تشهد مادة الثوم في الجزائر واقعا ممزوجا بين الغلاء والندرة، على نحو ارتفع معها سعر هذه البصيلة الرائجة في الجزائر، وحرم المستهلكين من اقتناء ما يحتاجونه من كميات، في واقع يربطه الشارع بالمضاربة، فيما يراه التجار محصلة منطقية لضعف الإنتاج. quot;إيلافquot; استطلعت الموقف مع تجار ومستهلكين ومتابعين.

الجزائر: يؤكد رواد الأسواق في عدد من المناطق الجزائرية، أنّ سعر الثوم بلغ خلال الأيام القليلة الماضية 350 دينارا للكيلوغرام (ما يعادل 5 دولارات)، وهو سعر باهظ يمثل أضعاف السعر الذي بيع به الثوم خلال مواسم منقضية، ما جعل قطاع واسع من المستهلكين يجدون صعوبات حقيقية في اقتناء الكمية اللازمة من الثوم، علما أنّ الأخير يُراهن كثيرون على شرائه عادة في الصيف، نظرا لغلائه وندرته في موسمي الخريف والشتاء.تقول العجوز زهرة:quot;غريب ما يحصل، كيف للثوم أن يقفز إلى سعره الحاليquot;، وتضيف محدثتنا التي كانت تتسوّق رفقة حفيدها بحي باب الوادي، أنّ آلة المضاربة لم تستثن مادة موسمية مثل الثوم الذي يقوم السكان المحليون بتخزينه صيف كل عام تحسبا لإحياء ما يُعرف هناك بـquot;العولة التقليديةquot;، وكذا لاستخدامه في الطبخ.

ويجزم الشيخ صالح بغضب:quot;رفع ثمن الثوم يفتقد لسبب حقيقي، الارتفاع غير الطبيعي لأننا في قمة موسم الجنيquot;، وهو ما تؤيده السيدة نفيسة التي اكتفت بشراء رطل من الثوم ذات الساق الطويلة، وهو ما قام به أيضا الكهل عثمان الذي يعلّق:quot;الثوم مثله مثل سائر الخضروات والفواكه، العين بصيرة واليد قصيرة، صرنا نرضى بالقدر الأدنى من الحاجياتquot;، في حين يبدي آخرون ارتيابا وتشكيكا في كون ما يحدث، ناجم عن تخزين كميات ضخمة من الثوم من طرف المضاربين، بهدف إعادة طرحها لاحقا للبيع بأسعار ملتهبة.وكـquot;حيلةquot; لاستبعاد شبح كساد بضاعتهم، ارتضى فرق من الباعة، طريقة مغايرة، إذ يقترحون على الزبائن أكياسا صغيرة بداخلها أربعة فصوص من الثوم بقيمة مائة دينار للكيس الواحد (ما يعادل الدولار وربع).

في الطرف المقابل، لا يبدي عموم التجار ارتياحا لما هو سائد، بسوق quot;مارشي 12quot; وسط الجزائر العاصمة، تحدثنا إلى quot;مصطفىquot;، سعيد ومحمد وهم من الباعة القدامى بالمكان، أقرّ هؤلاء أنّ مبيعاتهم من الثوم لم تعدّ تتعدى بضع كيلوغرامات، بعدما كانت أكثر بكثير في مواسم سابقة، ويعزو الثلاثة ذلك إلى السعر العالي للثوم على مستوى أسواق الجملة، ما جعل البضاعة كاسدة، ويبرئ محدثونا ساحة الباعة من تهمة المغالاة، حيث يلقون بالمسؤولية على عاتق كبار التجار وكذا من يُعرفون بـquot;الوسطاءquot;.بسوق بوقرة (30 كلم جنوب الجزائر العاصمة)، أحد أشهر أسواق الجملة في البلاد، عزا التجار هناك غلاء الثوم إلى ضعف المنتوج المحلي، وهو معطى أفرز ندرة ارتفع بمفعولها السعر منطقيا، وخلافا للاعتقاد العام، ذكر أحد المتعاملين أنّه من الطبيعي أن يشهد الثوم ارتفاعا نظرا لكون غالبية السلعة المسوّقة مستوردة، وهو ما يفسّر بحسبه صعود الكيلوغرام الواحد من الثوم إلى سقف الخمسمائة دينار واستحالة نزوله إلى ما تحت منحنى الثلاثمائة دينار.

كما يشدّد التاجر quot;عبد القادرquot; على أنّ إنتاج الجزائر من الثوم المتشكل بجزء كبير من الزراعات القوتية لم يكن يوما وافرا، عكس ما يروّج له، وهذا الضعف في الإنتاج يعني وجوبا عدم تدخل مجموعة أو هيئة لتخزين مردود موسوم بـquot;الهزيلquot;، ويستدل عبد القادر باختفاء تلك المركبات الصغيرة التي نشطت إلى وقت قريب، وكان أصحابها يعرضون الثوم بأسعار تنافسية.أكثر من ذلك يذهب التاجر quot;عليquot; إلى أنّ ما يتم تسويقه قائم أساسا على ما يتم استيراده، مبرزا أنّ واردات الثوم زادت خلال السنوات الأخيرة، حتى يتم سدّ الطلب المحلي على هذه المادة التي لا تزال زراعتها محتشما رغم امتلاك البلاد لمساحات زراعية هائلة ومناخ يسمح بتحقيق منتوج وفير من الثوم.ويتصور متابعون بلا جدوى ضبط السوق المحلية، من خلال اللجوء إلى نظام ضبط المنتوجات الزراعية الواسعة الاستهلاك، طالما أنّ هذا الترتيب يطبق لضمان استقرار السوق عندما تكون هناك وفرة في العرض وليس مثلما هو عليه الوضع الحالي للثوم في الجزائر.