توافق قادة دول منطقة اليورو على آلية مساعدة مالية لليونان تلحظ أيضًا قروضًا من صندوق النقد الدولي. وقد خيّمت إدارة متاعب الموازنة اليونانية وانهيار سعر صرف اليورو على جانب كبير من أعمال قمة مكرسة رسميًّا لحفز النمو الاقتصادي الأوروبي خلال السنوات المقبلة.

بروكسل - وكالات:تواجه منطقة اليورو والعملة الأوروبية الموحدة اختبارًا صعبًا مع انعقاد قمة دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين في بروكسل بدءًا من مساء اليوم الخميس ولمدة أربع وعشرين ساعة. وقبل ساعات من انطلاق قمة للاتحاد الأوروبي في بروكسل، تصاعدت الشائعات بشأن تسجيل اتفاق ألماني فرنسي حول إدارة ديون اليونان، عبر تقديم قروض ثنائية لأثينا وإشراك صندوق النقد الدولي في ذلك. لكن انقسامات حادة عادت إلى السطح، بعدما أعلنت المفوضية الأوروبية ودول عديدة أخرى رفضها الصريح لتمكين صندوق النقد الدولي من أي دور محدد في إدارة شؤون منطقة الوحدة النقدية الأوروبية، وهو ما يعني علنيًا حصول واشنطن للمرة الأولى على حق النظر في التحكم في شؤون العملة الأوروبية.

ومنذ قليل، أظهرت مسودة اتفاق صاغتها دول منطقة اليورو اليوم أن منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي سيشتركان في عبء تقديم مساعدة مالية لليونان، إذا طلبتها أثينا، لكن منطقة اليورو ستتحمل الجانب الأكبر من العبء. وجاءفيالمسودة التي حصلت عليها رويترز، أن المساعدة لليونان من الدول الخمس عشرة الأخرى التي تستخدم اليورو ستأتي من خلال قروض ثنائية.

وأكّد متحدث باسم الحكومة اليونانية الخميس أن دول منطقة اليورو وافقت على خطة لمساعدة اليونان. وأوضح المتحدث جورج بتالوتيس في بروكسل أنّ quot;الخطة تلبّي متطلباتنا بالكامل ونحن نوافق عليهاquot;. لافتًا إلى أنه quot;توجد خطة جيدة جدًّا ستعلن خلال فترة قصيرةquot;، معتبرًا أنها رسالة استقرار، وسيكون لها تأثير إيجابي على الاقتصاد اليوناني.

في المقابل، ذكر مصدر دبلوماسي أوروبي على صلة بالإعداد لإعمال القمة أن ألمانيا إلى تتعرض لضغوط حادة من قبل شريكتها الأوروبية، تدفع في الواقع إلى تأجيل اتخاذ قرار محدد حول ديون اليونان خلال اللقاء الحالي، وإرجائه إلى ما بعد الانتخابات المحلية الألمانية المقررة ليوم التاسع من مايو/أيار المقبل. لكن غالبية الدول الأوروبية تريد قرارًا محددًا خلال الاجتماعات الأوروبية، بسبب حاجة اليونان إلى سداد مبالغ محددة من ديونها قبل نهاية الشهر المقبل.

وتواجه الدول الأوروبية إشكاليات متعددة الجوانب، تتعلق هذه المرة بصلابة منطقة اليورو كفضاء نقدي متجانس. وتبدو الخلافات جوهرية بين دول الشمال الأوروبي بزعامة ألمانيا ودول المتوسط الأوروبية بزعامة فرنسا التي تطالب بأن تحسم الحكومة الألمانية موقفها وتقدم دعمًا ماليًا محددًا وكافيًا لإنقاذ اليونان، خاصة على ضوء المخاطر التي تهدد البرتغال حاليًا، وأدت إلى تراجع غير مسبوق لسعر صرف اليورو، الذي بلغ أدنى قيمة له منذ أكثر من عشرة أشهر.

وتجري الاتصالات حاليًا، حسب المصدر الأوروبي نفسه، بشأن نقاط عديدة تتعلق بمدى استعداد اليونان بالتقدم بطلب رسمي بالحصول على الأموال الضرورية، وثانيًا مدى قبول ألمانيا بأن يتم تجاوز بعض معايير الاندماج النقدي التي تحول دون ذلك.
كما تطالب ألمانيا بإشراك صندوق النقد الدولي وفرض آلية رقابة على إدارة الأموال، التي سيتم إقراضها، وبألا تكون المسألة اليونانية حافزًا لدول أخرى في المثل للحصول على معاملة مماثلة.

وتعدّ هذه التناقضات رسالة سلبية لأسواق المال حاليًّا، كما إن بعض المصادر لا تستبعد أن تتوجه منطقة اليورو مستقبلاً للتعامل مع سرعتين متوازيتين، وحتى منفصلتين، الأولى تخصّ دول الشمال المتشبثة بصلابة نقدية صارمة، والثانية تتعلق بدول الجنوب الأوروبي التي تركز على آليات الخروج من الأزمة وتجنب انهيار أوضاعها الاجتماعية. وتتسبب هذه المضاربات في تهميش المشروع الأوروبي بتحديد إستراتيجية جماعية للخروج من الأزمة الاقتصادية، وتحول دون بلورة اتفاق على خطة طموحة، تمتد إلى غاية 2020 لحفز النمو في القارة، وهو الهدف الرئيس المعلن للقمة الأوروبية.

غايتنر: لليونان الحق في اللجوء لصندوق النقد
إلى ذلك، رأى وزير الخزانة الأميركي تيموثي غايتنر الخميس أن اليونان لها الحق في الاقتراض من صندوق النقد الدولي، لكنه عبّر عن الثقة في أن أوروبا ستجد حلاً لأزمة ديون اليونان. وفي إجابته على أسئلة أمام لجنة المخصصات المالية الفرعية في مجلس النواب الأميركي، قال غايتنر إن أوروبا ما زالت تعمل من أجل حل لمشاكل اليونان.

وأوضح أنّ quot;اليونان عضوة في صندوق النقد الدولي، ولها الحق في الذهاب إلى الصندوق واقتراض أموال، إذا كانت مستعدة للالتزام ببرنامج اقتصادي، يمكن أن يساعد في إخراجها من الأزمة. لكن أوروبا لم تتوصل بعد لاتفاق بشان كيفية حل هذه المشكلة. إنهم يعكفون على وضع حل. وهم لديهم القدرة على تصور حل يساعد اليونان على تجاوز هذا الوضع الصعب، وأنا واثق أنهم سيفعلون ذلكquot;.

المستشار النمسوي لا يتوقع قرارًا أوروبيًّا بشأن اليونان
من جهته، لا يتوقّع المستشار النمسوي فيرنر فايمان أي قرارات محددة بشأن مساعدة مالية لليونان في قمة الاتحاد الأوروبي ايوم الخميس. وخلال حديثهعن هامش القمة، قال فايمان إنه من السابق لأوانه اتخاذ قرارات بشأن أي مساعدة من صندوق النقد الدولي أو منطقة اليورو.

وتلحظ آلية المساعدة التي تطلبت مفاوضات شاقة منذ أيام عدة بين فرنسا وألمانيا، منح قروض لليونان quot;كحل أخيرquot;، في حال لم تتمكن من الاقتراض من الأسواق بفوائد منطقية لتمويل العجز الذي تعانيه. وسيساهم في هذه الآلية خصوصاً شركاء لليونان في منطقة اليورو، فضلاً عن قروض من صندوق النقد الدولي.

وقال مصدر دبلوماسي إن مقدار مساهمة هؤلاء الشركاء سيكون الثلثين، في حين يتكفل الصندوق الذي مقره في واشنطن الثلث المتبقي. ولن يتم اللجوء إلى هذه الآلية إلا عند الضرورة، علمًا أن وضعها موضع التنفيذ سيتطلب موافقة دول الاتحاد الأوروبي بالإجماع. ولم يتم تحديد قيمة المبالغ، لكن مسؤولاً أوروبيًا رفيعًا قدر حاجات اليونان بما بين عشرين وثلاثين مليار يورو.