محمد بن رجب من تونس: أكد المسح الوطني الذي أعده المعهد الوطني التونسي للإحصاء حول التشغيل بعد الثورة في الثلاثية الثانية من السنة الجارية 2011، وخاصة ما يتعلق بعدد العاملين والطلبات الإضافية للعمل وعدد فرص العمل المفقودة أنّ عدد العاطلين عن العمل من الفئة العمرية quot;15 سنة فما فوقquot; بلغ في منتصف شهر مايو/ايار 2011 نحو 704.9 ألف عاطل، وبالتالي تكون نسبة البطالة في حدود 18.3%، بالمقارنة مع معطيات سنة 2010، وبالتالي تكون البطالة سجلت ارتفاعًا بنحو 5 نقاط، كما ارتفع عدد العاطلين عن العمل بنحو 213.1 ألف خلال الفترة بين مايو 2010 ومايو 2011.

عدد العاطلين عن العمل توزع على 423.8 ألف رجل و281.1 ألف امرأة، وهو ما يجعل البطالة في صفوف النساء في حدود 15%، وفي النساء في حدود 27.3%. ويؤكد المسح أنه مقارنة بنتائج مسح 2010، فقد ارتفع عدد العاطلين عن العمل من مستوى التعليم العالي خلال الفترة 2010-2011 ليبلغ 217.8 ألفًا في مايو 2011 مقابل 157.3 ألفًا في مايو 2010. ويعود هذا الإرتفاع في أعداد العاطلين عن العمل من أصحاب الشهائد العليا إلى تزايد عدد المتخرجين سنويًا من الجامعات التونسية ومؤسسات التعليم العالي، وخاصة متخرجي الدفعة الأولى من نظام أمد.

وقد أظهر المسح، الذي أعدّه المعهد الوطني للإحصاء، أنّ فئة أصحاب المستوى التعليم العالي سجلت أعلى نسبة بطالة، والتي بلغت 29.2% تليها فئتا أصحاب مستوى التعليم الثانوي (20.6%) والتعليم الابتدائي (12.4%)، وبلغ عدد العاطلين عن العمل من بين حاملي الشهادات العليا 202.3 ألفًا في مايو 2011، منهم 87.1 ألف حاصلين على شهادة تقني سامي، و30.8 ألفًا من المجازين في الحقوق والإقتصاد والتصرف، و32 ألف مجاز في الإنسانيات، و15.5 ألفًا يحملون شهادات عليا أخرى، ومنهم الطبيب والمهندس والصيدلي، وحامل شهادة الماجستير.

وينقسم هؤلاء العاطلون عن العمل من أصحاب الشهائد العليا إلى 72.4 ألف رجل، و122.9 ألف امرأة و فتاة. وتبلغ نسبة بطالة حاملي الشهادات العليا في العام الجاري 33.6% مقابل 23.3 %، وتبلغ هذه النسبة أقصاها 43.8% لدى الإناث سنة 2011. المسح أشار إلى أنّ هذه البطالة تختلف من جهة إلى أخرى من جهات البلاد، فجهة الجنوب الغربي ضمت 18.7% من العاطلين عن العمل في مايو 2011، بالرغم من أنها لا تمثل سوى 13.3% من مجموع سكان البلاد، وهو ما يجعل نسبة البطالة تبلغ أقصاها في مستوى 28.6 %، ثم جهة الجنوب الغربي، وتبلغ فيها نسبة البطالة 26.9%، والجنوب الشرقي بنسبة 24.8%.

ويظهر التفاوت القوي في الجهات، حيث لا تتعدى نسبة البطالة في جهة الوسط الشرقي 11.1%. ويقدر العدد الإجملي للسكان في الفئة العمرية (15 سنة فما فوق) بنحو 8146.6 ألف في منتصف شهر مايو 2011 مقابل 8038.2 ألف في الفترة نفسها من عام 2010، مسجلاً بذلك زيادة تبلغ 108.4 ألف شخص بين سنتي 2010 و2011، أي بزيادة نسبتها 1.35%، بينما لا تتعدى نسبة النمو 1.14% لمجموع السكان في الفترة عينها.

يتوزع السكان بحسب الجنس في شهر مايو 2011 إلى 2817.9 ألف رجل (73.3%) و1026.7 ألف امرأة (26.7%)، وقد بلغت نسبة الزيادة في عددهم 2%، وهي أعلى من نسبة الزيادة في السكان المذكورين، كما تبلغ نسبة الزيادة في عدد الرجال منهم 2.16%، و1.55% بالنسبة إلى النساء ضمن هذه الفئة.

وبلغ عدد العاطلين من أصحاب مستوى التعليم العالي 746.9 ألفًا، وارتفعت النسبة من 18.3% في مايو 2010 إلى 19.5% في مايو 2011. وتشير نتائج المسح، الذي أعده المعهد الوطني للإحصاء، إلى أنّ عدد السكان من الفئة العمرية (15 سنة فما فوق) يبلغ 3139.8 ألف ناشط عامل في مايو 2011.

ومقارنة بمسح 2010 فقد انخفض عدد العاملين 137.6 ألف، وهو ما يحدد عدد فرص العمل، التي فقدت بين مايو 2010 ومايو 2011. وينقسم عدد فرص العمل التي تم فقدها إلى 63.7 ألف من بين الرجال، و73.9 ألف من بين النساء، وينقسم عدد السكان العاملين إلى 2394.1 ألف ناشط بين الذكور، و745.7 ألف ناشطة بين الإناث.

البيان أوعز فقدان هذا العدد الكبير من فرص العمل إلى النقص الكبير في عدد العاملين في قطاع الزراعة بنحو 64.5 ألف وظيفة، منهم 56.7 ألف كانوا يعملون كمعينين عائليين، ويعود هذا إلى التغيير الجذري في أذهان هؤلاء بعد الثورة، وبالتالي في تصريحاتهم وطموحاتهم إلى عمل (كأجير) أو إلى عمل مستقل.

السكان العاملون، وبحسب قطاع النشاط الإقتصادي، فإن قطاع الإدارة العمومية والتعليم والصحة وأنشطة العمل الإجتماعي تضمّ 592.6 ألف عامل، في المرتبة الثانية نجد قطاع الصناعات المعملية بنحو 587.5 ألف عامل، ثمّ قطاع الزراعة 511.7 ألف، فقطاع البناء 443.7 ألف عامل.

ومقارنة بما صدر من نتائج مسح 2010، فقد سجل قطاع الزراعة تراجعًا كبيرًا بين مايو 2010 ومايو 2011، 64.1 ألف فرصة عمل، من بينهم 56.7 ألفًا كانوا يعملون كمعينين عائليين، من جهة ثانية تراجع قطاع الإيواء وخدمات الطعام بنحو 16.5 ألف فرصة عمل، بينما سجل قطاع البناء بعد الثورة زيادة طفيفة بلغت 3200 فرصة عمل، وزيادة في قطاعات الإدارة العمومية والتعليم والصحة وأنشطة العمل الإجتماعي بنحو 1100 فرصة.

التراجع الذي تم تسجيله في عدد العاملين كان عبر فقدان 137.6 ألف فرصة عمل طوال العام الممتد من بين مايو 2010 ومايو 2011، وتعود النسبة الأعلى من هؤلاء إلى القطاع الزراعي بنحو 64.5 ألف فرصة عمل، ثم قطاع الصناعات والخدمات بنحو 57 ألف فرصة عمل، والقطاع السياحي بنحو 16 ألف فرصة عمل، يعزوه المدير المركزي للإحصائيات الديمغرافية والإجتماعية الحبيب الفراتي إلى التغيير الذي حدث على مستوى عقلية عدد من المعينين العائليين في القطاع الزراعي بالأساس، الذين أصبحوا يطالبون بحقهم في العمل كأجراء أو الحصول على عمل مستقل.

بينما مثلاً شهد قطاع البناء زيادة في فرص العمل بنحو 3 آلاف فرصة، وذلك بسبب الإنشاءات الفوضوية والعشوائية التي انتشرت في الفترة الماضية خلال الثورة. من ناحيته يقول د. حسين الديماسي الخبير الإقتصادي إنّ النقص الحاصل في فرص العمل خلال الفترة الماضية، والذي ارتفع إلى أكثر من 137 ألف فرصة عمل طبيعي، نظرًا إلى أنّ الأشهر الماضية، وبعد الثورة، قد شهدت إغلاق العديد من المؤسسات لأبوابها بسبب الإحتجاجات والإعتصامات العديدة، التي تم تسجيلها في كل الجهات تقريبًا، ومنها القطاع السياحي، الذي شهد غلق عشرات النزل، إلى جانب مؤسسات إقتصادية أخرى عدة، وهو ما قلّص من عدد فرص العمل، ورفع بالتالي من عدد العاطلين عن العمل، التي يقول المسؤولون عنها إنها في حدود 700 ألف عاطل عن العمل، وبالتأكيد ستكون الفترة المقبلة جيدة، إذا عملت الحكومة الجديدة أولاً على عودة الثقة إلى المستثمرين المحليين والأجانب، ولكن لا يكون ذلك ممكنًا إلا إذا خفت الحركات الإحتجاجية والإضرابات، حتى لا يتوقف العمل في المؤسسات العاملة في قطاعات عدة.