهتمام الطرفين ما يلقي على الشركات العائليةعبئا تنمويا كبيرا .
ولخص المخاطر التي تحفّ بمستقبل الشركات العائلية، في أنه إن لم تتم تسوية أوضاعها وهيكلتها بالشكل المناسب ؛ فقد أظهرت دراسات عدة أن سبعا من أصل كل عشر شركات عائلية تفشل في تنفيذ عمليات الانتقال إلى الجيل الثاني ، فيما لاتصل إلى الجيل الثالث إلا واحدة من كل عشر شركات .

ومع ذلك يعتقد الحمادي أن الشركات العائلية مواجهة بعدة مخاطر قد تؤدي إلى انهيارها، وبالتالي التأثير السلبي في الاقتصاد الوطني، داعيا مجتمع الأعمال والجهات الرسمية إلى التعاون لوضع خطط تحافظ على كيانها، من خلال العمل على التخطيط الاستراتيجي لمستقبل أعمالها، مع وضع الهيكل التنظيمي الواضح والمدروس، بالإضافة إلى تأسيس مجلس إدارة فاعل يأخذ زمام القيادة، ويعبر بها إلى برّ الأمان.

وعدّ الحمادي تطوير الأعمال إحدى أهم الأدوات لتحقيق نهضة حقيقة وتنمية مستدامة في أي شركة عائلية سواء كان ذلك في المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص أو دول الخليج العربي على وجه العموم، مشيرا إلى الحاجة الماسة لمهارات وخدمات تطوير الأعمال لتحقيق نجاح مستدام لهذه الشركات العائلية.

ولذلك أرى أن أفضل وسائل الوقاية وضمان استمرار المؤسسات والشركات العائلية هو تحولها إلى شركات مساهمة الأمر الذي قد يكسبها مزايا إضافية تشجيعاً للشركات لتحولها إلى شركات أموال مساهمة محدودة المسؤولية وفق قانون الشركات والذي لابد أن يتضمن تعديلات بإضافة نوع جديد من الشركات تسمح بتحول كيانات الشركات العائلية إلى شركات مساهمة مغلقة.

وبالتأكيد فإن تحول الشركات إلى شركات أموال يمنحها القدرة على المساهمة في امتصاص المدخرات خلال استخدامها في سوق الأوراق المالية ثم يرفع مساهمة المدخرات في الاقتصاد الوطني مع ضرورة الفصل بين الإدارة والملكية من خلال وجود مجلس إدارة منتخب والقدرة على الاستمرار بعد وفاة المؤسسين وإمكانية الحصول على التمويل بما يسمح بعمليات التوسع والاستفادة من نسبة الأرباح المخفضة على الأرباح ونسبة الضرائب المخفضة ومسؤولية محددة للمساهم بنسبة مساهمته في الرأسمال.

ورأى الحمادي أن ما تحتاجه الشركات العائلية لتلافي النقاط السلبية هو إعداد ميثاق للشركات العائلية يتضمن التفاصيل المتعلقة بالإدارة وخطة تداول سلطة الإدارة بما يكفل انتقال الشركة للأجيال المتعاقبة بصورة سلسة إلى جانب وضع لوائح داخلية لضبط إيقاع العمل في الشركة من خلال عدد من الضوابط التي تنظم العلاقات والإجراءات.

ويعتقد الحمادي أن العمل على تطوير الشركات العائلية بالشكل الذي يواكب مستجدات العصر ويجعل منها رافدا مهما ومواكبا لإحداثيات الاقتصاد العالمي والمحلي الجديد المترابط، يحتاج إلى النظر في التحديات التي تواجهها، أهمها الحصول على الائتمان والخلافة والمأسسة والاستمرارية وأن تطوير عملها ليس عملية قانونية وحسب بل يتناول الجوانب الإدارية والتشغيلية للمؤسسة ويتطلب تغيرا في ثقافة العمل وهو التحدي الأكبر ضمن رؤية واضحة للمستقبل تضمن مشاركة واسعة للعائلة وللمستفيدين من المؤسسة.

وأفاد الحمادي أن التحول في الشكل القانوني للشركات ومؤسسات الأعمال التي تشكل الشركات العائلية لا يفترض التحول إلى شركة مساهمة عامة وحسب وإنما يحتاج أيضا إلى تطوير البنى والممارسات الإدارية وتطوير بنية التقارير المالية بما يساعد مالكي الشركةعلى إدارة المخاطر ودراسة البيانات المالية ووضع نظام إداري مالي يتيح للإدارات معرفة المركز المالي للمؤسسة ولاسيما مع ازدياد متطلبات الجهات الناظمة للقطاع المالي.

وبين حصرية أهمية الشركات والمؤسسات العائلية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والاعتماد عليها في الانطلاق نحو مجتمع وعالم الأعمال.

وقدم الحمادي رؤية مهمة من أهم ملامحها، تأهيل الجيل الثاني من العائلة عبر التحصيل العلمي واكتساب الخبرة اللازمة بما يضمن استمرار الشركة ونجاحها مشيراً إلى أن أهم عوامل نمو الشركات العائلية واستمراريتها العمل وفق رؤية جديدة وعمق في طرح التحديات ومن ثم وضع الحلول والمعالجات المناسبة لها.

ودعا إلى ضرورة وضع خطط واستراتيجيات تنظم العمل العائلي وديناميكية الأسرة والخلافات التي قد تنشأ بين أفرادها واستعراض تجارب عملية لشركات عائلية من سورية وقطر والتبدلات الاقتصادية والتحولات في ظل تنوع الأعمال وتعددها وورشة عمل تفاعلية حول الاختبار الحقيقي لنجاح العمل العائلي واستعراض تجربة المرأة في العمل العائلي وسياسة الخروج وإدارة الثروة والتحول إلى شركة مساهمة إلى جانب بحث النمو والاستثمار المؤسساتي وصناديق الاستثمار الخاص وأسس ومبادئ العمل الاستشاري في الشركات العائلية.