يؤكد خبراء ومهنيون تحدثوا لـquot;إيلافquot;، أنّ التكيف مع سياقات التجارة الدولية من شأنه رفع صادرات الجزائر الزراعية التي لا تزال تراوح مكانها، ولم تتعدّ حدود الخمسين مليون دولار خلال العام الأخير.

الجزائر: إنّ دفع منتجات الجزائر الزراعية نحو مرتبة التصدير، مرتبط رأساً بالقدرة على التكيف مع سياق التجارة الدولية والتنظيم الداخلي لكل فرع زراعي، وكذا تحديد شبكات التوزيع. كما جاء على لسان مسؤولين وناشطين في قطاعي الزراعة والتجارة الخارجية.

ويبرز quot;فؤاد شحاطquot; مدير المعهد الجزائري للبحث في المجال الزراعي، عديد الشروط الأساسية التي تمكّن من استئناف تصدير هذا النوع من المنتجات، ويتعلق الأمر بحسب المتحدث نفسه باستكمال تنظيم كل فرع زراعي وتنمية طرق وأنماط التنظيم و توفير شروط ضبط فعال للأسواق والتكفل بتسيير المعايير.

في شأن متصل، يبرز شحاط ضرورة مواصلة quot;العمل على ضمان إدماج الاقتصاد الجزائري ضمن السوق العالمية، داعياً إلى إدماج مدروس، ويعتبر شحاط أنّ الجهود المبذولة من طرف الحكومة الجزائرية من أجل تعزيز الصادرات وإشراك المزارعين في تنويع الاقتصاد المحلي، ينبغي أن تسهم على المدى القصير في تنمية الإنتاج، بما يفتح منافذ أوسع على مستوى الأسواق الخارجية.

ويرى المتحدث في هذا الشأن أنّ الجزائر ظلت دائماً سوقاً مفتوحة على السوق العالمية، مضيفاً أنّ البلاد انتقلت في ظرف بضعة عقود من بلد مصدّر إلى مستورد للمواد الغذائية، وهو وضع لا ينبغي أن يستمر، خصوصاً مع تضاعف فاتورة الواردات الغذائية إلى مستوى كبير خلال الأعوام المنقضية.

من جانبه، يلاحظ المتخصص بالشأن الاقتصادي في الجزائر هيثم رباني أنّ التموقع الجيد للصادرات الجزائرية في الخارج، يتطلب وجود وعي بمعطيات المرحلة، ومراعاة المعايير المعتمدة عالميًا وما يرافق عملية التكيف مع متطلبات السوق الخارجية من حيث توفير منتجات تعتمد الجودة والنوعية، طالما أنّ الأسواق الدولية لا تعترف بشيء اسمه quot;اللاتكافؤquot;.

ويرى رباني، أنّ قطاع التصدير في الجزائر تأثر كثيرًا بنقص وسائل النقل والنقائص التي تعانيها المؤسسات الجزائرية في مجال التكوين، إضافة إلى العراقيل المحلية المتعلقة أساسًا بعامل التمويل، ما جعل عديد المجموعات الجزائرية تعجز عن إيجاد موضع قدم لها في الأسواق الدولية، على الرغم من نجاحها في تسويق منتجاتها بشكل متباين على مستوى الأسواق الأفريقية، لكن الحصائل ظلت دون المستوى المطلوب.

وفي وقت ينادي مختصون بمضاعفة عمليات الترويج للمنتجات المحلية، فضلاً عن إعادة النظر في سيرورة الصندوق المحلي لدعم الصادرات من أجل اقتحام الأسواق العالمية، وإدراج نصوص جديدة تحكم آليات التصدير، المنافسة، المعاملات التجارية وشروط ممارسة الأنشطة التجارية، يشير quot;رشيد بوزيديquot; المسؤول على مستوى الوزارة الجزائرية للزراعة والتنمية الريفية، إلى أنّ الصادرات الجزائرية نحو الإتحاد الأوروبي شهدت تصدير منتوج واحد يتمثل في التمور، كما تميزت بانخفاض نسبي للأحجام المصدرة بالنسبة لكافة المنتجات، وكذا عدم انتظام مجموعة المنتجات المصدرة.

ويفسر بوزيدي هذا الوضع بعدم معرفة بلاده للأسواق الأوروبية وحاجيات المستهلكين الأوروبيين، وكذا قصور عمليات إعادة تأهيل قطاع التصدير في الجزائر، حيث لا يزال بحسبه غير كاف في مجال المعايير والتنافسية.

وتبعاً لارتباط الجزائر باتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي، يدعو بوزيدي إلى quot;دعم متعدد الأشكالquot; من لدن المجموعة الأوروبية في مجال معرفة الأسواق الأوروبية ودوائر التوزيع ووضع أنظمة سهر اقتصادية وتنظيمية وتقنية وتكنولوجية وتعزيز المنظمات المهنية المشتركة.

بدوره، يلفت محمد بنيني المدير العام للوكالة الجزائرية لترقية التجارة الخارجية، إلى جملة قيود عرقلت تطور الصادرات الزراعية، مشيراً بالدرجة الأولى إلى غياب سياسة حقيقية لتصدير وترقية المنتجات الزراعية.

ويدرج بنيني في خانة العراقيل أيضاً، نوعية المنتجات الزراعية التي لا تستجيب لحاجيات الزبون الأجنبي، وما يتصل بها من مشاكل لوجستية وتنظيمية، فضلاً عن غياب التنظيم والمهنية ndash; على حد قوله ndash; لدى المصدّرين، إلى جانب التلكؤ في الترتيبات المصرفية ونقص منشآت التبريد، لا سيما على مستوى الموانئ.

بيد أنّ بنيني يبدي تفاؤلاً بشأن المستقبل، حيث يرى أنّ بعث تصدير المنتجات الزراعية أمراً ممكناً، بفضل التحسن الذي يطرأ على حجم الإنتاج والتسهيلات الممنوحة للمنتجات الزراعية، ناهيك عن مثابرة بعض المصدرين برغم الصعوبات، في حين يطالب متعاملون في الجزائر، بإنشاء مجلس مركزي للتصدير هناك.

ويحيل الخبير أنيس نواري أنّ ما ينقص المنتجات الجزائرية هو شيء من الدعاية، طالما أنّ جودتها لا غبار عليها، في صورة التمور وغيرها، ويضيف نواري أنّ هناك جو من اللاثقة والمخاوف غير المبررة لدى فريق من المتعاملين إزاء اقتحام الأسواق الخارجية، مع أنّ سمعة المنتجات الزراعية الجزائرية لا غبار عليها، وما ينقصها بحسبه هو الاتجاه إلى عقد شراكات واستخدام سائر التكنولوجيات الحديثة لتأمين الإنتاج المحلي، ويضرب سليم لعجايلية مثلاً بقدرة السلطات على دفع تصدير مختلف الخضر والفواكه، بما يرشحها لتحقيق عائدات أكبر سيما في ظل الطلبات المتزايدة من دول عربية وأفريقية.

وتشير بيانات رسمية حديثة، إلى أنّ صادرات الجزائر الزراعية (ماعدا السمك) نحو الاتحاد الأوروبي بلغت 60 ألف طن بقيمة 42 مليون دولار فقط خلال السنة الماضية، مقابل 52 ألف طن في العام 2008، كما لا تزال مجمل صادرات الجزائرية الزراعية ضعيفة من حيث القيمة والحجم بالنسبة إلى الخضر والفواكه.

وتذهب الوكالة الجزائرية لترقية التجارة الخارجية، إلى أنّ قدرات بلادها في مجال الصادرات الزراعية، بحوالي 430 مليون دولار سنويًا، لذا أقرت السلطات الجزائرية تسهيلات أكبر لمصدّريها، من خلال سلسلة إجراءات ستسمح بإزالة كثير من الأعباء عن جمهور المصدرين عبر إعادة النظر في سيرورة الصندوق المحلي لدعم الصادرات ومنح فرص أكبر للمصدرين الجزائريين من أجل اقتحام الأسواق العالمية، وهو دعم نوعي تريد من خلاله الحكومة الجزائرية ترقية صادراتها خارج قطاع المحروقات، وإنهاء التبعية للنفط الذي يسيطر على اقتصاد البلد، ما جعل حجم الصادرات خارج المحروقات لا تتجاوز 1.3 مليار دولار، في مقابل سيطرة النفط على 98 % من منظومة الإيرادات العامة في البلاد.

وتسوّق الجزائر نحو ثلاثة آلاف منتج في أسواق دولية، بينها الزيوت والزيتون والتمور والبرتقال، وتمنح السلطات الجزائرية أولوية خاصة للبحث عن سبل ووسائل كفيلة بتحسين إنتاجية ونوعية وخبرة المؤسسات الجزائرية بغية التوصل إلى دخول أسواق جديدة عبر العالم، خاصة في ما يتعلق بالمنتجات الغذائية الطازجة ومنتجات الصيد البحري.

ويهيب عموم الخبراء والمتعاملين بالحكومة الجزائرية للاهتمام بتوفير الأدوات اللوجستية وتوابعها، كما يطالبون بجعل مدينة تمنراست (1800 كلم جنوبي غرب الجزائر) quot;قطباًquot; يخصص لترقية الصادرات الزراعية نحو القارة السمراء، نظرًا إلى موقعها الاستراتيجي المحاذي لدول منطقة الساحل على غرار مالي والنيجر والتشاد.