القاهرة: خفضت وكالة موديز لخدمات المستثمرين اليوم تصنيفات السندات الحكومية لمصر بمقدار درجة واحدة من الفئة Ba3 إلى الفئة B1، كما أبقت على النظرة المستقبلية للتصنيف سلبية.
وجاء خفض التصنيف مدفوعًا بالعوامل التالية: الضعف الاقتصادي المستمر والتدهور المالي في البلاد، كما يعكسه التراجع الحاد في احتياطيات النقد الأجنبي الرسمية منذ بداية هذا العام، وكذلك احتمال استمرار ضعف الاقتصاد وعدم الاستقرار، والضغوط المتزايدة على إنفاق الميزانية والتمويل، إضافة إلى استمرار الأوضاع السياسية غير المستقرة وحالة عدم اليقين بشأن انتقال السلطة الى حكومة مدنية مستقرة.
هذا، وقد تسببت هذه التطورات، من وجهة نظر وكالة التصنيف، في زيادة تراجع الأساسيات الائتمانية لمصر بالمقارنة مع نظيراتها التي تحمل تصنيفًا مماثلاً.
في هذا الشأن، قالت وكالة موديز إن الدافع الأساسي لتخفيض تصنيفات السندات السيادية لمصر هو استمرار الضعف الاقتصادي وتدهور الأوضاع المالية، التي ازدادت حدة منذ اندلاع الثورة الشعبية في يناير من هذا العام. كما عبّرت وكالة التصنيف عن قلقها بشأن احتمال بقاء الحالة الهشّة بصفة خاصة بالنسبة إلى الأوضاع الخارجية والمالية.
كما أسهمت الأوضاع السياسية غير المستقرة أيضًا في تراجع الأداء الاقتصادي وثقة المستثمرين في مصر، في الوقت الذي يكافح فيه الاقتصاد للوقوف على قدميه. إلى جانب ذلك، تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.2 % في الربع الأول من عام 2011، على الرغم من استقراره بعض الشيء في الفترة من إبريل إلى يونيو.
وتراجعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر بشكل كبير في النصف الأول من عام 2011، محققة صافي تدفق صغير للخارج، كما انخفض عدد السياح بنسبة 42 % في الفترة من مارس إلى يونيو مقارنة مع الفترة نفسها من عام 2010. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يظل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي ضعيفا بمعدل 1 % إلى 2% سنويًا لهذا العام والعام المقبل.
وعلى الرغم من أن التضخم قد انخفض إلى دون المستوى مزدوج الرقم فى سبتمبر، إلا أن معدل البطالة لايزال مرتفعًا. وتفاقمت الضغوط على الميزانية نتيجة لتطبيق السياسات التي تسعى إلى استيعاب الطلب على زيادة الإعانات وارتفاع أجور القطاع العام التي انطلقت بعد الثورة، وفي الوقت نفسه، ظهرت الضغوط على تمويل الميزانية.
وبنهاية سبتمبر، بلغ العائد على أذون الخزانة ذروته في 91 يومًا إلى نحو 13.02 %. ورغم تراجع العائد على أذونات الخزانة بعض الشيء منذ ذلك الحين، إلا أن الحكومة أصبحت تعتمد بشكل متزايد على التمويل القصير الأجل من أجل تمويل عجزها. وتتوقع وكالة موديز ارتفاع عجز الموازنة إلى أعلى من 10 % من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية الحالية. وخلاصة القول، فإن وكالة التصنيف اعتبرت أن هذه العوامل هي التي ساهمت في الإبقاء على توقعات التصنيف سلبية.
والعامل الأساسي الثاني الذي أدى إلى تخفيض التصنيف الائتماني هو حالة الغموض السياسي، والذي انعكس ليس فقط في غموض عملية انتقال السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة، ولكن أيضًا في تقديم الحكومة المؤقتة لاستقالتها في 11 تشرين الأول/أكتوبر (وسحبها لها لاحقًا). وكانت الحكومة قد قدمت استقالتها احتجاجًا على الطريقة التي تعامل بها الجيش مع المتظاهرين من المسيحيين الأقباط في القاهرة في 9 تشرين الأول/أكتوبر، مما أدى إلى وفيات كثيرة.
مع ذلك، تشير موديز إلى أن التصنيفات الائتمانية السيادية لمصر لا تزال مدعومة بعدد من العوامل المهمة، ولهذا السبب تم خفض التصنيف بمقدار درجة واحدة فقط. ومن أهم العوامل، أن مدفوعات مصر الخارجية ومديونيتها تعتبر أقل عرضة للخطر. فالعجز في الحساب الجاري والديون الحكومية بالعملة الأجنبية ومجموع نسب الديون الخارجية في وضع أكثر إيجابية بالمقارنة مع البلدان المصنفة بالفئة B1 أو التي يحمل تصنيفها درجة واحدة أعلى أو أدنى، مثل جورجيا (مصنفة ائتمانيًا بالفئة Ba3)، ولبنان (مصنف ائتمانيًا بالفئة B1)، وأوكرانيا (مصنفة ائتمانيًا بالفئة B2).
كما إن رصيد احتياطيات النقد الأجنبي الرسمية بصفة خاصة لا يزال كبيرًا في مستوياته الحالية، ويبدو أنه أكثر من كافٍ لتغطية سداد الديون الخارجية المستحقة في الأشهر الاثني عشر المقبلة، بما في ذلك كل الديون قصيرة الأجل. كما يوفر حجم الاقتصاد المصري الكبير نسبيًا وتنوعه القدرة على استيعاب الصدمات الاقتصادية.
التعليقات