لم تشذّ أسعار المواد الأكثر استهلاكاً في الجزائر عن القاعدة المعهودة عشية رمضان، حيث بدأت الأسواق المحلية بالتأرجح المرشح للالتهاب حال دخول شهر الصيام، وكخطة بديلة تسعى السلطات واتحاد التجار لمواجهته من خلال تعزيز الرقابة.
كامل الشيرازي من الجزائر: في جولة قادت مندوب quot;إيلافquot; عبر أسواق quot;بوزرينةquot;، وquot;باب الواديquot;، وquot;كلوزالquot;، وquot;ميسونييquot;، وquot;علي ملاحquot;، وquot;سعيد حمدينquot;، وquot;حسين دايquot;، وquot;باش جراحquot;، وquot;الحراشquot; وغيرها المنتشرة على طول الجزائر العاصمة وضواحيها، بدا واضحاً للعيان أنّ العُرف المتكرس لدى التجار المحليين والقائم على رفع الأسعار لن يزول.
وعليه، صعد سعر الكيلوغرام من البطاطس إلى 40 ديناراً، بعدما كان بـ25 ديناراً، في حين تضاعف سعر الكوسا إلى 60 ديناراً بدلاً من 30 ديناراً. الأمر نفسه ينطبق على البصل، الذي كان بـ20 ديناراً، ليتحول إلى 30 ديناراً، والطماطم التي ارتفعت تكلفتها إلى 50 ديناراً، إضافة إلى الجزر بـ50 ديناراً، والفاصوليا التي دفعت بها المغالاة إلى 70 ديناراً، والباذنجان بـ45 ديناراً، والفلفل الأخضر بـ65 ديناراً. يشار إلى أنّ الأسعار المذكورة هي المعدل العام، إذ تتفاوت بالصعود أو الهبوط بين سوق وأخرى.
وفي quot;بورصةquot; الفواكه، لم يحل تزامن رمضان مع بعض الفاكهة الموسمية دون الرفع من أسعارها، وهو حال العنب الذي ارتقى من 90 إلى 130 ديناراً، والبطيخ بنوعيه إلى 45 ديناراً، والخوخ بـ150 ديناراً، واللافت أنّ التمور التي تشتهر بها الجزائر توجد في أعلى اللائحة بـ280 ديناراً، بما يؤشر في حال بقاء الوضع على منواله، إلى أنّ عموم المستهلكين سيضطرون إلى التضحية بمدخراتهم إذا ما أرادوا الوفاء بمتطلبات عوائلهم وما أكثرها.
وما يثير الاستياء والجزع هو اشتداد المزايدات بشكل خاص لدى باعة اللحوم البيضاء والحمراء، حيث قفز سعر الدجاج من 180 ديناراً إلى الضعف أي 360 ديناراً في ظرف أيام قليلة، تماماً مثل اللحوم الحمراء بأنواعها، حيث صار سعر الكيلوغرام الواحد من لحم الغنم الطازج بحدود 1250 دينارا، فيما اقترب لحم البقر الطازج من حافة الألف دينار، ولم ينج اللحم المجمّد من عدوى الزيادات، إذ صار يلامس عارضة الستمائة دينار، وهذه الأسعار هي أبعد بكثير عن متناول الموظفين محدودي الدخل الذين يشكّلون السواد الأعظم في المجتمع الجزائري.
والمقلق أنّ الأسعار المذكورة مرشحة لأن تصبح أكثر التهاباً في الأيام المقبلة. ورغم التطمينات الرسمية واستعداد السلطات الجزائرية لإغراق الأسواق المحلية بعشرات الأطنان من اللحم الهندي المجمّد، فضلاً عن أطنان أخرى من الدجاج المجمّد، إلاّ أنّ عدداً من المستهلكين التقتهم quot;إيلافquot; في الأسواق هناك، أبدوا تشاؤمهم من قدرة الإجراءات الحكومية. فيجزم ساعد وفريد العاملان في ورشة بناء، أنّ نفوذ ما يسميها quot;اللوبياتquot; فوق كل شيء، فيما يستدل عامر ورضوان وكذا ربيعة ومنال، بتجارب سابقة كانت فيها الغلبة لمن ينعتونها quot;مجموعات المصالحquot;.
إجراءات صارمة وأخرى تنظيمية لمراقبة الأسواق
بيد أنّ مصطفى بن بادة يرفض ما يتردد بين مواطنيه، ويتوعد بالنيل من المضاربين ومن لفّ لفّهم، وللتعاطي مع الوضع، يشير بن بادة إلى اتخاذ مصالحه لجملة من التدابير من أجل ضمان استقرار الأسواق المحلية والحيلولة دون تفادي ارتفاع الأسعار.
ويقوم المخطط الحكومي ndash; بحسب بن بادة ndash; على تكثيف الرقابة والقمع الصارم لجيوب الغش، من خلال الانتصار لمبدأ quot;تسقيف الأسعارquot;، ويلفت الوزير إلى أنّ توافر مخزون مناسب من اللحوم البيضاء المحلية بحدود خمسة آلاف طن، واستيراد لحوم البقر المجمّدة، إلى جانب شروع الديوان الجديد للخضر والفواكه في تكوين مخزونات، عوامل من شأنها ضمان التحكم في أسعار اللحوم والخضر والفواكه.
تعكف السلطات حالياً على القيام بعدة تحريات حول وضعيات احتكار وسط شركات تنشط في فروع الصناعات الغذائية، كما اتخذت إجراءات وقائية عدة وتدابير لتنظيم وضبط آليات السوق المحلية. وتم ضبط برنامج خاص يضمن تزويد أسواق الخضر والفواكه بالمنتجات ذات الاستهلاك الواسع بصفة منتظمة، ومواجهة كل محاولات التلاعب والمضاربة بأسعارها.
من جهته، يكشف بوزيد بوقصري الرئيس والمدير العام للديوان الجزائري لتغذية الأنعام، عن مائتي عرض لتوزيع الدجاج المجمد خلال رمضان، ويوضح بوقصري أنّ الأمر يتعلق باستراتيجية طويلة المدى، وليس بعملية تقتصر على أيام الصيام فحسب.
ويبدو أنّ السلطات تولي اهتماماً كبيراً بالموضوع، إذ تدخل الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، شخصياً ليأمر بمحاربة المضاربة على أهبة حلول شهر رمضان، وطلب الرئيس من حكومته quot;اتخاذ كل التدابير اللازمةquot; لتنظيم عملية تزويد السوق بالمواد ذات الاستهلاك الواسع، والحيلولة دون تلاعب المضاربين بالأسعار، وكذا حمل التجار على احترام القواعد الصحية خلال شهر الصيام.
اتحاد التجار يستبعد ارتفاع الأسعار
يستبعد صالح صويلح الأمين العام لإتحاد التجار والحرفيين الجزائريين، ارتفاع أسعار المواد ذات الاستهلاك الواسع خلال شهر رمضان، رغم ما يحصل حالياً من quot;مناوراتquot; على حد تعبير شريحة المستهلكين.
ويتوقع صويلح أن تنخفض أسعار اللحوم البيضاء مثلها مثل الحمراء، مرجعاً ما يحدث حالياً إلى الصعوبات التي يواجهها مربو الدواجن، خاصة في فصل الصيف، وتأخر جلب اللحوم الحمراء، ويرسل التطمينات نفسها إزاء أسعار السكر والزيت، التي يرجح انخفاض منحناها إلى 6 %.
ويلفت صويلح إلى قيام هيئته بحملات تحسيسية من خلال تنظيم جولات على مستوى أسواق الجملة والتجزئة لتوعية التجار بعدم المضاربة في الأسعار، ودعوتهم إلى التضامن مع الفئات الهشة خلال الشهر الفضيل، فضلاً عن التحلي بروح المسؤولية، واحترام الأسعار في حدود المنافسة الشرعية والقسط في الميزان، مع الدعوة إلى عدم تكديس السلع وتخزينها بغرض المضاربة فيها.
في المقابل، يرى سليم لعجايلية حتمية التدخل الجدي والفعّال للمصالح المعنية بالرقابة وقمع الغش للحفاظ على استقرار الأسعار وقطع الطريق أمام المضاربين والسماسرة والطفيليين الذين يسعون إلى استغلال شهر الرحمة للربح الفاحش والسريع على حساب المستهلكين.
كما يحث لعجايلية المستهلكين على الامتناع عن شراء المواد، التي تشهد أسعارها ارتفاعاً فاحشاً، والتي لا تحمل اسم المنتج وتاريخ الصنع والصلاحية والمتغيرة رائحتها أو لونها.
التعليقات