قال الملك عبدالله الثاني أمام الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي في منطقة البحر الميت حول النمو الاقتصادي وإيجاد فرص العمل في العالم العربي إن الربيع العربي يشكل فرصة للمضي إلى الأمام. مشددًا على أهمية أن يتحقق فيه الإصلاح توافقيًا وتدريجيًا، بحيث ينخرط الجميع فيه على المستويات كافة.


الملك الأردني عبدالله الثاني

عصام المجالي من منطقة البحر الميت: قال الملك الأردني عبدالله الثاني إن الإصلاح السياسي هو إصلاح اقتصادي في الوقت عينه، فلكي تتشجع الشركات على الاستثمار والتوسع بثقة، فإنها تحتاج ميدانًا مستقرًا واضح المعالم وقابلاً للتنبؤ، وتحتاج شفافية ونظام مساءلة وسيادة القانون وأساسًا منيعًا ومستقرًا لحياة سياسية يشارك الجميع فيها.

وأكد أن الأردن بدأ في تحقيق معالم الطريق، فالتعديلات الدستورية الجديدة تحمي الحقوق المدنية والحريات، وتنص على تأسيس محكمة دستورية مستقلة وهيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات. وسوف تصاغ تشريعات واسعة النطاق لتنفيذ هذه الأحكام الدستورية، ونحن مقبلون على انتخابات بلدية ونيابية قريبًا.

وأشار إلىأهمية الفرص الاقتصادية التي يستحقها الملايين من أبناء شعوب المنطقة، شبابًا وكبارًا، وسكان حواضر وقرى وبادية، لافتًا إلى أن هناك حاجة ماسة لرجال الأعمال الرياديين والمبتكرين والتربويين وصناع السياسات، ليس لتحرير الناس من الصعوبات الاقتصادية الحالية فحسب، بل للتمهيد والإعداد لإيجاد 85 مليون فرصة عمل جديدة تحتاجها المنطقة قريبًا.

وأشار إلى أهمية الديمقراطية، ليس فقط كبنية سياسية، ولكن كأسلوب حياة، وقال إنها تشكل المدخل نحو الإصلاح الحقيقي، الذي يجتمع حوله الناس من مواطنين وشركاء: يجتمعون تحت مظلة أحزاب سياسية، ويضعون البرامج، ويجمعون عليها، وليس هناك سبيل أوحد ينطلق من هذه البوابة، بل يجب أن تأتي الحلول من داخل كل بلد من بلدان المنطقة.

وتطرق ملك الأردن في كلمته إلى بوابة السلام والعدل، التي تفتح الباب للخروج من الأزمة الإقليمية، والتي يكمن جوهرها على وجه الخصوص في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، موضحًا أن مستقبل الشرق الأوسط وما وراءه يصبّ في تحقيق السلام كوضع طبيعي، السلام القائم على حل الدولتين، إحداهما دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وقابلة للحياة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، حسب ما تنص عليه قرارات الأمم المتحدة، وبما يؤدي إلى معالجة قضايا الوضع النهائي كلها، وهناك إسرائيل، التي يتحقق لها الأمن والقبول، وإذا ما تحقق ذلك، فسوف تبدأ حقبة من السلام والتعاون في منطقة تمتد بين المحيطين الأطلسي والهندي.

وقال إن اجتماع المنتدى يركز على مجال ينطوي على حاجة ملحة، وهو النمو الاقتصادي وإيجاد فرص العمل، ومن الصعب أن نجد اهتمامًا لدى شعوب المنطقة أكبر من اهتمامها بهذين المطلبين، خصوصًا بين الشباب الذين يشكلون غالبية سكان المنطقة.

واستطرد قائلاً quot;إن الشرق الأوسط يعاني اليوم أعلى معدل بطالة بين الشباب في العالم، وتزيد جيوب الفقر من تفاقم الوضع. وقد تأثرت الأسر في كل مكان بما خلفته الأزمات العالمية من نتائج في مجالات الغذاء والطاقة وحتى التمويل. لقد فتحت أحداث هذا العام الطريق أمام التغير الإيجابي، ولكنها أدت في العديد من الأماكن إلى اختلالات اقتصادية مؤلمة. ولذا، فهناك حاجة ماسة إلى استراتيجيات تغطي كل جوانب الحياة الاقتصادية والسياسية وصناعة السياسات والحياة الاجتماعية والقيم الثقافيةquot;.

وقال انه عند الحديث عن إيجاد فرص عمل للناس، هنالك ثلاث مجموعات لها أدوار خاصة. تتمثل المجموعة الأولى في القطاع الخاص، الذي له مصلحة كبيرة في تحرير الناس من قيود البطالة، وكذلك فإن وجود طبقة وسطى آمنة ومتفائلة بالمستقبل سوف يحقق الاستقرار لمنطقتنا أكثر من أي مورد آخر.

وأضاف الملك عبدالله الثاني أنهولتحقيق ذلك، نحتاج تطبيق أساليب إبداعية في كل المجالات، ففي الأردن على سبيل المثال، شهدنا نموًا هائلاً في مجال تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، كان روادها أشخاصًا من ذوي الرؤية ممن استبصروا احتمالات نشوء سوق إقليمية جديدة، مدعومين باستثمارات وطنية في مجال البنية التحتية والتعليم. وهناك إمكانيات كامنة عظيمة قي قطاعات أخرى تحتاجها المنطقة مثل المياه والطاقة البديلة، والتي تستطيع بدورها فتح أسواق عالمية جديدة. وقد نضجت الظروف لأخذ زمام المبادرة حيال احتمالات أخرى، وأرجو أن تكتشفوا بعضها في اجتماعكم هذا.

أما المجموعة الثانية، التي تساهم في إيجاد فرص العمل فهي الحكومات عينها، مشيرًا إلى أن هذه هي العناصر الأساسية في جهود الإصلاح في الأردن. والمجموعة الرئيسة الثالثة ذات الأثر في إيجاد فرص العمل.

وقال إن بناء مستقبل منطقتنا مسؤولية يتحملها الجميع، وهذا ينسحب على الحياة السياسية، وكذلك على مستقبل اقتصاد المنطقة، فلا يمكن توفير الوظائف التي نسعى إلى توفيرها بالأماني، لكن بإمكاننا المساهمة في نمو الفرص الاقتصادية من خلال ما نقوم به: إنتاجية قوية ومتنامية واستثمارات وصناعات جديدة وروح الابتكار والريادة، ولكي نحقق ذلك، نحتاج مساهمة كل فرد: نحتاج الموظفين الذين يؤدون عملهم بإخلاص ومهنية، ومدراء يتصرفون بخلق ويؤدون عملهم بكفاءة، ورؤساء تنفيذيين يمارسون القيادة بجرأة ومسؤولية، ومتطوعين من المجتمع المدني وشباب ممن يهتمون بمجتمعاتهم، لكي يحسنوا من أحوالها، ويساعدوا الآخرين على تحقيق إمكانياتهم.