التظاهرات في مصر |
في ظل المظاهرات التي يشهدها ميدان تحرير في مصر، بدأت تظهر على السطح مخاوف على الوضع الإقتصادي بعد أن هبط الإحتياطي النقدي المصري لنسبة تقلل منقدرة الحكومةعلى توفير السلع الضرورية لمواطنيها.
القاهرة: أصابت الإحتجاجات الأخيرة والمستمرة بميدان التحرير بالقاهرة الإقتصاد المصري بالشلل التام حيث تسببت في إحداث ربكة في كافة أنشطة الإقتصاد بدء من البورصة التي تواصل نزيفها منذ البدء عن الإعلان عن تلك المليونية أو السياحة التي أعلن وزيرها عن إلغاء كافة حجوزات أعياد الكريسماس والتي كانت السلطات تعول عليها الكثير وأخيراً توقف المفاوضات التي كانت تجرى مع البنك الدولي لمنح مصر قرضاً يتجاوز 3 مليار دولار.
بعد 10 أشهر من قيام مظاهرات 25 يناير والإطاحة بالرئيس المصري هبط الإحتياطي النقدي الأجنبي لدى البنك المركزي المصري من 36 مليار دولار إلى 22 مليار بنهاية شهر أكتوبر الماضي وهو الأمر الذي يعني إنخفاض قدرات مصر على توفير السلع الضرورية لمواطنيها لأقل من 4 أشهر.
ويُعرف اقتصاديون الوضع الآمن لإقتصاديات الدول النامية بتلك القادرة على توفير احتياطي نقدي يكفيها لتغطية وارداتها من السلع الأساسية لمدة تتراوح ما بين 7 إلى 9 أشهر وهو الأمر الذي لا يتوافر حالياً في مصر إضافة إلى أنه، وفقاً لتقارير البنك المركزي، مرشحاً للتراجع إلى أقل من 3 أشهر وهو ما ينذر بخطر وقوع الإقتصاد برمته تحت رهن المراقبة الدولية لبحث ما إذا كان سيتم إتخاذ إجراءات إقتصادية بشأنه وإشهار الإفلاس
حيث حذر خبراء مصريون من أن سرعة نزيف العملات الأجنبية وعدم وجود موارد بديلة لتلك التي فقدها الإقتصاد سيؤدي حتماً إلى هذه الخطوة خاصة في ظل عدم وضوح الرؤية الإقتصادية للدولة في المستقبل القريب وزيادة النزاعات الإنتخابية إضافة إلى عدم وجود شخصيات قائدة يمكن النظر إليها على أنها تستطيع قيادة البلد والنهوض به من عثرته وهو ما عبر عنه تقرير إقتصادي لوكالة بلومبرج التي بينت أن الاحتجاجات الجديدة التي شهدتها مصر خلال الأيام الماضية ستدمر الاقتصاد الذي يكافح بالفعل من أجل تحقيق التعافي وقد تسحقه في الوقت الذي يبذل فيه القائمون عليه جهوداً مستميتة من أجل تعافيه في ظل إحجام السياح والمستثمرين من المجيء إلى مصر في أعقاب الإطاحة بالرئيس السابق.
ومع خسارة الإحتياطي النقدي 14 مليار دولار وعدم وجود ما يعوض هذا الفائض أضطرت مصر مؤخراً إلى الإعلان عن نيتها الدخول في مفاوضات جديدة مع صندوق النقد الدولي للحصول على تمويل قيمته 3.2 مليار دولار، حيث أشار وزير المالية quot;حازم الببلاوىquot; إلى أن مصر ستطلب رسمياً من صندوق النقد الدولى بدء مفاوضات لهذا التمويل إلا أنه عاد مساء أمس وبعد إشتداد الإحتجاجات وأكد في تصريحات صحفية أن الطلب تأجل بسبب عدم رغبة مسؤولي الوزارة والصندوق في مناقشة الموضوع أثناء تلك المظاهرات والفوضى التي تعم مصر مبرراً أن الوقت غير مناسب للدخول في مفاوضات بهذا الشأن.
في الوقت ذاته أكد quot; جلال الزورباquot; رئيس اتحاد الصناعات المصرية أن اضطرابات ميدان التحرير ستؤدي الى تراجع خطير في معدلات الإنتاج والتصدير خاصة في ظل إحجام المستثمرين المحليين على ضخ أي أموال جديدة لمصانعهم بسبب عدم القدرة على التحصيل في الموعد المتفق عليه للسداد والتخوف أثناء تحصيل الأموال من العملاء في ظل الإنفلات الأمني الرهيب الذي تعاني منه البلاد، موضحاً أن أحداث التحرير عكست انهيار هيبة الدولة والأمن والمجلس الحاكم، وهو ما يهدد الإنتاج بخطر شديد والعودة للوراء لسنوات عدة.
مشيراً إلى أن هذه الأحداث ستؤدي إلى انخفاض الإنفاق الداخلي وتراجع الصادرات، بسبب تخوف الشركات الأجنبية من إبرام تعاقدات مع مصر، باعتبارها مصدراً غير آمن، خاصة وأن المصريين تجاوزوا كل أعراف الإحتجاجات سواء بغلق الطرق أو غلق المواني البحرية والمصانع بالقوة وعدم قدرة الجيش والشرطة على إعادة الأوضاع إلى سابقتها.
من جهة أخرى شهدت أسواق العملة في مصر ارتفاع شديد منذ يوم الجمعة الماضية في حجم الطلب على الدولار الأميركي وعلى الرغم من ذلك فإن التحرك في سعره لم يرتفع كثيراً حيث بلغ 6.02 قرش وهو أول تجاوز له لسقف الـ 6 جنيهات منذ 6 سنوات الأمر الذي ينذر بزيادة سريعة قد تصل به إلى مستويات قياسية إذا ما أستمرت الأزمة كما إن ذلك من شأنه الضغط على الإحتياطي الأجنبي للعملة في مصر ورفع اسعار السلع الغذائية خاصة المستوردة في ظل إحجام الموردين على منح مصر تسهيلات في الدفع.
وعلى الرغم من ذلك وكالعادة قلل quot;هانى قدرىquot; مساعد وزير المالية من أن تكون لمصادمات المتظاهرين والأمن فى ميدان التحرير أثر على تغير موقف مصر فى الاتجاه للاقتراض من الخارج، خاصة صندوق النقد الدولى مشيراً إلى أن البلاد لا تمر بمرحلة الخطر الاقتصادى، لكن عاد ونبه إلى قضية الدين الداخلي والتي تجاوزت كل الأعراف حيث أضطرت الحكومة لبيع المزيد من أذونات الخزانة بشكل كبير حتى وصلت تكلفة تلك الأذون 14.19% وأرتفع بعضها إلى 15% وهو ما ينذر بالخطر الشديد على قدرة الدولة في تحمله ويحتاج إلى التعامل معه بشكل صحيح.
التعليقات