كانت خدمة بلاك بيري هي السبيل الوحيد لقضاء أوقات الفراغ وتبادل المعلومات والنكات، بغض النظر عن الأشياء الأخرى، وجاء قرار إيقاف هذه الخدمة كالصاعقة على الشباب السعودي خصوصاً دون غيره.

حسن الأحمري من الرياض: في ظل مطالبات الشباب المتكررة في توفير وسائل ترفيه داخل السعودية، وعدم منعهم من ممارسة حياتهم اليومية العادية، جاء قرار إيقاف خدمات بلاك بيري. فمع مطاردات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لهم في كل مكان ndash; ربما تغير الوضع حالياً للأفضل ndash; وكذا منعهم بشكل صارم من دخول الأسواق وحصرها للعوائل فقط، والمنع التام والأبدي لدور السينما في المملكة، كان بلاك بيري الطريق التكنولوجي الوحيد للترفيه وبث التسلية بين صفوف الشباب.

فقلما تجد شاباً لا يملك حساباً في الهوت مايل أو الفايس بوك لتحقيق الغايات المشار إليها أعلاه، إلى أن وصلت خدمة بلاك بيري الأكثر شهرة ونفوذاً بين الشباب خلال السنة ونصف الماضية، ومنذ دخولها وهي تقع تحت تهديد بشكل مباشر أو غير مباشر بالإيقاف، إلى أن ظهر القرار السريع وغير المتدرج بإلغاء الخدمة يوم الجمعة 6 أغسطس/آب.

والكثير يتساءل لماذا تم السماح من قبل هيئة الاتصالات بدخول الخدمة، طالما أنها وسيلة سهلة للإرهابيين لممارسة أعمالهم المشينة؟.. هذا التساؤل يقودنا إلى موضوعات تم التطرق إليها كثيراً، أهمها غياب التنسيق بين معظم الدوائر الحكومية، بل وربما تصل إلى التعارض بين القرارات. هذا الأمر يقود إلى خسائر اقتصادية كبيرة، تصل إلى مليارات الريالات، وأقل هذه الخسائر انعدام الثقة من المواطن لمقدمي الخدمة.

700 مليون ريال هي الإحصائية المبدئية لخسائر شركات الاتصالات، بسبب إلغاء خدمة ماسنجر بلاك بيري فقط، وهي مرشحة للزيادة، إذا نظرنا إلى مسألة انعدام الثقة بشكل جدي وصحيح. فقرارات هيئة الاتصالات وطريقة عملها المتخبطة تطرح العديد من التساؤلات. فالذي ينظر إلى سوق الاتصالات في المملكة، المفترض أن تكون الأكبر في الشرق الأوسط، يجد بيئة تنافسية غير جيدة، وتفاوتا كبيرا بين أداء الشركات يظهر بشكل سلبي ورجعي على المستخدمين وموظفي تلك الشركات، إضافة إلى التفاوت الكبير في جودة الخدمات المقدمة، كما يضيف البعض محاباة الهيئة للشركة الأكبر في هذا المجال.

وجاء قرار الإيقاف لخدمة بلاك بيري بمثابة الضربة القاضية للشباب السعودي، الذي يعاني كثيراً من الفراغ، فيتجه للسفر في كثير من الأحيان في حال توافر الوقت والمادة، أو يلجأ إلى الوسائل التكنولوجية، كالانترنت والإيميل والمحادثة، أو للأسف ينحرف البعض منهم ممن لم يتلق التعليم الكافي واللجوء للسرقة، أو يتجه البعض للانحراف المتطور (اللا أخلاقي) أو ما يسمى بالعلاقات العاطفية غير المشروعة.

ومن وجهة نظر الكثير، يعتبر إيقاف الخدمة شرارة لعدد كبير من المشاكل والمعضلات، سواء الاجتماعية منها أو الاقتصادية، فلن يستبعد قيام عدد من المستخدمين بتقديم شكاوى ضد الشركات المقدمة وتعويضهم عن الرسوم المدفوعة أو عن الأجهزة باهظة الثمن، التي قاموا بشرائها أخيراً. فالقانون لا يمنعهم من ذلك، ولكن المشكلة تكمن في الإجراءات الإدارية الطويلة المعقدة، عطفاً على ضعف احتمال الحصول على تعويض مادي لذلك.

أما في الإمارات، التي قامت أيضاً بإيقاف الخدمة، فسارعت الشركات المقدمة هناك إلى طرح العديد من الخدمات المجانية والباقات، وحتى الأجهزة تعويضاً منها لعملائها، في حين لم نجد ولو تصريح واحد من أي مسؤول في أي شركة داخل المملكة لتعويض المستخدمين أو حتى محاباتهم والتمسك بثقتهم.