أعترف وزير المالية المصري د. حازم الببلاوي والذي يشغل في الوقت ذاته منصب نائب رئيس مجلس الوزراء بوجود أزمة كبيرة في الإقتصاد المصري محدداً تلك الأزمة في سببين: الأول يتعلق بالسيولة المالية والنقص الكبير فيها والثاني يتمثل في إحساس المستثمرين بغموض في مستقبل مصر السياسي والإقتصادي. الببلاوي أكد أنه شخصياً يرى أهمية رفع الضرائب إلى 30% ولكنه لا يحبذ ذلك في الوقت الراهن لأنه سيرسل إشارات سلبية حول إقتصاد السوق الحرة بمصر وسيؤثر على مناخ الإستثمار فيها.


القاهرة: في خطوة ربما تعتبر محاولة لتلافي غرامات وأحكام مراكز التحكيم التجاري الدولية أكد د. حازم الببلاوي أن الحكومة هي التي تدرس إستئناف الأحكام القضائية التي قضت بإعادة المصانع والشركات المخصخصة للدولة حيث أن بعض هذه الأحكام ليس في صالح الدولة كون أن بعض المستثمرين أصبحوا غير مطمئنين لمناخ الاستثمار في مصر كما أن هناك صعوبات كثيرة في الاسترداد نتيجة أن بعض الشركات تم بيعها لأكثر من مستثمر بعد بيع الحكومة لها، إضافة إلى أن تسلم الشركات والمصانع يحتاج لأموال طائلة لإرجاعها للمستثمرين لا يمكن للخزانة العامة أن تتحملها، عوضاً عن عدم مقدرة الدولة ـ في الوقت الحالي ـ توفير سيولة لإدارة وتحديث هذه الشركات ودفع رواتب العمال المتأخرة مثلما حدث في قضية شركات quot;عمر أفنديquot;.

وخلال لقائه بمجلس إدارة الاتحاد العام لجمعيات المستثمرين المصريين بالعاشر من رمضان بين الببلاوي أن قضية الإقتصاد المصري المتعثر نسبياً تعود لسببين: الأول هو نقص مستويات السيولة للموازنة العامة إلا أنه أشار لوجود الكثير من الإجراءات التي تتخذها الحكومة لمواجهة تلك المشكلة بما لايؤثر على أوضاع السيولة المتاحة للقطاع الصناعي، أما السبب الثاني فهو عامل نفسي راجع لشعور البعض بعدم اليقين والإطمئنان حول مستقبل السياسات الاقتصادية والسياسية، مشيراً أن الخروج من الأزمة لن يكون إلا باستعادة الثقة في الأداء الحكومي والإجراءات والقرارات التي تتخذها الحكومة، وأن يعود مبدأ حسن النية ليحكم العلاقة بين أفراد المجتمع

وبين الببلاوي أن الإقتصاد المصري شهد إنخفاض الإحتياطي النقدي بالعملة الأجنبية بما مقداره 12 مليار دولار منذ 25 يناير، كما تراجعت أحجام الإستثمارات الأجنبية لمصر بشكل كبير إضافة إلى تراجع السياحة الوافدة سواء العربية والأوربية، كذلك تنامي المظاهرات والمطالب الفئوية والتي تجيء في الوقت الخطا، ولكنها تدل علي تنامي شعور لدي المواطنين بأن مصر بلدهم ولذا يطالبون بحقهم فيها، وكل هذه المشكلات أمر طبيعي (والحديث للببلاوي) ومرت بها الثورات التي شهدتها دول العالم من قبل، وعلى الرغم من كل هذا فقد بين وزير المالية أن هناك الكثير من الإشارات المطمئنة حول مستقبل مصر، منها أن الحياة تسير بوتيرتها الطبيعية في أغلب أنحاء الجمهورية كما لا توجد سلع اختفت من الأسواق.

وعن رأيه في طلب بعض المستثمرين ورجال الأعمال في رفع معدل ضرائب الدخل إلى 30% على صافي الأرباح بدلاً من 25% الحد الأقصى للضريبة حالياً، والإسراع في تطبيق ضريبة القيمة المضافة بدلاً من نظام ضريبة المبيعات المطبقة حالياً، باعتبار الضريبة على القيمة المضافة تحقق عدالة ضريبة أكبر وتدر إيرادات للخزانة العامة أكبر من المستويات الحالية، أكد الببلاوي أنه هو شخصياً وبشكل عام مع الاتجاه لفرض ضريبة تصاعدية على الأرباح، ولكنه يتحفظ على الوقت الذي يمكن أن تطبق فيه حتى لا ترسل الحكومة المصرية إشارات خطأ بأن السياسة الاقتصادية تنحرف عن سياسة السوق الحرة وهو أمر غير حقيقي، ولكن على الرغم من رأيه هذا فقد أوضح أن الحكومة ستدرس كافة الاقتراحات التي قدمها المستثمرون ورجال الصناعة سواء رفع الضرائب أو ادخال المزيد من التيسيرات في نظم العمل.

وزير المالية فجر قنبلة بسيطة في نهاية حواره مع المستثمرين حيث نبههم إلى أن الحكومة عازمة علي إصلاح قضية دعم الطاقة المقدمة للقطاع الصناعي باعتبارها أهم مرض يهدد الموازنة العامة للدولة، ولكنها تتطلب سياسة طويلة الأجل، مشيراً إلي أن الحكومة ستبدأ برفع الدعم علي الطاقة المستخدمة في الصناعات كثيفة الاستهلاك في المرحلة الأولى، وهي لا تؤثر علي أسعار البيع للمستهلك النهائي فأسعارها تتحدد بناء علي الأسعار العالمية، ثم تتوالى بعد ذلك مراحل رفع الدعم حتى يتم تحرير رقبة الإقتصاد من هذا المرض المزمن.