أكثر من 41 مليار ريال سعودي حجم السلع المغشوشة في السوق السعودية وحدها، تكلف الاقتصاد الوطني 16 مليار ريال سنويًا، في الوقت الذي يعمل فيه 20 مليون عربي في السوق السوداء، فيما تمثل السلع المغشوشة والمقلدة نحو 30 % من المنتجات المتداولة في السوق العربية، 90% منها سلع أجنبية.

محمد العوفي من الرياض: قدرت مصلحة الجمارك السعودية حجم السلع المغشوشة في السوق ما يقارب من 41 مليار ريال.
وكشف تقرير صادر من مصلحة الجمارك أن حجم المضبوطات التي لعبت فيها الإجراءات الجمركية دورًا مهمًا خلال عام 2009 بلغ نحو 6.5 ملايين صنف، تعد ضمن حالات الغش والتقليد في مختلف المنافذ الجمركية، سواء كانت متجهة إلى أسواق المملكة أو عابرة ''ترانزيت'' إلى دول أخرى.

وأوضح الدكتور فهد بن صالح السلطان أمين عام مجلس الغرف السعودية في تصريح لـquot;إيلافquot; أن ظاهرة الغش التجاري تكلف الاقتصاد الوطني ما مقداره 16 مليار ريال سنويًا، حيث تشير آخر الإحصاءات إلى أن خسائر المملكة من عمليات الغش التجاري والتقليد وصلت إلى نحو 11 مليار دولار، مشيراً إلى الأثر السيئ الذي تخلفه هذه الظاهرة، سواء على صحة المستهلك أو صحة البيئة وعلى الاقتصاد الوطني وثقة المستثمرين المحليين والأجانب. وأضاف أن الغش التجاري والتقليد وانتهاك الملكية الفكرية بحاجة إلى جهود مكثفة وذلك لحماية الاقتصاد السعودي والمواطن من آثارها السلبية.

وأضاف أن تنامي حجم ظاهرة الغش التجاري وتعدد أساليب الغش والتدليس على المستهلكين في مختلف الصور بات يتطلب تضافر جهود كل الجهات المعنية في القطاعين العام والخاص، ولفت إلى أن مكافحة ظاهرة الغش التجاري من قبل القطاع الحكومي وحده لم تعد كافية، وأن الحاجة باتت ضرورية إلى مشاركة القطاع الخاص لما له من دور كبير ومحوري في الجهود الهادفة إلى مكافحة الغش التجاري وحماية حقوق الملكية الفكرية، وذلك باعتباره صاحب المصلحة الأولى والمتضرر الأكبر من عمليات الغش التجاري.

مشيراً إلى تأثيرات الظاهرة السلبية على المستثمرين ورجال الأعمال المحليين والأجانب نتيجة إضرارها بمصالحهم التجارية وتعريضهم للخسائر المالية، إضافة إلى ما تلحقه من ضرر كبير بالمستهلك والاقتصاد الوطني وسمعته عالمياً.

وقال أمين عام مجلس الغرف السعودية إن الغش التجاري يشكل مشكلة عالمية وتحتاج على الصعيد الوطني حزمًا في معالجتها وتتطلب جهود محاربتها تطوير آليات الكشف عنها وتكثيف الرقابة وتشديد العقوبات وتدريب الكوادر البشرية وتكثيف التوعية المجتمعية بأضرارها.

وحول دور مجلس الغرف السعودية في جهود محاربة الغش التجاري، أشار إلى أن المجلس كان له دور بارز في دراسة نظام مكافحة الغش التجاري ولائحته التنفيذية وإبداء مرئياته وتصوراته حيال مواده وبنوده التي باتت تشكل منطلقاً رئيسًا في جهود محاربة الغش التجاري والتقليد بما حوته من أحكام موضوعية وإجرائية جديدة وما نصت عليه من صلاحيات واسعة وعقوبات مشددة وتجريم لأساليب جديدة من الغش التجاري لم تكن مجرمة في ظل النظام السابق.

كما يشارك المجلس في جهود المحاربة من خلال تبادل المعلومات والخبرات مع مختلف الجهات حول كيفية التفريق بين السلع الأصلية والمغشوشة ودعم جهود الإدارات الحكومية المعنية بمكافحة الغش التجاري والتقليد ويساهم بشكل فاعل في جهود التوعية المجتمعية من خلال إصدار النشرات والكتيبات عن الغش التجاري ويعقد الندوات والمحاضرات التي تتناول هذه الظاهرة.

وبيّن أن المجلس نظم قبل أشهر قليلة ورشة عمل ضخمة بمشاركة وزارة التجارة والصناعة، ومصلحة الجمارك، وهيئة الغذاء والدواء، وجمعية حماية المستهلك ولجنة مكافحة الغش في غرفة الرياض تحت عنوان quot;مواجهة الغش التجاري والتقليد وحماية الملكية الفكريةquot;، كان واحدا من أهم محاورها بحث كيفية تعزيز تعاون القطاع العام والخاص وهدفت للتعرف إلى الدور المفروض على القطاعين لعبه للتصدي لظاهرة الغش التجاري والتقليد وحماية الملكية الفكرية وكيفية تعزيز التعاون بينهما، وقدم القطاع الخاص خلال الورشة تجاربه في محاربة الغش التجاري وتصوره لدوره في محاربة هذه الظواهر وخرجت الورشة بالعديد من التصورات الإيجابية التي ستسهم في تعزيز جهود محاربة الغش التجاري والتقليد والتعدي على الملكية الفكرية.

ولفت السلطان إلى التعاون الوثيق بين مجلس الغرف السعودية ومصلحة الجمارك في مجال السلع المقلدة والمغشوشة، وكذلك دعم المجلس لجمعية حماية المستهلك وأنشطتها الرامية إلى تبصير المستهلك بأضرار السلع والمنتجات الرديئة الصنع والمقلدة، إضافة إلى ما يقوم به المجلس من دور في نشر التعاميم التي ترده من وزارة التجارة والجهات المعنية حول هذا الشأن على الغرف التجارية وقطاع الأعمال، مثمناً دور الغرف التجارية في هذا المجال، مضيفاً أن المجلس شارك في إبداء مرئياته في دراسة مشروع قانون مكافحة الغش التجاري الموحد لدول مجلس التعاون الخليجي.

واختتم السلطان تصريحه قائلاً إن مشاركة مجلس الغرف السعودية بصفته ممثلاً لقطاع الأعمال السعودي في صياغة الأنظمة المتعلقة بمكافحة الغش التجاري والجهود الرسمية لمكافحة هذه الظاهرة من خلال مختلف الأنشطة يعطي تلك الجهود زخماً ودعماً أكبر لما لهذا القطاع من خبرة واسعة وإمكانات كبيرة يمكن توظيفها وتطويعها للقضاء على الغش والتقليد مشدداً على ضرورة استصحاب دور القطاع الخاص في كل ما يتعلق بجهود محاربة هذه الظاهرة.

أسباب المشكلة
يرى خبراء اقتصاديون أن السبب في انتشارها في السعودية يعود إلى قيام تجار سعوديين بالذهاب إلى بعض المناطق الحرة والتعاقد مع الصينيين على سلع بأسعار رخيصة مقابل التنازل عن بعض الاشتراطات المتعلقة بالأمن الصناعي والصحة بهدف الحصول على موقف تنافسي في السوق.

إلى جانب ضعف الأجهزة الرقابية، وعدم معرفة ما هي الجهة المختصة بتطبيق المواصفات، فعلى الرغم من وجود أكثر من 19 ألف مواصفة لا يتم تطبيق سوى ألف منها فقط، كما إن تطبيق هذه المواصفات يواجه مشكلة نقص المختبرات التي تقوم بالفحص.

آثار ونتائج الغش التجاري والتقليد
المستهلك هو المتأثر الأول بظاهرة الغش والتقليد لكونه من يشتري السلع المغشوشة ويستعملها، وهو الذي يتحمل التبعات من ذلك الغش، وتتمثل في التأثير على الصحة، والآثار السلبية على السلامة والأمان للمستهلك والمنتج، والتأثير في الحالة النفسية، وضياع الوقت وهدره في المطالبة بحقوقه في الشكوى أو استرداد أمواله أو الحصول على بديل من البضائع، وخصوصاً إذا لم يكن هناك ضمان أو اختفاء البائع.

كما تمتد آثارها إلى الصحة العامة والبيئة فاستخدام السلع المغشوشة يسمح بانتشار الأمراض المعدية، وهذا يشكل خطراً على الصحة العامة، كما إن استعمال السلع المغشوشة أو المقلدة يلحق ضررًا بالغًا بالبيئة نظرًا إلى عدم وفاء المنتج بالمواصفات والمعايير المتعلقة بالبيئة.

وكذلك على الإنفاق الاستهلاكي لأنها لا تفي بالغرض الذي يطلبه المستهلكون ولا تلبي احتياجاتهم ولا تحقق لهم الرضا التام، لذلك فإن المستهلك مضطر لشراء سلعة أخرى، وربما أكثر لتحقيق الغرض المطلوب، وهذا يؤدي إلى إضاعة الدخل وتبديده على سلع عدة لتحقيق غرض واحد، في حين أنه بهذه الطريقة سيضطر إلى التغيير نتيجة إقدامه على شراء سلعة رديئة ورخيصة الثمن. ولذلك فإن المستهلك في النهاية يتكبد الخسارة جراء شراء السلع المغشوشة أو المقلدة ويزيد إنفاقه لإشباعه حاجاته ويبدد دخله من جراء ذلك.

وتمتد الآثار لتشمل الشركات وقطاع الأعمال والمنتجين الذين ينتجون السلع الأصلية والملتزمة بمعايير الجودة والمواصفات المطلوبة. ويظهر هذا الأثر في جانبين، زيادة التكلفة على هذه الشركات من حيث الالتزام بالمعايير والمواصفات المطلوبة للجودة والإتقان، وهذا يؤدي إلى زيادة التكلفة وزيادة السعر في السوق، وانخفاض في مستوى المبيعات لدى الشركات المنتجة للسلع الأصلية، حيث إن غالبية الناس ينقادون وراء الأسعار المخفضة.

دور الجهات الحكومية في الحد من السلع الرديئة
من أجل ذلك كله، جرى إنشاء جمعية حماية المستهلك في يناير - كانون الثاني 2008 بهدف العناية بشؤون المستهلك ورعاية مصالحه والمحافظة على حقوقه والدفاع عنها، وتبنّي قضاياه لدى الجهات العامة والخاصة، وحمايته من كل أنواع الغش والتقليد والاحتيال والخداع والتدليس في السلع والخدمات كافة والمبالغة في رفع أسعارهما، ونشر الوعي الاستهلاكي لدى المستهلك، وتبصيره بسبل ترشيد الاستهلاك.

ومن ثم وقعت مذكرة تفاهم بين هيئة المواصفات والمقاييس السعودية ونظيرتها الصينية في 2009 بهدف التأكد من جودة الصادرات والمشغولات الصينية التي تصدر إلى السعودية.

كما نظم مجلس الغرف السعودية و مصلحة الجمارك ورشة عمل كبرى بعنوان quot;مواجهة الغش التجاري والتقليد وحماية الملكية الفكريةquot; في يونيو - حزيران 2010 بمشاركة متخصصين من 6 جهات حكومية وخاصة تشمل وزارة التجارة والصناعة، ومصلحة الجمارك، وهيئة الغذاء والدواء، وجمعية حماية المستهلك، ومجلس الغرف السعودية ولجنة مكافحة الغش في غرفة الرياض للتعرف إلى الدور المفروض على القطاعين العام والخاص لعبه للتصدي لظاهرة الغش التجاري والتقليد وحماية الملكية الفكرية وكيفية تعزيز التعاون بين القطاعين للتصدي لهذه الظواهر التجارية المضرة بمصلحة المواطن والتاجر والاقتصاد الوطني.

وستتضمن 8 أوراق عمل تتناول دور المستهلك في مكافحة الغش التجاري، ودور الجمارك في التصدي لظاهرة الغش والتقليد وحماية الملكية الفكرية ودور هيئة الغذاء والدواء ومساهمة القطاع الخاص مع وزارة التجارة والصناعة للحد من هذه الظواهر.
كما أن نظام مكافحة الغش التجاري في السعودية شدد العقوبات التي تطبق على المخالفين، من أهمها رفع غرامة الحد الأعلى من العقوبات من 100 ألف إلى 500 ألف ريال، وعقوبة السجن لمدة لا تزيد على عامين في عدد من الحالات منها الخداع في المنتج أو بيع أو عرض أو حيازة منتج مغشوش أو فاسد أو استخدام منتجات مخالفة للمواصفات، وغرامة مالية 50 ألف ريال والسجن مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بهما معًا لكل من قام بإجراء تخفيضات في الأسعار أو إجراء مسابقات دون الحصول على ترخيص من وزارة التجارة والصناعة، ورفع غرامة الحد الأعلى من 100 ألف ريال إلى مليون ريال وعقوبة السجن من 90 يوما إلى ثلاث سنوات أو بهما معًا لكل من حاز أو خدع أو تصرف في منتجات مغشوشة أو فاسدة أو مضرة بالصحة أو منع مراقبي الوزارة من تأدية عملهم.

عدد العرب العاملين في السوق السوداء
تشغل السوق السوداء نحو 20 مليون شخص على مستوى العالم العربي، ويشار إلى أن أخطر ما في الأمر هو وجود ارتباط وثيق لهذه الأسواق مع شبكات التهريب وشبكات المتاجرة في الممنوعات، وتشجيع هذه السوق لتسويق المنتجات الأجنبية على حساب المنتجات المحلية، حيث إن أكثر من 90% من المنتجات التي تمرر على الأسواق السوداء هي أجنبية. وتبلغ نسبة المنتجات المقلدة نحو 30 % من المنتجات المتداولة في السوق العربية.

ويقدر حجم الغش التجاري عالميًا ما بين 5 % و10 % من حجم التبادل التجاري العالمي، في حين أن حجم تجارة السلع المقلدة والمغشوشة يتراوح ما بين 10% و70% من إجمالي التجارة العالمية للسلع المصنعة، كما تقدر نسبة الغش التجاري في هذه النوعية من السلع في أميركا فقط نحو 36 % من حجم التداول السلعي الداخلي، كما وصل حجم ظاهرة الغش التجاري في الدول العربية إلى نحو 50 مليار دولار، أي ما يعادل ما نسبته 6.4% من حجم الغش التجاري على المستوى العالمي.