على مسافة ثلاثة أسابيع من حلول شهر رمضان، يخشى مراقبون في الجزائر من نشوب أزمة خبز متجددة هناك، على خلفية امتعاض آلاف الخبازين من إجراءات عقابية طالتهم، فضلًا عن استياء الجمعية الجزائرية للخبازين من ارتفاع كلفة الإنتاج، quot;إيلافquot; تابعت الموضوع مع المعنيين.

كامل الشيرازي من الجزائر: لا يستبعد يوسف قلفاط رئيس الجمعية الجزائرية للخبازين، أن يكون شهر رمضان لهذا العام عنوانًا كبيرًا لمشكلة اسمها quot;ندرة الخبزquot;، بفعل توقف نحو ألفي مخبزة عن العمل في الفترة الماضية، وهو رقم يمثل نسبة 30 % من إجمالي المخابز المحلية، وهو محذور سيتسع نطاقه، إذا ما نفذ فريق آخر من الخبازين وعيدهم بإيقاف طهي الخبز.

ويرى قلفاط أنّ ما حدث ويحدث، راجع إلى تفضيل سلطات بلاده quot;حوار الطرشانquot;، وإقدام دوائر القرار ndash; بحسبه - على رفع أسعار المواد الأولية المستخدمة في صناعة الخبز، كالدقيق والقمح الليّن، فضلًا عن زيادتها قيمة الكهرباء، وتزامن ذلك مع ما يسميه خبازون التقيناهم في منطقتي براقي والأربعطاش، quot;إجراءات عقابية مجحفة طالتهمquot;، إلى جانب إجبارهم على رفع رواتب عمال المخابز، في ظرف حرج يتسم بتراجع مداخيل هذه الأفران.

ويشير معمر هنتور إلى الوضع المزري الذي آل إليه عموم الخبازين، على خلفية الارتفاع الفاحش لسعر مادة القمح اللين، وحتمية سداد الخبازين لقيمتها نقدًا إلى المطاحن، بالتزامن مع تضخم قيمة فواتير الكهرباء والمازوت والماء، التي أثقلت كاهل الخبازين، ودفعت بالكثير منهم إلى غلق محالهم والاستغناء عن حرفتهم.

من جهته، يكشف بلقاسم دقي، أحد كبار خبازي الضاحية الغربية للعاصمة، أنّ عددًا كبيرًا من مواطنيه الخبازين يتجهون إلى إيقاف نشاطهم، بسبب تعقدّ أمورهم التسييرية، وتعرضهم في الفترة الأخيرة زادت من هزال وضعياتهم، ويوجّه دقي أصبع الاتهام إلى أعوان الرقابة، الذين ارتكبوا quot;أخطاء تعسفيةquot;، على حد ما ذهب إليه.

بدوره، يقدّر معمر هنتور أنّ أزمة الخبز ستشهد احتدامًا وسخونة أكبر خلال الفترة المقبلة، خصوصًا مع تجاهل السلطات للمشكلة، على حد تعبيره. ويرى هنتور أنّ مهنة الخبازين حساسة، وليست كسائر المهن الأخرى، ما يفترض أن تتعاطى معها مصالح وزارة التجارة، وكذا الضرائب بشيء من المرونة مع مهنيي القطاع، حتى لا يتكرر ما حدث من ارتباكات في البلاد في خريف 2007، غداة توقف آلاف الخبازين آنذاك عن النشاط.

وينتقد هنتور في مقابلة مع quot;إيلافquot;، غياب دعم الدولة للخبازين، الأمر الذي حتّم على 20 % من الخبازين التوقف، مشيرًا إلى الوضع الكارثي الذي يعيشه هؤلاء، إضافة إلى الديون التي تثقل كواهلهم.

إلى ذلك، يتفق قلفاط وهنتور ودقي وعديد من استجوبناهم أنّ عدم تدارك الموقف سيعني أزمة خبز في رمضان، وهو سيناريو إن حدث ستكون له انعكاسات سلبية في ظلّ الاعتماد المفرط للسكان المحليين على هذه مادة الخبز الحيوية، بيد أنّ فريق الخبازين يشددون على أنّهم بداعي تشبعهم بروح المسؤولية، لن ينظموا أي حركة احتجاجية في رمضان، لكنهم يلفتوا إلى أنّ استمرار موجة غلق المخابز عبر عدد من محافظات الجزائر، سينتج ندرة واضطرابات على صعيد تزويد المستهلكين بالخبز.

وتنفي السلطات الجزائرية على لسان وزيرها للتجارة مصطفى بن بادة صحة إدعاءات الخبازين، ويبدي استعدادًا لفتح حوار ينهي كل لبس، في الجهة المقابلة، يدعو الخبازون إلى إيفاد لجنة تقنية مركزية تتولى إجراء تقييم حقيقي لمآلات صناعة الخبز وما يتصل بها من كلفة الإنتاج وسائر المشاكل، علمًا أنّ الجمعية الجزائرية للخبازين تقترح على السلطات اعتماد تسعيرة جديدة للخبز بزيادة 12 %، يتم بموجبها الحفاظ على هامش ربح معقول للخبازين.

ويبرز مراد بولنوار المتحدث باسم الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين، أنّ أربعة آلاف خباز توقفوا عن النشاط منذ العام 2007، بسبب ما سماه quot;معوقات السياسة الضريبية المعتمدةquot; في الجزائر. ويقول بولنوار في تصريح خاص بــquot;إيلافquot; إنّ التدابير الحكومية أدت أيضًا إلى تخلي ألفي حرفي عن مسارهم المهني، حيث لوحظ نزيف حاد دفع بمئات الحرفيين والتجار المعروفين إلى إيقاف أنشطتهم، والتحول إلى أعمال حرة.