عادت أعصاب الأسواق المالية الأوروبية تتوتر مجدداً. وحتى الأحداث اليومية الهامشية باتت تشكل اليوم مصيبة على رؤوس مشغلي البورصات، بغض النظر عن موقعهم الجغرافي.

طلال سلامة من برن (سويسرا): كان من المفترض على عملية إنقاذ مصرف كاخاسور الأسباني من الإفلاس ألا تلعب أي دور في ترهيب البنى المالية العالمية. إذ إن أصول مصرف الإدخار الأندلوسي هذا تستأثر بـ0.6 % فقط من إجمالي الأصول المتعلقة بالنظام المصرفي الأسباني. ما يعني أن ثروات مصرف كاخاسور ليست إلا قطرة في محيطات الأعمال المالية العالمية. مع ذلك، ما زالت الأسواق الأوروبية متوترة من جراء التدخل الطارئ، الذي قاده مصرف أسبانيا المركزي لإنقاذ بنك كاخاسور. كما يتخوف مشغلو البورصات الأوروبية ألا يكون هذا المصرف حالة quot;معزولةquot; في أسبانيا.

هكذا، بدأ اليورو يتأرجح، في الأيام الأخيرة، بين 1.23 دولار أميركي، أو أكثر بقليل، صباحاً، وحوالي 1.2150 دولار مساء. بيد أنه ما زال محافظاً على قوته أمام الفرنك السويسري، حيث يرسو اليوم على أكثر من 1.41 فرنكاً، بمساعدة المناورات التي يقودها مصرف سويسرا المركزي، كي لا تخسر الشركات السويسرية مكانتها التنافسية أمام الشركات الأوروبية.

ونظراً إلى التوترات التي تعيشها البورصات الأوروبية، فإن ما يشغل بال المتعاملين الآن سوق أخرى، هي سوق ما بين المصارف، التي تتمثل بأوتوسترادات كبيرة تجري أنهر الأموال والقروض عليها.

في هذا الصدد، يشير الخبير لودفيغ أيشباخ، ببرن، التابع لمصرف سويسرا المركزي، لصحيفة quot;إيلافquot; إلى أن ما يجري من تداولات مالية، بين المصارف الأوروبية، أضحى جنونياً منذ مطلع الشهر الفائت، ما جعل التدقيق اليومي في كل ما يحصل من تحركات مصرفية سويسرية-أوروبية أمراً ضرورياً جداً لتفادي تورط المصارف السويسرية، لا سيما الكبرى، كما يو بي اس وكريديه سويس، بما هو غير مرغوب به إطلاقاً من وزارتي المال والاقتصاد في سويسرا.

علاوة على ذلك، ينوه الخبير بأن المصرف المركزي السويسري، سوية مع متعاملي ورصة زوريخ، يرصدون، منذ أكثر من شهرين، سوقاً أوروبية، ما بين مصرفية، تسير بسرعيتن. فالمصارف الأوروبية الكبرى لا تواجه أي مشكلة في تمويل نفسها. أما تلك الصغرى، أي الأقل صلابة مالياً، فإنها تواجه بعض الصعوبات، المثيرة للقلق. وبدلاً من تقديم طلبات التمويل باليورو، فإن المصارف المركزية الأوروبية تتلقى، من المصارف كافة، طلبات تمويل بالدولار الأميركي.

كما يتوقف أيشباخ للإشارة إلى أن أسعار الفائدة المتغير على الليبور (Libor)، وهي سعر الفائدة المعروضة بين المصارف اللندنية الذي يتم عليه إقراض الدولارات الأميكية لآجال قصيرة (ثلاثة شهور)، وصلت، للمرة الأولى منذ شهر يوليو (تموز) من عام 2009، إلى 0.5097 %. ما يمثل مصدر خوف إضافياً بالنسبة إلى وضع السيولة المالية في البورصات الأوروبية.