بعدما اتسعت حدّة التصحّر في الجزائر، وصارت شبحًا يهدد النسيج الزراعي،قررت السلطات الجزائرية وضع مخطط واسع لإيقاف زحف التصحّر، بعدما حذرت دراسات حديثة من تهديد الظاهرة لأزيد من 27 مليون هكتار من الأراضي الزراعية في الجزائر.

الجزائر: يقول quot;رشيد بن عيسىquot; الوزير الجزائري للزراعة والتنمية الريفية، في تصريحات خاصة بـquot;إيلافquot; إنّ بلاده رصدت عشرة مليارات دينار(ما يعادل 108 ملايين يورو) لتجسيد برنامج مكافحة التصحر في آفاق العام 2014، وتطبيقه ميدانيًّا وبشكل أكثر عقلانية، ويشير بن عيسى إلى أنّ حملة مكافحة التصحر خلال الأربع سنوات القادمة، ستنبني على أربعة توجهات، أهمها حماية السد الأخضر الشهير في الجزائر، وهذا الأخير يشكل 360 ألف هكتار من النسيج العام، مع العمل على توسيعه بمئة ألف هكتار إضافية، وحماية منابع الحلفاء على امتداد ثلاثة ملايين هكتار.

ويشدّد المسؤول الجزائري على حساسية إنشاء مشاريع جوارية لمكافحة التصحر وإشراك مواطنيه، ولا سيما سكان المناطق الريفية، بالتزامن مع عقلنة استعمال الفضاءات الرعوية وتثمين المراعي التي تمتدّ عبر 32 مليون هكتار وكذا استصلاح مناطق زراعة الأعلاف في بعض المحيطات، خصوصًا أنّ المختصين يتوقعون انخفاضًا يتراوح ما بين 10 و30 في المئة في نسبة تساقط الأمطار خلال العشرين سنة القادمة في الجزائر. وبشأن الخارطة المزمع وضعها للتحسيس بالتصحر عن طريق الاستشعار عن بعد، يشرح بن عيسى أنّها تخص الموارد المائية السطحية والجوفية على مستوى المناطق المهددة بالتصحر بهدف توجيه إنتاج الكلأ لضمان أغذية الماشية، وووضع حد للتصحر من جهة أخرى، ويتعلق الأمر كذلك بتثمين مناطق فرش الأسمدة وبعض المساحات المروية من أجل تعزيز عرض الكلأ وكذا مشاريع جوارية لمكافحة التصحّر بهدف تحسين ظروف معيشية وعمل السكان.

وسيكون لكل محافظة قريبًا خارطة خاصة بالمناطق المعرضة للتصحر وأخرى خاصة بمنحدرات السدود وجرد ثروتها الغابية، وستتضمّن هذه الخريطة حسب مختصين ترشيد استعمال الموارد المالية وتوجيه مختلف البرامج التي سيتم تجسيدها في إطار التجديد الريفي. ويقول الخبير quot;شريف ذويبيquot; أنّ خارطة المناطق المعرضة للتصحر في الجزائر، يجري تقسيمها على أساس المعلومات الفضائية إلى خمس فئات: الأراضي المتصحرة، الأراضي الهشة، الأراضي المتوسطة الهشاشة، الأراضي الكثيرة الهشاشة، والأراضي القليلة الهشاشة وغير الهشة.

من جانبه، يشير quot;عز الدين أوصديقquot; المدير العام لوكالة الفضاء الجزائرية، أنّ خطة مكافحة التصحر لا ينبغي أن تقتصر على الاهتمام فقط بالمناطق الأكثر حساسية والمحدّدة بثمانمئة ألف هكتار، بل ينبغي الاهتمام أيضًا بحماية المناطق المتوسطة الحساسية والحساسة التي تمثل نسبة 70 في المئة من الوعاء العام، ويحصي أوصديق 70 ألف هكتار من الأراضي التي اكتسحها التصحر خلال السنوات القليلة الماضية. بدوره، يكشف عبد المالك طيطاح المدير العام للغابات، عن برمجة 465 مشروعًا جواريًّا لمكافحة التصحر خلال العام الأخير، فضلاً عن إنجاز 12 ألف مشروع جواري في الفترة ما بين 2010 و2014، ويوضح أنّ هذه المشاريع ينبغي أن تعتمد بالدرجة الأولى على مشاركة السكان وتجنب ارتكاب الأخطاء السابقة، حتى يتم تجسيد مرامٍ سياسة التنمية الريفية المندمجة.

إلى ذلك، أفادت نتائج خارطة المناطق المعرضة للتصحر المعدّة من طرف وكالة الفضاء الجزائرية والمديرية العامة للغابات في الجزائر، إنّ أزيد من 27.4 مليون هكتار بالجزائر مهددة بالتصحر على مستوى محافظات الجلفة والمسيلة والنعامة والبيض وبسكرة وخنشلة وباتنة وتبسة والأغواط، فضلاً عن تلمسان، تيارت وسعيدة، فيما أحصي ما لا يقلّ عن 13 مليون هكتار معرضة لظاهرة انجراف التربة على مستوى 34 حوضًا منحدرًا من مجموع 52 حوضًا موجودة على المستوى المحلي. بيد أنّ الدراسة ذاتها، أحالت على بعض التحسن المتعلق بحوالى تسعمئة ألف هكتار كانت تعد الأكثر تعرّضًا لهذه الظاهرة فيما سبق، وجرى تسويغ هذا التراجع بالمخطط الذي نفذته السلطات الجزائرية على صعيد تهيئة الإقليم على مستوى المناطق المهددة.

وتمثل الصحراء حوالى 87 في المئة من مساحة الجزائر، وهي تتشكّل من العرقين الكبيرين (الغربي والشرقي) والواحات وجبال الطاسيلي والهقار وكذا سلسلة الصحاري الصخرية المعروفة بـ(الرق). واستنادًا إلى تحيين النتائج مؤخرًا، فإنّ المساحة quot;المتصحرةquot; في الجزائر انتقلت من 3.5 في المئة إلى 4.9 في المئة بين سنتي 1996 و2009، وهو ما يمثل زيادة بحدود 76 ألف هكتار، ويشير عز الدين أوصديق المدير العام لوكالة الفضاء الجزائرية إلى زيادة في مساحة الأراضي المتوسطة الهشاشة دون الإدلاء بأرقام محددة حول هذه الزيادة. ودأبت الجزائر على صرف 800 مليون دولار كل عام، للحد من اتساع رقعة التصحر، ولا سيما في الأراضي شبه القاحلة، وهو ما أعان على استرجاع ما يقارب 3 ملايين هكتار من ضمن 7 ملايين هكتار كانت مهددة بظاهرة التصحر منذ سنة 1996.