يبدو أن الاقتصاد المصري تعافى سريعاً من آثار الأزمة المالية العالمية، وأخذ معدل النمو في الارتفاع مرة أخرى، فبعدما تراجع خلال فترة الأزمة بأكثر من 3%، عاد ليرتفع في الربع الأول من العام الجاري، ليبشّر بتحسن كبير في نهاية العام.

القاهرة: تأمل مصر في تحقيق ارتفاع في معد النمو الاقتصادي للعام 2010 /2011 من خلال زيادة الاستثمارات الحكومية والخاصة وجذب الاستثمارات الأجنبية وتوفير فرص العمل وخفض نسبة الفقر والبطالة. ويرى خبراء أن ذلك لن يأتي إلا باتخاذ حزمة تدابير مدروسة، وتنفيذها بشكل علمي وصحيح، في خطوات جادة تستهدف الإصلاح الاقتصادي للبلاد.

في البداية يؤكد الدكتور عثمان محمد عثمان -وزير التنمية الاقتصادية- أن معدل النمو الاقتصادي المستهدف خلال عام 2010 / 2011 يصل إلى 5.8%، من خلال محاولات دفع عدد من القطاعات المؤثرة في عملية النمو، وهو ما سوف يساهم بشكل مباشر في خفض معدل الفقر بنسبة تصل إلى 18.3%، والارتفاع بمتوسط دخل الفرد من 15.4 ألف جنيه في عام 2009/2010 إلى 17.4 عام 2010/2011، إلى جانب المساهمة في توفير أكثر من 700 فرصة عمل، وخفض معدل البطالة بنسبة تصل إلى 9%، وهو ما سيرفع إجمالي حجم الأجور، ليتجاوز الـ 510 مليار جنيه، بزيادة 14%.

ويوضح عثمان أن أهم القطاعات التي تساهم في النمو الاقتصادي المصري هي قطاع البناء والتشييد، الذي يساهم وحده بنسبة تزيد عن الـ 13%، في حين يأتي قطاع الاتصالات في المرتبة الثانية مسجلاً 12%، والسياحة تساهم بنسبة 11%، ثم يأتي بعد ذلك قطاعات الزراعة والصناعات التحويلية وتجارة الجملة والتجزئة.

كما يشير إلى أن حجم الاستثمارات الكلية المستهدف خلال عام 2010/2011 يبلغ حوالي 256 مليار جنيه، يساهم القطاع الخاص فيها بـ 163 مليار بنسبة 64 %، إضافة إلى استثمارات أجنبية متوقعة تصل إلى 42 مليار جنيه. موضحاً أن الاقتصاد المصري تجاوز آثار الأزمة المالية العالمية بنجاح، وquot;نسعى إلى الوصول بمعدل النمو إلي مستواه في سنوات ما قبل الأزمة، وصولاً إلى مستوي معيشي أفضل للفرد.

ويرى الدكتور حمدي عبد العظيم الخبير الاقتصادي ورئيس أكاديمية السادات السابق أنه من المتوقع أن يحدث تحسن في النمو الاقتصادي المصري بنسبة تصل إلي 5.2 % ، وبالتالي سيرتفع الدخل القومي بنفس النسبة وهو ما سيؤدي بطبيعة الحال بزيادة في الاستثمارات وفرص العمل والأجور والمستوي المعيشي للأفراد ، مشيرا إلي أن التحسن بالنسبة للعاملين في القطاع الخاص مرتبط بظروف كل مؤسسة خاصة ، أما العاملين بالقطاع الحكومي فهو مرتبط بالزيادة المقررة ، وهي الـ 10 % ولن يحدث تحسن قبل 1/7 /2011 حتى يتم إضافة الزيادة الجديدة . ويوضح عبد العظيم أن أبرز القطاعات التي تساهم في عملية النمو هي قطاع السياحة وقناة السويس والبترول وتحويلات العاملين بالخارج والأسمنت والأسمدة ، وقطاع العقارات يؤثر بشكل كبير في النمو الاقتصادي خاصة وأنة يتعلق بقطاعات عديدة ويحرك أسواق الحديد والأسمنت والأخشاب، ولكن لن يكون هناك تأثيرات إيجابية، اللهم إلا في ما يخص الإسكان الاقتصادي والمتوسط ، خاصة مع وجود تأثيرات سلبية للأزمة المالية العالمية علي العقارات .

ويؤكد رئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية السابق أن النمو الاقتصاد المصري يسير بمعدلات مقبولة، خاصة وأنه تجنب التأثيرات السلبية للأزمة المالية العالمية، ومن المتوقع أن تحدث نقلة كبيرة، إذا تم تنمية بعض القطاعات، خاصة التي يمكن أن تزيد من معدلات التصدير إلى الخارج، وتحسين المنتجات التي يتم تصديرها إلى الخارج، حتى يمكنها أن تنافس مثيلاتها في الخارج.

من جهته، يشير الخبير الاقتصادي الدكتور طارق عبد الفتاح مرسي إلى أن الحافز المالي للدولة هو أحد أهم أسباب ارتفاع معدلات النمو في العام الحالي، وقارن ذلك بالعام الماضي قائلاً quot;بقياس الأثر المباشر وغير المباشر لبرنامج الحافز المالي لـ 2009 على التشغيل المحلي وفرص العمل ونمو الناتج الإجمالي المحلي، علاوة على ذلك فإن الآثار المشتقة للإنفاق المالي على التشغيل والنمو الناجمين من أثر الحافز على إنفاق الاستهلاك العائلي هي موضع اعتبار لابد أن نبحث فيه، وإلا فلا قيمة لمعدلات نمو اسمية لا تدخل فيها زيادة الأسعار ومعدلات التضخم.

وقدرت النتائج العملية أن إنفاق برنامج الحافز المالي من شأنه زيادة معدل نمو الناتج الإجمالي المحلي ما بين 1.7% و2.2%. وتبدو هذه التقديرات مشابهة للتقديرات المماثلة لعديد من الدول الأخرى، ومن المتوقع أيضاً أن يخلق الحافز المالي ما بين 661.4 ألف و729.6 ألف فرصة عمل جديدة، تناظر حوالي 3.18% - 3.51% كنمو في إجمالي عدد الفرص، ويرتبط ذلك بزيادة تتراوح ما بين 1.55% - 1.92% في معدل نمو دخل العمل. ويتضح الأثر الكبير نسبياً لبرنامج الحافز المالي على دخل العمل ذلك الدور المهم الذي يتعين على التشغيل الناجم من الحافز أن يلعبه في الحثّ على النمو الاقتصادي وارتفاع معدلاته.