أكد التقرير الوطني الثاني للأهداف الإنمائية للألفية 2010 أنه على الرغم من أن الأهداف العامة للألفية قد تحققت، أو في طور تحقيقها إلا أنه مازالت هناك تحديات ماثلة في سبيل التحقيق الكامل.


عمّان: أطلق الأردن رسميا اليوم التقرير الوطني الثاني للأهداف الإنمائية للألفية 2010، تحت شعار الوفاء بالوعد وتحقيق الطموحات، بحضور رئيس الوزراء مندوبا عن الملك عبد الله الثاني. وأعد التقرير وفق نهج تشاركي مع كافة الجهات المعنية حيث وصل عددها إلى أكثر من 80 جهة، تمثل القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني والأمم المتحدة ومنظماتها الإقليمية والعاملة في الأردن، ومن خلال برنامجها الإنمائي.

وكان الأردن من أوائل الدول التي عملت مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على إدماج أهداف وغايات الألفية في الخطط والبرامج الوطنية بالإضافة إلى وضع آلية لقياس مدى التحقق من خلال تبني مؤشرات قياس الأداء في هذا المجال، وقد طبق ذلك في البرنامج التنفيذي التنموي للأعوام 2011-2013، والبرامج التنفيذية التي سبقته.
وشخص التقرير بأسلوب علمي دقيق الواقع ونقاط القوة والضعف لأهداف وغايات الألفية، المتعلقة بالفقر والتشغيل والتعليم والمساواة بين الجنسين وتحسين صحة الأمهات وخفض وفيات الأطفال ومعالجة نقص المناعة المكتسبة والملاريا بالإضافة إلى القضايا المرتبطة بالاستدامة البيئة وتعزيز الشراكة من أجل التنمية، كذلك شخص التقرير أبرز التحديات التي تواجه الأردن في هذا المجال.

ونتيجة للانجازات التي حققها الأردن في التقدم باتجاه تحقيق أهداف الألفية ، فقد تم الإعلان خلال قمة الألفية التي عقدت في نيويورك في شهر أيلول الماضي عن اختيار الأردن وثمان دول أخرى من قبل الأمم المتحدة للاستفادة من برنامج تسريع تحقيق الأهداف الإنمائية، وسيتم التركيز على الهدف الإنمائي الأول في مجال الأمن الغذائي لأهميته.

التحديات الاقتصادية

وتميز الاقتصاد الأردني بدرجة عالية من الانفتاح دون الإخلال بالقواعد المتعلقة بالشفافية، والمساءلة، والحكم الرشيد وسن التشريعات التي تضمن بيئات ملائمة لاقتصاد ديناميكي، وبيئة مشجعة للاستثمار الخارجي ويتم التعامل مع مشاكل المديونية بحكمة متناهية كما تم تبني استراتيجيات اقتصادية فاعلة قائمة على الشراكة مع القطاع الخاص المحلي والخارجي والتحول تدريجياً نحو اقتصاد المعرفة.

وحقق الاقتصاد الأردني نتائج إيجابية خلال السنوات العشر الأخيرة تمثلت بمعدلات نمو مرتفعة مدعومة بنمو الصادرات الوطنية بنسبة كبيرة وتدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالإضافة، إلى ارتفاع وتيرة تحويلات الأردنيين العاملين في الخارج وانخفض الرصيد القائم للدين الخارجي ليصل إلى%21.7 من الناتج المحلي الإجمالي عام 2009.

ونما قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأردني نمواً ملحوظا خلال السنوات الأخيرة بفضل السياسات الموجهة لتعزيز بيئة الاستثمار، والشراكات مع القطاع الخاص المحلي والدولي. وكان من نتيجة ذلك أن زاد إسهام القطاع ليصل إلى 13% من الناتج المحلي الإجمالي و زادت نسبة انتشار الحواسيب، والهواتف المتنقلة ومستخدمي الإنترنت كما زادت تنافسية القطاع عالمياً.

وحقق الأردن إنجازات كبيرة وحيوية في مكافحة الفقر والجوع لا بحسب المعيار الدولي (دولار واحد لكل شخص يومياً( فحسب، وإنما وفق خطوط الفقر الوطنية فقد انخفضت نسبة السكان دون خط الفقر المدقع أكثر من النصف) 6.6 % عام 1992 إلى اقل من 1% عام 2008 ( .كما انخفضت فجوة الفقر وزادت حصة الفقراء من الاستهلاك الكلي، إلا أن معدلات المشاركة الاقتصادية الكلية والمشاركة الاقتصادية للمرأة 40.1 %) و 14.9 % على التوالي( لا زالت دون المستوى المطلوب كما أن معدلات البطالة عند الشباب والمرأة ndash; رغم انخفاضها ndash; لا زالت تمثل تحدياً كبيراً.

ورغم أن الهدف الإنمائي على المستوى الكلي قد تحقق إلا أن آثار الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية الحالية ستجعل من المحافظة على ما تحقق أمراً صعباً لاسيما وأن نسبة كبيرة من الأسر الأردنية قريبة من خط الفقر مما يجعل حركة الأسر من أعلى الخط إلى أسفله أمراً محتملاً.

وعلى الرغم من الشراكات الفاعلة والتشريعات الداعمة لبيئات اقتصادية واستثمارية ذات تنافسية عالية إلا أن هناك تحديات لا زالت ماثلة تتعلق بدرجة الانكشاف الاقتصادي، وارتفاع المديونية والآثار المحتملة للأزمة المالية والاقتصادية العالمية.

التعليم
وحقق الأردن الهدف الإنمائي العام في ضمان التحاق جميع الأطفال في التعليم من خلال توفير فرص التعليم الأساسي لجميع الأطفال في سن التعليم، كما أن جميع من يلتحقون تقريباً بالصف الأول لا يتسربون وينهون الصف الخامس الأساسي وانتفت تقريباً الأمية عند الأفراد من عمر 24- 15سنة، وتساوت معدلات الالتحاق والاستمرار في التعليم والقرائية بين الجنسين.

وعلى الرغم مما تحقق وأهميته إلا أن التحدي الأساسي يتمثل في المحافظة على ما تم إنجازه وبالتالي الاستمرار في السياسات وبرامج العمل الموجهة نحو توفير التعليم للجميع، والتركيز على نوعية التعليم، وإغلاق الفجوات المتبقية لا سيما في ضمان التحاق جميع الأطفال في التعليم واستمرارهم به وبخاصة الفتيات في محافظتي المفرق، وجرش ومن ثم الانتقال إلى حالة إنمائية متقدمة تركز على توفير التعليم النوعي للجميع لاسيما في ضوء تداعيات الأزمة المالية العالمية التي قد تدفع إلى تخفيض الإنفاق على التعليم سواء الإنفاق العام أم الخاص.

تمكين المرأة
وتم تحقيق الهدف المتعلق بالتعليم إلا أن الأهداف التي تتعلق بالتمكين الاقتصادي والسياسي للمرأة بحاجة إلى مضاعفة الجهود.
وحقق الأردن إنجازات كبيرة في كافة مؤشرات المساواة وحقق الشطر الأول من الهدف الإنمائي والمتعلق بتحقيق مؤشرات تعادل الجنسين في الالتحاق بالتعليم بكافة مراحله وأنواعه، باستثناء التعليم المهني، كما قطع شوطاً كبيراً في السعي لتحقيق الشطر الثاني من الهدف الإنمائي المتعلق بتمكين المرأة اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، وعلى الرغم من ذلك فإن تمكين المرأة سياسياً واقتصاديا لا زال تحدياً ماثلاً للعيان.

السياسات الصحية

وأنخفض معدل وفيات الأطفال دون الخامسة من العمر من 39 حالة لكل ألف مولود حي عام 1990 إلى 28 لكل ألف مولود حي عام 2009 ، أي بمتوسط انخفاض سنوي مقداره(0.55) وفاة لكل ألف مولود حي. وبناءً على ذلك فإن الأردن يحتاج إلى بذل جهود مضاعفة وحثيثة لخفض هذا المعدل بمتوسط سنوي مقداره 2.5 وفاة لكل ألف مولود حي لتحقيق هدف الألفية لعام2015 . أما إذا استمرت وتيرة الانخفاض السنوي بنفس المعدل الحالي ) 0.55 وفاة لكل ألف مولود حي( فإن الأردن لن يتمكن من تحقيق هذا الهدف بحلول عام 2015.

أما معدل وفيات الأطفال الرضع ) الوفاة قبل إكمال السنة الأول من العمر(، فقد انخفض من 34 حالة لكل ألف مولود حي عام 1990 إلى 23 لكل ألف مولود حي عام 2009بمتوسط انخفاض سنوي مماثل لانخفاض معدل وفيات الأطفال دون الخامسة من العمر أي بمقدار (0.55) وفاة لكل ألف مولود حي، لذا فإن الأردن بحاجة إلى المزيد من البرامج والتدخلات الإستراتيجية الهامة تركز على وفيات حديثي الولادة وأسبابها وعلى الفروقات الجغرافية، لخفض معدل وفيات الرضع بمتوسط سنوي لا يقل عن 1.95 وفاة لكل ألف مولود حي لبلوغ هدف الألفية بحلول عام 2015 .

وجاءت هذه الانجازات في خفض وفيات الأطفال والرضع نتيجة السياسات والبرامج الصحية في التأمين الشامل، والتطعيم الشامل الإلزامي للأطفال، وانتشار التعليم لدى الأمهات، إلا انه لا زالت هناك تحديات تتطلب سياسات وبرامج أكثر فعالية لا سيما في استهداف المناطق والفئات التي لا زالت فيها معدلات وفيات الأطفال مرتفعة.

صحة الأمهات
انخفض معدل وفيات الأمهات من 48 حالة لكل(100,000) مولود حي عام 1990 إلى 19 حالة لكل (100,000) مولود حي عام 2009 ، وتسارعت وتيرة الانخفاض خلال السنوات العشر الأخيرة، وعليه فإن الأردن سيحقق هدف الألفية بحلول عام 2015 ، 12 وفاة لكل (100,000) مولود حي، وربما يتفوق عليه إذا استمر معدل وفيات الأمهات في الانخفاض بنفس النسبة.
وهناك تفاوت بين المناطق في مؤشرات صحة الأمهات والصحة الإنجابية مما يتطلب إجراءات إضافية خاصة فيما يتعلق بنسبة استخدام وسائل تنظيم الأسرة والحاجة غير الملباة لتنظيم الأسرة.
وعلى الرغم من التقدم الملحوظ في كافة مؤشرات صحة الأمهات، إلا انه لا زالت هناك تحديات يجب التعامل معها بجدية لمواصلة التقدم في مؤشرات الصحة الإنجابية، كارتفاع معدلات النمو السكاني، وبطء الازدياد في نسبة استخدام وسائل تنظيم الأسرة، وثبات مؤشر الحاجة غير الملباة لتنظيم الأسرة، ويمكن للإستراتيجية الوطنية للسكان إذا ما نفذت بعناية أن تحدث نقلة نوعية مهمة في مؤشرات الصحة الإنجابية على المستوى الوطني.

وباشر الأردن مبكراً في تنفيذ البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز منذ ظهور أول إصابة عام 1986 ، كما يتم حاليا إعداد الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الإيدز للأعوام 2010 ــــ 2014، وركز البرنامج والجهود الوطنية اللاحقة في هذا المجال على الجانب الوقائي لا سيما أن 70 % من الحالات التي تم اكتشافها كانت لغير أردنيين، إلا أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار أن الإقبال على الفحص الطوعي للمرض قليل.

وحقق الأردن إنجازات كبيرة في هذا المجال سواء في السيطرة عليه أو الحد من الإصابة أو في الوقاية منه من خلال برامج التوعية والتثقيف، وعلى الرغم من ذلك فان بعض المؤشرات الحالية لا زالت مقلقة مما يتطلب إجراءات إضافية لا سيما في الجانب التوعوي للفئة العمرية الأكثر إنجابية )الشباب( وبخاصة الفتيات.

وحقق الأردن إنجازات صحية كبيرة في مجالات مكافحة الملاريا وانتشار التدرن الرئوي بفضل البرامج الوطنية الصحية، إلا أنه لا زالت هناك تحديات تتعلق بتكثيف حملات التوعية والوقاية، لا سيما في الفئات العمرية الأكثر عرضة، وكذلك في المناطق الأكثر تعرضاً.

وعلى الرغم من ذلك، فإن الأردن بحاجة إلى الاستمرار في برامجه الصحية الفاعلة، وفي تبني إستراتيجية صحية متداخلة القطاعات للتعامل مع الوضع الصحي في سياق اجتماعي، لا سيما مع ارتفاع معدلات الأمراض المزمنة التي تلعب أنماط الحياة فيها دوراً كبيراً، مثل السكري وأمراض القلب والشرايين والسرطان، والتي بدأت تشكل عبئاً متزايداً على نظام الرعاية الصحية.

الاستدامة البيئية
أولى الأردن الاستدامة البيئية اهتماماً كبيراً لما يواجهه من تحديات تتعلق بشح الموارد المائية، وانعكس ذلك في السياسات وبرامج العمل الوطنية الموجهة نحو السعي لتحقيق الاستدامة البيئية وفي الالتزامات الجادة التي أبداها الأردن للمواثيق والإعلانات العالمية بهذا المجال.

وعلى الرغم من التحسن الملحوظ في مؤشرات الاستدامة البيئية وبرامج العمل الجادة التي نفذت خلال السنوات الأخيرة لا سيما في الحد من هدر الموارد الطبيعية، والحد من خسارة التنوع البيولوجي وتحسين نوعية الخدمات إلا أن التحديات المرتبطة بالاستدامة البيئية، وتحديداً إدارة الموارد الطبيعية لا زالت ماثلة و تتطلب إجراءات أكثر فعالية ومن منظور مستدام لمواجهة الاحتياجات الناشئة عن التزايد السكاني، والاحتباس الحراري وارتفاع أسعار الطاقة، وانعكاسات الأزمة المالية المحتملة على تنفيذ بعض المشاريع الكبرى كمشروع ناقل البحرين)لنقل مياه البحر من البحر الأحمر إلى البحر الميت.)

الطريق إلى الأمام

وأكد التقرير إن تحليل مستويات الإنجاز لما تحقق في أهداف الألفية، وبرامج العمل الوطنية المرتبطة بهذه الأهداف، يشير بوضوح إلى الحاجة إلى سياسات وطنية واضحة ستعظم من احتمالية تحقق الأهداف الإنمائية للألفية.

وأوضح إن الدور القيادي للحكومة لتجديد الالتزام بالسعي الجاد لتحقيق أهداف الألفية، ووضعها في أولويات عمل الحكومة على المستوى الوطني والمحلي، هو أمر في غاية الأهمية وتستطيع الحكومة من خلال تحليل أسباب العقبات التي اعترضت أو ستعترض سبيل تحقيق الأهداف، سواء في البرامج أو التمويل، من اتخاذ القرارات المناسبة التي من شأنها ضمان ديمومة واستمرارية السياسات الموجهة للغايات الأساسية لأهداف الألفية.وأكد أهمية التركيز أيضا على أهداف الألفية كمشروع اجتماعي يتعدى مسؤولية الحكومة من خلال إشراك المجتمع المدني والأهلي.

وقد بقي 5 سنوات حتى عام 2015 يجب على الأردن خلالها التعامل مع الأهداف الثمانية جميعها من منظور كلي وذلك لان التقدم في أي منها يعظم احتمالية التقدم في الأهداف الأخرى للترابط والتداخل القائم بينها. ففي مجال الفقر يوصى بإتباع سياسة استهداف أكثر نجاعة من حيث توجيه برامج مكافحة الفقر المباشرة وغير المباشرة للفئات المستهدفة.

وفي مجال تعميم التعليم الأساسي، يجب التركيز على إغلاق الفجوة المتبقية في معدلات الالتحاق وتبني سياسات فاعلة للدمج الاجتماعي والتركيز على تطوير نوعية التعليم الأساسي.وفي مجال المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة هناك حاجة لاتخاذ إجراءات إضافية لاسيما في التمكين السياسي والاقتصادي للمرأة.وهناك حاجة للاستمرار في التوسع في الخدمات الصحية على أن يرافق ذلك حملات إعلامية وطنية تستهدف رفع مستويات الوعي والثقافة الصحية لجميع الأعمار ومن الجنسين.

وفي مجال الاستدامة البيئية هناك حاجة ملحة للتحرك الجاد وبقوة للحفاظ على الموارد الطبيعية والتنوع الحيوي وتنفيذ الاستراتيجيات والتشريعات الخاصة بالبيئة.وختاما فهناك حاجة لتكثيف الجهود لخفض المديونية واستقطاب مزيد من الاستثمارات وزيادة تنافسية الصادرات الوطنية، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص.