شهد القطاع العقاري في لبنان تقدمًا واضحًا على صعيد عدد الأمتار والمعاملات المسجلة في كانون الثاني/ يناير وشباط/ فبراير الماضيين، مما يستدعي استمرار موجة التفاؤل المحيطة بهذا القطاع، وفق إحصاءات نقابة المهندسين في بيروت، التي سجلت زيادة فيالأمتار المسجلة في شباط الفائت بنسبة 13 % مقارنة بالسنة السابقة.

بيروت: يرسم متعاملون في الشأن العقاري لوحة تفاؤلية وحذرة في الوقت نفسه لواقع القطاع العقاري في لبنان.. تفاؤل بالأسعار ومشاريع الاستثمار، وحذر حيال المضاربة وطمع أصحاب الأراضي. ويشيرون إلى استقرار الوضع منذ بداية العام الحالي، من خلال النتائج المحققة في الشهرين المذكورين (يناير وفبراير)، وكذلك من خلال الأشهر الستة الأخيرة من 2009، وما شهدت من نشاط وحركة للقطاع العقاري.

واللافت أن حركة قطاع الشقق هي أبطأ من قطاع الأراضي المخصصة للبناء. ورغم ذلك فإن أسعار الشقق ارتفعت بين 5 و 10 % خلال الأشهر الأربعة الأخيرة، وهذا الوضع طبيعي، ويسير بوتيرة صحية، كما إنه تكملة للفورة العقارية التي يشهدها لبنان، مع ملاحظة أن الطلب ما زال خجولاً على الشقق، ويتناقض مع التهافت على شراء الأراضي. ويعود السبب وفق الخبراء إلى أن سوق الأراضي دخلته طبقة جديدة من المستثمرين والمضاربين، لجأوا إلى الاستثمار في العقار، بدل الإيداع في المصارف. فالعمليات الجارية هذه الأيام في هذا الشق، ينطبق عليها الطابع الاستثماري، بدل الطابع التطويري، وهذا ما يحدث منذ العام 2009. لذلك يتركز النشاط العقاري على الأراضي أكثر منه على الشقق.

ويتجلى هذا الأمر في فورة أسعار الأراضي التي يشهدها لبنان، وهي أسعار عالية، ليست محفزة بالطبع للمطورين العقاريين الذين يحجمون عن شراء الأراضي بالأسعار المطروحة. ذلك لأن المطور ينطلق من احتساب التكاليف، وعندما لا تكون الأسعار منطقية مقارنة بأسعار المخزون الموجود لديه من الشقق، فإنه يتراجع عن الاستثمار في عمليات البناء. ومن يشتري الأرض بالأسعار المطروحة حاليًا لا يقصد البناء بقدر ما يتطلع إلى استثمار غايته الربح، مما يؤدي إلى المضاربة.

وهذا مؤشر سلبي في القطاع العقاري، لأن من يبني سيقف متفرجًا حيال هذا المشهد، في حين يفترض أن تكون الأسعار متوازنة بين أسعار الشقق والأراضي، ومثال على ذلك عندما يباع سعر متر البناء المربع بـ 5000 دولار، فهذا يعني أن سعر المتر المربع المخصص بالبناء هو 1600 دولار، والحاصل اليوم أنه أكثر من 1600 دولار في المناطق التي يمكن أن يباع فيها متر البناء بمعدل 5000 دولار.

ويقول خبراء في أسعار العقارات إن الشقق الواقعة في الطبقة الأولى تبدأ حاليًا في بيروت بالحد الأدنى من 1500 دولار للمتر المربع في المناطق الشعبية، وصولاً إلى 7000 دولار في المناطق الواقعة على الواجهة البحرية، وترتفع بين 50 و 150 دولاراً للمتر مع كل طبقة ارتفاع. وهذا يجب أن يقابله سعر في الأراضي المخصصة للبناء بين 400 و 3000 دولار للمتر المربع القابل للبناء. ولكن يصعب العثور على أرض بسعر 400 دولار في المناطق الشعبية والضواحي، والمطلوب يزيد على ذلك بكثير، كما يصعب أيضاً إيجاد قطع أرض بسعر 3000 دولار في المناطق الواقعة على شاطئ البحر، بل إن السعر المطلوب هو 5000 دولار، والأمر نفسه ينطبق على وضع المناطق الأخرى الواقعة بين هذين الحدين الأرخص والأغلى.

فمثلاً الأراضي الواقعة على الواجهة البحرية التي يطلب فيها سعر 5000 دولار للمتر المخصص للبناء، وسيضاف إليه نحو 2000 دولار تكلفة بناء. وهذا يعني أن التكلفة الإجمالية هي 7000 دولار، ومعدل البيع سيكون 10.500 دولار، في حين أنه إذا كان سعر المتر 3000 دولار، يضاف إليه 2000 دولار تكلفة بناء، فإن معدل البيع لن يكون أكثر من 7500 دولار للمتر المبني. علمًا أن أعلى سعر متر أرض قابل للبناء هو 5000 دولار، وقد بيع في منطقة quot;سوليديرquot; المردومة.

ويلاحظ الخبراء أيضًا أن الإقبال ضئيل حاليًا على الشقق الكبيرة والفخمة التي تزيد مساحتها على 600 متر مربع، في حين أن الإقبال كثيف على الشقق الصغيرة والمتوسطة، أي التي تراوح مساحتها بين 200 - 400 متر مربع. ولكنهم يعتبرون في الخلاصة أن الوضع العقاري في لبنان لا يزال صحيًّا، وتحت السيطرة. فالمشاريع التي هي قيد التطوير تقارب 2.5 مليون متر مربع، وقد بيعت منها أكثر من 60 %، علمًا أن هذه المشاريع تستغرق ما بين سنتين إلى أربع سنوات لإنجازها.