عصام المجالي من عمّان: يبلغ عدد سكان الأردن حالياً حوالي 6 مليون نسمة، أي عشرة أضعاف ما كان عليه عدد السكان في العام 1952.
وكان هذا النمو في عدد السكان نتيجة لمعدلات النمو الطبيعية، التي تمثل التغير بين الإنجاب والوفيات، هذا إضافة إلى العوامل غير الطبيعية المتعلقة بالأحداث في المنطقة. ومن خلال البيانات المتوافرة، يمكن ملاحظة أن معدل النمو السكاني قد بلغ 4.8 % سنوياً في الفترة 1952ndash;1979، و4.4% في الفترة 1979ndash;1994، و2.5 % للفترة 1994-2004، إلى أن وصل أخيراً إلى 2.2 % عام 2009، وما زال هذا المعدل مرتفعاً مقارنة مع معدل النمو السكاني العالمي، البالغ 1.2 %.
ورتب النمو السكاني، الذي شهدته المملكة خلال النصف قرن المنصرم، ضرورة العمل على توفير الخدمات الأساسية للسكان، حيث دفعها ذلك للاستثمار في قطاعات الصحة والتعليم وخدمات البنية التحتية والإنفاق لأغراض النهوض بالاقتصاد الوطني، مما ساهم في تحقيق معدلات نمو اقتصادي، مكنت الأردن من استيعاب معدلات النمو السكاني وتطور الموارد البشرية الأردنية، نتيجة للقناعة التي رسخت أن الإنسان الأردني ليس غاية التنمية فحسب، بل هو هدفها وأداتها الرئيسة كذلك. خصوصاً في ظل محدودية الموارد الطبيعية، التي تعانيها المملكة، فكان الاستثمار في الموارد البشرية الأردنية أساس النهضة والنمو الاقتصادي في الأردن، حيث كان لهذا المورد الاقتصادي دور حيوي ومهم في بناء الاقتصاد الوطني.
ومن أهم ما يميز سكان الأردن أنه مجتمع فتي، تشكل الفئة العمرية (15-29) سنة ما نسبته 29% من إجمالي عدد السكان، حيث بلغت نسبة المشتغلون 38.2 % من إجمالي هذه الفئة، وبلغت نسبة الإعالة للفئة السكانية الواقعة ما دون 15 سنة وأعلى من 64 بحدود 64%، وهذا كله في الوقت الذي بلغ فيه معدل النمو السكاني بحدود 2.2 %، ومعدل الإنجاب 3.8 لعام 2009.
وكشف تقرير حكومي أن استمرار الزيادة في معدلات النمو السكاني ومعدلات الإنجاب سينعكس سلباً على الموارد الاقتصادية والخدمات المقدمة للمواطنين والازدحام في الطلب على الخدمات الصحية والتعليمية وخدمات البنية التحتية، وارتفاع في معدلات البطالة نتيجة لزيادة عدد الداخلين الجدد إلى سوق العمل بصورة مستمرة سنوياً، إذ لم يرافق ذلك نمو اقتصادي وتنمية تفوق في معدلاتها ومستوياتها النمو والزيادة السكانية، وهذا ما يصعب تحقيقه في ضوء محدودية الموارد الطبيعية في الأردن وزيادة النمو السكاني عن المعدل العالمي بنسبة كبيرة.
وأصدرت الحكومة الأردنية الإستراتيجية الوطنية للسكان 2000-2020، وذلك من أجل الوصول إلى أعلى درجات التوازن بين السكان والموارد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وتطوير مستوى الأسرة وتماسكها وتحسين الظروف المؤدية إلى تمكين المرأة وترسيخ قيم العدالة والإنصاف بين الجنسين وتعزيز وتطوير الصحة الإنجابية. وقد انطلقت هذه الإستراتيجية من أربعة محاور هي محور الصحة الإنجابية، ومحور العدالة والإنصاف بين الجنسين وتمكين المرأة، ومحور السكان والتنمية المستدامة، ومحور دعم وتنفيذ الإستراتيجية الوطنية للسكان.
وجرى أخيراً إطلاق وثيقة الفرصة السكانية في الأردن، حيث يتمثل مفهوم الفرصة السكانية عندما يكون نمو الفئة السكانية في أعمار القوى البشرية العاملة (الأفراد في أعمار 15 ndash; 64 سنة) بالتفوق بشكل كبير على نمو فئة المُعالين في أعمار دون 15 سنة وفوق سن 64 سنة، أي انخفاض معدلات الإعالة.
ويؤكد التقرير أن تحقيق واستثمار الفرصة السكانية والتحول الديموغرافي والتركيب العمري للسكان في الأردن خلال العقود المقبلة لتحقيق نقلة مهمة في تحسين مستوى ونوعية حياة المواطن، وزيادة معدلات التشغيل، والتمكين من تحقيق مستويات متقدمة من التنمية والحصول على وفورات اقتصادية في عدد من الجوانب، أبرزها في قطاعات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية، حيث من المتوقع أن يصل الأردن إلى تحقيق تلك الفرصة في العام 2030، كما وتستند تلك الفرصة على توجيه السياسات والجهود الوطنية نحو خفض معدل الإنجاب تدريجياً، ليصل إلى 2.5 عام 2017 (حسب المعدل المستهدف في الأجندة الوطنية) وإلى مستوى الإحلال 2.1 (أيضاً حسب المستهدف بالأجندة الوطنية) بحلول عام 2030.
وفي حال بقاء الأمور على حالها، وعدم تحقق الفرصة السكانية، فإن عدد السكان سوف يزداد بمعدلات، ستؤدي إلى زيادة عدد السكان عن 10 ملايين نسمة في العام 2030، مما سيشكل عبئاً على الخدمات المختلفة المطلوب توفيرها من قبل الحكومة. وبالتالي، فإن ذلك قد يؤدي إلى تراجع مستويات المعيشة وعلى مستوى الأفراد.
التعليقات