تتعاظم الشكوك في قدرة الدول الاوروبية على تنفيذ العهد التاريخي الموعود لترصين أسس اليورو بعد تجدد التحفظات التي أبدتها دول عدة بشأن اعتماد معاهدة جديدة للاتحاد الاوروبي في وقت تزداد أزمة المديونية تفاقما في منطقة اليورو.


إعداد عبدالاله مجيد: كانت جميع الدول الـ 27 الأعضاء في الاتحاد الاوروبي باستثناء بريطانيا وافقت في ختام القمة الاوروبية في بروكسل يوم الجمعة الماضي على توقيع معاهدة جديدة في آذار/مارس. وستفرض المعاهدة الجديدة ، من بين إجراءات اخرى ، سقوفا ملزِمة بالاقتراض والانفاق الحكوميين لتعزيز ثقة المستثمر بالأوضاع المالية للدول الاوروبية المثقلة بالديون. وبعد المخاوف المتزايدة من انهيار الاتفاق أو تمييعه، بدأت ثقة المستثمرين تتلاشى يوم الأربعاء الذي شهد هبوط أسواق المال في لندن وفرانكفورت ونيويورك وفي تعاملات الساعات الاولى من يوم الخميس في سوق طوكيو.

وتراجع اليورو الى أدنى سعر له مقابل الدولار منذ 12 شهرا ـ الى اقل من 1.30 دولار.وحدث هذا التراجع وسط توجّسات جديدة مما إذا كانت بعض الدول ستوافق في نهاية المطاف على التنازل عن مزيد من سيادتها الوطنية الى مؤسسات الاتحاد الاوروبي وبذلك التخلي عمليا عن قدر من السيطرة على شيء كان منذ زمن طويل يُعتبر مقدسا، هو الموازنة الوطنية.

وتسلط هذه المخاوف من المشروع بعد ايام على إعداده ضوءا على الأنظمة والقواعد الشائكة في مؤسسات الاتحاد الاوروبي. وبوجود شبكة متداخلة من المصالح المتضاربة أخفق الاتحاد الاوروبي حتى الآن في تنفيذ خطة عاجلة لإدارة الأزمة. والسؤال المطروح الآن هو ما إذا كان بمقدور القادة الاوروبيين ان يتفقوا على مشروع يستعيدون به ثقة المستثمر قبل ان تتفاقم مشاكل المنطقة وتفجر أزمة مالية عالمية جديدة.

وبالاضافة الى بريطانيا التي اختارت ان تغرد خارج السرب حذرت الجمهورية التشيكية والسويد اللتان كادتا تنضمان الى بريطانيا في رفض المعاهدة، من ان الوقت ما زال مبكرا على قرارهما القبول بالاتفاق.وفي بلدان أخرى بينها الدنمارك وحتى فرنسا نفسها يمكن للمعارضة المتنامية ضد الاتفاق ان تعرقل المحاولات الرامية الى المصادقة عليه. وقد يتعين على ايرلندا حيث اظهرت استطلاعات الرأي وجود معارضة قوية للاتفاق ، ان تُجري استفتاء شعبيا قبل ان تحسم موقفها.

في هذه الأثناء استمرت المؤشرات الاقتصادية المقلقة في التراكم. ففي اليونان تبين الأرقام التي نُشرت هذا الاسبوع ان اثينا قد تشهد بدايات اقبال مذعور على السحب من المصارف حيث بلغ حجم ما سحبته الشركات والمودعون القلقون 7.26 مليارات دولار في تشرين الأول/اكتوبر أو 4 في المئة من اجمالي حجم النقد المتوفر في النظام المالي. في هذه الاثناء تعين على الحكومة الايطالية المثقلة بالديون ان تدفع يوم الأربعاء سعر فائدة قياسيا بارتفاعه للاقتراض من السوق في مؤشر واضح الى ان هلع المستثمر إزاء قدرة روما على تسديد فواتيرها لم يخفت حتى الآن.

ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن هاورد ارتشر كبير الاقتصاديين في شركة آي ايتش اس غلوبال انسايت المختصة بالتنبؤات الاقتصادية انه بسبب الغموض الذي يكتنف اتفاق القمة الاوروبية يوم الجمعة الماضي يتزايد الاحساس بأن هذا الاتفاق ليس الخطوة الكبيرة الى الأمام التي كان يُعول عليها. واضاف ان المستثمرين توقفوا والقوا نظرة فاحصة على ما تم الاتفاق عليه وأخذوا في الاعتبار التوجسات المتعاظمة بشأن التنفيذ، موضحا ان النتيجة هي quot;استئناف القلق من الوضعquot;.