وصفت السلطات العراقية تحرك السلطات الكويتية لدى بريطانيا لوقف رحلات الخطوط الجوية العراقية إلى لندن واحتجاز مدير الخطوط العراقية هناك بأنه عمل استفزازي وتصعيدي وإصرار كويتي على ملاحقة العراقيين ومضايقتهم حيثما حاولوا فتح نافذة جديدة للانفتاح على العالم والخروج من المعاناة.
لندن: أشارت وزارة النقل العراقية في بيان الخميس إلى أن الخطوط الجوية العراقية قامت بالاتفاق مع إحدى الشركات البريطانية للبدء بتسيير رحلات مباشرة من مطار بغداد إلى لندن، وانطلقت الرحلة الأولى الأحد الماضي بعد 20 عاماً من التوقف بوساطة طائرة مستأجرة من إحدى الشركات السويدية، مؤكدة أن هذه الرحلات لاتحقق أي أرباح أو إيرادات لمصلحة الخطوط الجوية العراقية، إنما تقوم بها لغرض تسهيل سفر العراقيين الذين اعتادوا السفر عبر مطارات الدول الأخرى، مما يكلفهم وقتاً إضافياً وأموالاً كثيرة، إضافة إلى صعوبة الحصول على تأشيرات الدول التي يسافرون من خلالها.
ولفتت إلى أنه عند وصول الطائرة إلى مطار quot;غاتويكquot; قرب لندن، قام محامي السلطات الكويتية بمحاولة حجز الطائرة، إلا أنه فشل في ذلك، لكون الطائرة مملوكة للشركة السويدية. وأوضحت أن السلطات الكويتية لم تتوقف عن إجراءاتها الاستفزازية هذه، وإنما أقامت دعوى قضائية ضد الشركة البريطانية المتعاقدة مع شركة الخطوط الجوية العراقية، ومن ثم وفي إجراء تصعيدي استصدرت قراراً من السلطات البريطانية لمنع سفر مدير عام الشركة الخطوط الجوية العراقية كفاح جبار حسن الموجود حالياً في لندن، وتم سحب جواز سفره وكل الوثائق التي كانت بحوزته في انتظار إجراءات قضائية.
وعبّرت الوزارة عن استغرابها quot;لهذا السلوك التصعيدي والاستفزازي من قبل السلطات الكويتية، وإصرارها على ملاحقة العراقيين ومضايقتهم حيثما حاولوا فتح نافذة جديدة للانفتاح على العالم، والخروج من المعاناة التي يعيشونها منذ عقود عدةquot;. ودعت quot;جميع الأشقاء العرب والأصدقاء إلى الضغط على الكويتيين لثنيهم عن هكذا تصرفات لا تساعد الشعبين على نسيان الماضي، وفتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية، بل إن هذه التصرفات تصيب العراقيين بخيبة أمل كبيرة تجاه موقف أشقائهم الكويتيينquot;، علماً أن وزارة النقل العراقية قد وجهت الدعوة إلى أكثر من مرة لنظيرتها الكويتية لزيارة العراق، وحل هذه المشكلة العالقة بين البلدين، ولكن لم تتلق أي استجابة لهذه الدعوة من الطرف الكويتي.
وطالبت وزارة النقل العراقية quot;الأخوة الكويتيين إلى تجميد كل هذه الإجراءات فوراً، وتمكين مدير عام الخطوط الجوية العراقية للعودة إلى أرض الوطن، والكفّ عن ملاحقة الخطوط الجوية العراقية، لخلق أجواء مناسبة لبحث هذه الملفات، وحلّها ودياً من خلال العلاقات الأخوية بين الشعبين الشقيقينquot;.
وكان مصدر كويتي رسمي قال إن حجز طائرة تابعة للخطوط الجوية العراقية في مطار لندن يعد تنفيذاً لحكم قضائي صادر لمصلحة بلاده، كاشفاً عن أن الجهات العراقية تعلم بذلك جيداً، وهي التي أحرجت نفسها مع السلطات البريطانية للطيران المدني. وأضاف أن الكويت تنظر للمسألة على أنها تنفيذ لأحكام بريطانية وكندية صادرة لمصلحة مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية وشركة التأمين التي تتعامل معها، وقضت بإلزام مؤسسة الخطوط الجوية العراقية بدفع مبلغ 1.2 مليار دولار أميركي على سبيل التعويض عن الأضرار التي تعرضت لها الأولى جراء الغزو العراقي للكويت عام 1990، وأن هذه الأحكام قطعية، وبعضها صادر من المحكمة العليا، ومنها ما يقضي بتجميد أصول وممتلكات الخطوط الجوية العراقية في أنحاء العالم كافة، وكلها جاءت نتيجة لإشكال قانوني قدم فيه الطرفان مستنداتهما وانتهى بضرورة تعويض مؤسسة الخطوط الجوية العراقية نظيرتها الكويتية.
وشدد المصدر في تصريح نقلته صحيفة quot;الشرق الأوسطquot; اليوم على أن أي محاولة لإخراج هذا الموضوع عن سياقه القانوني يعد التفافاً على الحقائق quot;فالقائمون على مؤسسة الخطوط الجوية العراقية يعلمون بذلك جيداً، وسبق لهم أن حاولوا فتح هذا الملف بهدف الوصول إلى تسوية، وحينما جلسنا معهم إلى طاولة المفاوضات بشكل غير رسمي، طالبنا العراقيون بالتنازل عن مبلغ التعويض لأن مؤسسة الخطوط الجوية العراقية لا تملك هذا المبلغ، وأن تنازل الكويت سيعد إظهاراً لحسن النية وبادرة دعم وتقدير للنظام السياسي الجديد في العراق، لكون من تسبب في الضرر هو نظام صدام حسينquot;. وأضاف quot;كان ردنا واضحاً، ومفاده أن مثل هذا القرار لا تملكه المؤسسة أو الحكومة، وأنه حق أصيل للبرلمان الكويتيquot;.
كما كشف المصدر عن أن المفاوضين الكويتيين تفاجأوا بعد ذلك بالطرف العراقي يدعم أسطوله، ويشتري طائرات جديدة تصل قيمتها إلى 6 مليارات دولار، quot;وهذا المبلغ يزيد بأربعة أضعاف على حجم التعويض المقرر لنا، وهو ما دعانا لتحريك دعوى تنفيذ الحكم بناء على الحقوق التي يكفلها لنا القانون البريطانيquot;.
من جانبه، أسف مدير عام سلطة الطيران المدني العراقية عدنان بليبل quot;لكون هذا الإجراء جاء من بلد عربي شقيق، ولا يزال يرفع دعوى بحق شركة عراقية، في الوقت الذي بادرت فيه دول أجنبية إلى إلغاء ديونها على العراق، ونحن بدورنا ننتظر وقفة عربية جادة لإعادة النظر في هذا الأمر، خاصة من الإخوة الكويتيين، الذين يعلمون جيداً أن العراق دافع عن الجميع في حرب الخليج الأولى (الحرب العراقية - الإيرانية)، وضحّى بمئات الآلاف من شبابه ومن أمواله بالكثيرquot;.
وأشار إلى أن الجميع يعلم أن العراق يعد حالياً من البلدان الواعدة في شتى المجالات، وهناك حركة تجارية بين العراق والكويت كبيرة جداً، مؤكداً أن أبواب العراق مفتوحة للمستثمرين العرب والأجانب، ويمكن لو استغل الإخوة الكويتيون هذا الجانب أن يكونوا في موقف إيجابي، يساهم في إعادة إعمار العراق. وتقدمنا يعني تقدم كل المنطقة.
وكانت العلاقات الدبلوماسية العراقية الكويتية قد استئنفت قبل عامين بعد انقطاع استمر منذ عام 1990، حين احتلت القوات العراقية الكويت، التي ترفض حتى الآن إطفاء ديونها على العراق، برغم أن دولاً عربية وأجنبية عديدة قد أقدمت على هذه الخطوة منذ سقوط النظام العراقي السابق عام 2003.
التعليقات