تنفرد السعودية عن غيرها من دول العالم بقانون إغلاق المحال يومياً في أوقات الصلاة، بما يعادل ساعتين يومياً، وهذا القرار ليس حديث التطبيق، وإنما طبّق منذ أكثر من 30 عاماً، لكن بدأت الانتقادات تظهر على السطح في الألفية الجديدة لما له من آثار سلبية على الاقتصاد الوطني،إضافة إلى توقف الأنشطة التجارية عند الـ11 ليلاً.

الرياض: يؤكد تجار وأصحاب أعمال سعوديين أن الهدف من إثارة موضوع إغلاق المحال التجارية في المملكة في أوقات الصلاة في الوقت الحالي ليس العدول عن إغلاقها، ولكن ضرورة إعادة تقنين القرار وهيكلته، فما إن يرفع الأذان حتى يهرع أصحاب المحال لإغلاق الأبواب خوفاً من قدوم السطات المعنية لتغريم المحل أو وضعه في موقف حرج أمام زبائنه لإجباره على إغلاق الأبواب والذهاب للصلاة.

ويوضحون أن quot;الدعوة إلى الصلاة أمر محمود ومطلوب، وليس منبوذاً، فإعمار الأرض بالصلاة وذكر الله من المحاسن التي تتميز بها الدول الإسلامية، ولكن أن تغلق الأبواب، وتجبر على ذلك منذ أن يرفع الأذان، أو قبل الأذان بعشر دقائق، فيرى البعض بأنه أمر مبالغ فيه، فالمسلم حريص على صلاته، إذا كان ذلك ينبع من داخله، حسب تربيته وقوة إيمانهquot;.

ما يحدث في السعودية عن غيرها من البلدان أمر تفردت فيه بامتياز، فلا تكاد ترى أي محل أو مكتب أو أي عمل تجاري يمارس مهامه منذ أن يرفع الأذان، وبالتالي تتوقف الحركة الاقتصادية لمدة 30 دقيقة في كل صلاة، أي ما يعادل ساعتين يومياً بشكل كامل، وهذا يؤدي إلى خسائر اقتصادية، قد تصل إلى ملايين الريالات يومياً، حسب أصحاب الأعمال.

أحد الاشخاص الوافدين من خارج مدينة الرياض كمسافر، أراد أن يكمل طريقه، فيملأ سيارته بالوقود بعد الأذان مباشرة، فلم يستطع من ذلك طبعاً، لأن المحطة مغلقة. فتساءل quot;أنا أجمع صلاتي وأقصر، وفي طريق سفر، ولم تقم الصلاة بعد، فلماذا لا يتناوب العمال على المحطة خلال هذا الوقتquot;. ودعا إلى أن يكون هناك نوع من المرونة في تطبيق مثل هذه القرارات.

شخص آخر لديه ضيوف من خارج المدينة، أراد أن يدعوهم إلى وجبة غداء، فذهب بهم إلى أحد المطاعم في شارع التحلية الفخم في مدينة الرياض، وبعدما فرغوا من تناول وجبتهم، وأرادوا الخروج من المطعم، رفض القائمون على ذلك، بسبب أنهم الآن في وقت صلاة، ولا يستطيعون فتح الأبواب إلا بعد الانتهاء من الصلاة. فما كان للرجل إلا أن يضطر للمكوث في المطعم هو وضيوفه، ففي كلا الحالات لم يؤدوا الصلاة في المسجد مع الجماعة، ولم يخرجوا من المطعم.

وفي رمضان، تزداد ساعات العمل المفقودة داخل المدن، فتزيد ساعتين، لتصبح 4 ساعات يومياً، لتصبح العجلة شبه مشلولة، فلا تكاد ترى أحداً في الشارع، ولن تجد ولو محلاً واحداً مفتوحاً، وفي فترة أخرى لا تستطيع أن تمشي بسيارتك على الأقل داخل المدينة بسبب الازدحام الشديد، حيث إن كل من كان في منزله قبل تلك الفترة ينزل الآن لقضاء احتياجاته المنزلية، فيستغرق الوقت بدلاً من ساعة إلى ساعتين أو ثلاث، معظمها في الطريق أو وقوفاً عند الإشارات أو بحثاً عن موقف للسيارة. ويقول المستهلكون إن quot;القضية تتحول من محاولة تنظيم وترتيب الأوقات ومواعيد الفتح والإغلاق، إلى فوضى عارمة، لا يمكن للمرور أو غيره من الجهات المسؤولة السيطرة عليها، وهذا سيناريو متكرر في رمضانquot;.

مشكلة أخرى، يشير إليها رجال الأعمال، وهي إغلاق المحال في الأيام العادية عند الساعة الحادية عشرة قبل منتصف الليل، حيث أثار هذا القرار استغراب العديد من المواطنين، فالكثير يرى بعدم ضرورته، بل على العكس تماماً فيرون أن سلبياته أكثر من إيجابياته، متسائلين quot;أين دور الشرطة التي من المفترض أن تكون في خدمة الشعب وحراسة أمنه، إذا كان الهدف من إغلاق المحال هو الحد من السرقات، فمعدلات الجريمة كما هي دون تغييرquot;.

ويعتقد أصحاب الأعمال والتجار quot;أن الحل لهذه المشكلة، التي من المفترض ألا تكون مشكلة في الأساس، هو إعطاء مساحة للمرونة، فلماذا يتحول الشخص الذي لا يغلق باب رزقه قبل الأذان بعشر دقائق أو مع الأذان إلى مجرم ndash; نوعاً ما ndash; وتجب محاسبته، ويغادر إلى الجهة المسؤولة لمحاسبته.

أما إغلاق المحال قبل منتصف الليل فيؤكدون أنها مشكلة أخرى تكبد، خصوصاً لقطاع التموينات والمطاعم، الكثير من الخسائر أو ما يسمى بالفرص الضائعة، ولا تحلّ إلا بإلغاء القرار، وتمديد الوقت المسموح فقطquot;.