تارنا (النيجر): يشهد جنوب النيجر مجدداً أزمة غذائية خطرة، تؤثّر على السكان والقطعان، بعد موجة الجفاف الكبرى عام 2005، التي أدت إلى معاناة قاسية لدى السكّان.

وذكر عبدو غاربا أحد المزارعين في تارنا القرية الصغيرة في منطقة مارادي (وسط-جنوب) quot;نأكل مرة في اليوم، بدلاً من الوجبات الثلاث المعتادةquot;. وإلى جانب هذا الرجل المسنّ، يتشاجر أطفال على بعض فطائر الفاصولياء.

وفي العام 2005، كانت مارادي، التي تضم 20% من سكان النيجر، إحدى المناطق الأكثر تضرراً من المجاعة، التي عاناها حوالي 3,5 ملايين شخص، بسبب الجفاف، وتلف المحاصيل بسبب الجراد.

وهذه السنة، فإن نقص المياه يقف وراء المجاعة، التي تضرب دول الساحل، وخاصة النيجر. ويقول علي غالايدما زعيم تارنا quot;نحن وقطعاننا جائعون، إنها مأساة 2005 تتكررquot;. ويذكر أن الذرة البيضاء والذرة، والحبوب الأساسية quot;بدأت تنمو، ثم توقف الشتاء على مدى شهرين، وأدى الحر إلى إتلاف كل شيءquot;. والنتيجة أنه جرى تقسيم المحاصيل، ولم تحصد غالبية من المزارعين شيئاً.

وأوضح مامان غاربا، الذي لديه 18 ولداً quot;في الحملة السابقة، حصدت 30 حزمة من الذرة البيضاء مقابل 11 هذه المرة، واحتياطنا نفدquot;. من جهته، يقول عبدو آدو، المزارع في بلدة مجاورة، إنه quot;لم يحصد شيئاًquot;. وبالنسبة إليه فإن الأمر يعني quot;النزول إلى الجحيمquot;. وخطورة الأزمة تدفع العديد من الرجال إلى الفرار من القرى، تاركين خلفهم نساء وأطفال وعجزة.

ونزح ما بين 300 و500 شخص من تارنا إلى مارادي بحسب علي غالاديما. ومنذ رحيل زوجها إلى نيجيريا المجاورة قبل شهر، أصبح على نانا عايشاتو أن تؤمّن الطعام لأطفالها الثمانية والاهتمام بوالدتها المريضة. ومن أجل الاستمرار، تتوجه كل صباح لقطع الأخشاب في الأدغال، ثم تسير مسافة ثلاثة كلم، الفاصلة بين قريتها ناساروا ومارادي، حيث تبيع بضاعتها.

وتقول إنها تكسب ما معدله 0.7 يورو، مضيفة quot;أنه كاف لشراء اثنين كلغ من الذرة الصفراء لتحضير وجبةquot;. والوجبة عبارة عن عجينة ممزوجة بالحليب. والوضع متدهور أكثر في منطقة زيندر المجاورة، حيث نزحت العائلات quot;بأعداد كبرىquot; بسبب المجاعة بحسب السلطات. وتقول وزارة الصحة إن سوء التغذية ينتشر لدى الأطفال.

لكن المتاجر لديها مخزونات من المواد الغذائية، لا سيما تلك المستوردة من نيجيريا، لكن بعض التجار يخبئونها على أمل بيعها لاحقاً بسعر أعلى، كما يقول حسن باكا المسؤول في منظمة غير حكومية محلية. وفي مطلع آذار/مارس، أطلقت النيجر quot;نداء ملحاًquot; للحصول على مساعدة دولية، مؤكدة أن المجاعة تضرب حوالي 58% من سكانها، البالغ عددهم 15 مليون نسمة. ولتخفيف هذه المعاناة، أطلقت نيامي عمليات بيع ترويجية للحبوب.

وهناك مخاوف من مرحلة أسوأ مقبلة، مع اقتراب الفترة الانتقالية بين المحاصيل، التي تبدأ في حزيران/يونيو، مع حملة زراعية لكي تنتهي في أيلول/سبتمبر مع حصاد المحاصيل. ولإفساح المجال أمام الأشخاص الأكثر تضرراً لتجاوز هذه المرحلة الحاسمة، من المرتقب تنظيم عمليات توزيع مجانية للمواد الغذائية في أيار/مايو، بحسب خلية الأزمة الغذائية (حكومية). لكن المساعدة الدولية تتأخر في الوصول.

وبحسب منظمة أوكسفام غير الحكومة، فإن الأزمة يمكن أن تطال quot;حوالي عشرة ملايين شخصquot; في الأشهر المقبلة في دول الساحل، لا سيما النيجر.