دفع التوسع في الإنفاق الحكومي في السعودية إلى عودة مؤشر التضخم للارتفاع إلى مستوى 5.5 %، متأثّراً بصعود ست مجموعات رئيسة مكوّنة للرقم القياسي لتكلفة المعيشة.

محمد العوفي من الرياض: عاد مؤشر التضخم في السعودية إلى الصعود مجدداً إلى مستوى 5.5 %، متأثّراً باستمرار بالتوسع في الإنفاق الحكومي، الذي صدرته له الحكومة السعودية نحو 400 مليار ريال خلال السنوات الخمس المقبلة.

وقاد صعود مؤشر التضخم في السعودية ست مجموعات رئيسة، من أبرزها مجموعة الترميم والإيجار والوقود والمياه، ومجموعة السلع والخدمات، التي ترتبط بشكل أساسي في تطوير البنية التحتية، إضافة إلى المواد الغذائية.

فقد أظهرت البيانات الصادرة من مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات أن مؤشر الرقم القياسي العام لتكلفة المعيشة لشهر يونيو/حزيران 2010 مقارنة بنظيره من العام السابق ارتفع بنسبة بلغت 5.5%. وأرجعت المصلحة ذلك إلى الارتفاع الذي شهدته ست من المجموعات الرئيسة المكونة للرقم القياسي لتكلفة المعيشة في مؤشراتها القياسية، مجموعة الترميم والإيجار والوقود والمياه بنحو 9.2%، ثم مجموعة سلع وخدمات أخرى بنسبة 8%، فمجموعة الأطعمة والمشروبات بـ 6.2%، ثم مجموعة التأثيث المنزلي بنحو 4.1%، فمجموعة النقل والاتصالات بنسبة 1.2%، ثم مجموعة التعليم والترويح بنسبة 1%.

فيما سجلت مجموعتان من المجموعات الرئيسة المكونة للرقم القياسي لتكلفة المعيشة انخفاضاً في مؤشراتها القياسية هما، مجموعة الأقمشة والملابس والأحذية بنحو 0.7%، ومجموعة الرعاية الطبية بنسبة 0.2%.

ويرى الاقتصادي السعودي فضل البوعينين في تصريح لـ quot;إيلافquot; أن ما يجب عمله في مثل هذه الحالات هو ضبط السياسة المالية، بما يحقق التوازن بين متطلبات التنمية واحتياجات المواطنين، بما لا يشكل عليهم ضرراً وضغطاً مباشراً.

وأضاف أنه يعتقد أن نمو التضخم المحلي يغذيه الإنفاق التوسعي، الذي يؤدي في الغالب إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات، مشيراً إلى أن ذلك هو ما يحتاج مراجعة بما يكفل وضع نسب التضخم في الحجم المقبول.

وأوضح البوعينين أن نسبة التضخم المعلنة تعادل ضعف النسبة المقبولة عالمياً (أقل من 2%) في اقتصاد متوازن، وهي غير مقبولة إطلاقاً في الاقتصاد السعودي، على أساس أن المتضرر الرئيس في هذه الحالة هم المواطنون غير المستفيدين من الإنفاق الحكومي التوسعي، الذي يصب في غالب الأحيان في مصلحة الشركات، مضيفاً في الوقت عينه أن المستفيد الأكبر من مشروعات التنمية تصب في مصلحة جميع المواطنين، لكنه ألمح إلى أنه إذا كانت هذه المشروعات تؤثر سلباً على معيشة المواطنين فإنه يجب أن تكون هناك مراجعة للتخفيف عن كاهل المواطنين.

وأشار إلى أن ما يغذي التضخم المحلي في الدرجة الأولى هو الإنفاق التوسعي أو ما يطلق عليه السياسة المالية المنفتحة، ثم يأتي في المرحلة الثانية ضعف الرقابة الرسمية على الأسواق والأسعار، مما يؤدي إلى زيادة نسبة التضخم، وفي المرحلة الثالثة تأتي السياسة النقدية التي تتطلب أن يكون هناك تشدد في أسعار الفائدة لضبط السيولة المتاحة، والتي تشكل في كثير من الأحيان زيادة في الطلب على السلع والخدمات لا تعتمد على أساس الملاءة المالية.

وأكد البوعينين أن الإنفاق التوسعي على مشروعات التنمية يركز على البنية التحتية في الوقت الذي لا يكون هناك تركيز على قطاع الإنتاج، الذي يساعد مستقبلاً في رفع دخل المواطنين، وخلق وظائف، وهو الأهم في السياسة الإنفاقية، من جانب آخر هو أن الإنفاق التوسعي بات أكبر من تحمل الاقتصاد له لسببين هما، أن الأموال المنفقة في الاقتصاد على مشروعات التنمية تسبب في نسب تضخم عالية، مما يعني أن الحاجة إلى الضبط مستقبلاً، ثانياً أن الإنفاق التوسعي أكبر من قدرة الشركات المحلية على تحمله، وبالتالي تعطلت كثيراً من مشروعات التنمية، مما يطيل أمد المشروعات، وبالتالي طول أمد التضخم الذي يفترض أن يعود سريعاً إلى مستوياته.

وبين أنه لا يتوقع أن يعود التضخم إلى مستوياته العليا السابقة على أساس أن الظروف المحيطة مختلفة كلياً عما كانت عليه من قبل، ولكن ذلك لا يجب أن يحبط من خطط مكافحة التضخم إلى أن تعود إلى مستويات 2.5 كحد أعلى. وطالب في ختام حديثه أن تكون هناك موازنة في طرح المشروعات بما يحقق مصلحة التنمية ومصلحة المواطن، ويحد من نسب التضخم الذي بات يؤثر سلباً في قطاع العقارات والسكن والمواد الغذائية.