بغداد: يدخل العراق عام 2012، الذي يبدأ بعد أيام قليلة، وقد اقتربت معدلات إنتاج النفط الخام من مستوياتها قبل أكثر من ربع قرن بعد أن سجلت تدنيا كبيرا خلال الحروب المتعاقبة التي خاضها العراق منذ مطلع ثمانينات القرن الماضي.ولأول مرة منذ عام 1980 تصل معدلات إنتاج النفط الخام إلى ثلاثة ملايين برميل في اليوم بعد أن اعتمدت الحكومة العراقية في مرحلة مابعد الاطاحة بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين سياسة غير مألوفة في تاريخ صناعة النفط العراقية تمثلت في الاستعانة بكبريات الشركات العالمية لرفع معدلات انتاج النفط الخام الى 12مليون برميل في اليوم بحلول عام 2017. ومن المنتظر أن ترفع وزارة النفط الخام العراقية سقف انتاج النفط الخام العراقي خلال عام 2012 إلى 3ر4 مليون برميل يوميافيما سيبدأ العراق منذ أول الشهر المقبل برفع سقف معدلات التصديرالى 2ر6 مليون برميل في اليوم بعد ان كانت المستويات خلال عام2011عند متوسط 2ر2 مليون برميل في اليوم.


ويمتلك العراق احتياطيا كبيرا من النفط الخام يبلغ الثابت منه 143،1مليار برميل غالبيتها العظمى من حقول جنوبي البلاد اضافة الى احتياطيات نفطية في اقليم كردستان تبلغ نحو 45 مليار برميل. وتتزامن الزيادة الجديدة في معدلات التصدير مع دخول اول عوامة عراقية لتصدير النفط الخام بطاقة 900ألف برميل في اليوم الخدمة الشهر المقبل جنوبي ميناء البصرة شمالي الخليج وهي واحدة من بين 4عوامات يجرى العمل على بنائها لاضافة طاقة تصدير جديدة تصل الى 3ر9مليون برميل في اليوم حتى عام 2013 بقيمة تجاوزت مليار ونصف المليار دولار لاستيعاب الزيادات في معدلات انتاج النفط الخام فيما تخطط الحكومة لبناء خطوط تصدير جديدة عبر أراضي سورية وتركية لتوفير مرونة في التصدير للاسواق العالمية. ويرى مسئولون بوزارة النفط العراقية أن الأرقام الجديدة في مستويات الانتاج والتصدير تعد طفرة كبيرة في تاريخ الصناعة النفطية العراقية وهي مقاربة الى مستوياتها في الفصل الأول من عام 1980قبيل دخول العراق الحرب مع ايران/ 1980-1988/ حيث شهدت بعد هذه الحرب تذبذبا كبيرا لانشغال البلاد بالحروب اللاحقة التي حرمت العراق لاكثر من ربع قرن من الاستفادة من هذه الثروة الهائلة.


وبحسب احصائية لشركة تسويق النفط الخام العراقية فإن العراق حقق خلال العام 2011ايرادات مالية من بيع النفط الخام بمتوسط 2ر2 مليون برميل في اليوم أكثر من 75 مليارا و929مليون دولار فيما بلغ اجمالي الصادرات لنفس السنه اكثر من 723مليونا و962الف برميل موزعة بين حقول كركوك الشمالية وحقول البصرة وميسان. والى جانب ذلك فأن الحكومة العراقية ستطلق في الاسبوع الأول من شهر آذار/مارس عام 2012 جولة تراخيص جديدة لاستثمار الرقع الاستكشافية والتي تتنافس عليها 46 شركة عالمية تقع غالبيتها في مناطق غربي العراق وتضم في مجملها مناطق غنية بالغاز واخرى بالنفط الخام في حملة تستند على دراسات أعدها العراقيون من سنوات طويلة. وقال عاصم جهاد المتحدث باسم وزارة النفط العراقية، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، 'لدينا خلال العام المقبل خطط واسعة لتطوير الصناعة النفطية أبرزها توسيع منافذ التصدير جنوبي البلاد للوصول بها الى 5 ملايين برميل في اليوم خلال السنوات المقبلة فضلا عن استمرار الاتصالات مع الجانب السوري لتأهيل خط بانياس بطاقة 2ر5 مليون برميل في اليوم وجميعها تأتي في اطار خطط استباقية لاستيعاب الطاقات الجديدة لانتاج النفط الخام'.

وأضاف أن'عام 2012 سيشهد تنفيذ خطط جديدة من بينها طرح 12 رقعة استكشافية للاستثمار الأجنبي وتوسيع طاقات التخزين وتوسيع عمل مصاف التكرير باضافة وحدات جديدة وحفر الآبار النفطية وتطوير الحقول النفطية بالجهد الوطني وخاصة حقول طوبة واليمامة في مدينة البصرة واستمرار العمل في مجالات الاستكشافات النفطية واستمرار العمل بمشاريع تطوير الحقول الغازية عكاس وسيبا والمنصورية بالتعاون مع شركات عالمية'. وذكر أن 'وزارة النفط ستواصل مفاوضاتها خلال عام 2012 مع شركات أجنبية لانشاء أربعة مصاف جديدة لتكرير النفط الخام تتجاوز طاقتها التصميمية 700 ألف برميل في كل من كربلاء والناصرية وميسان وكركوك'. وسيبدأ العراق مع مطلع عام 2012مناقشة قانون النفط والغاز المثير للجدل داخل البرلمان العراقي حيث يجرى حاليا دراسة 3 مشاريع للقانون الاول مقدم من حكومة العراق والثاني من حكومة اقليم كردستان والثالث من لجنة النفط والغاز البرلمانية لوضع اطار عام لتنظيم عمليات انتاج النفط الخام والغاز الطبيعي في البلاد وفق سياسة واضحة المعالم تخدم مصالح العراق.
ويرجح مسئولون نفطيون أن يبدأ العراق بالعام 2014مفاوضات مع منظمة اوبك لشموله بنظام الحصص حيث لايزال العراق منذ عام 1990خارج نظام الحصص على خلفية العقوبات التي فرضت عليه بعد غزو الكويت ويأمل بالعودة الى النظام بعد ان تتجاوز معدلات انتاج النفط الخام حاجز 4-4،5 ملايين برميل في اليوم في حين سيبقى خلال العامين 2012و2013 خارج هذا النظام.


ويأمل العراق خلال العام 2012بأدخال تكنولوجيا حديثة لحماية خطوط أنابيب النفط ومجمعات النفط والخزانات والحقول والآبار تتمثل بطائرات مسيرة يجرى التفاوض عليها حاليا ونصب كاميرات مراقبة ونشر الاف من قوات الشرطة لمنع وقوع أي اعمال تخريبية ضد منشآت النفط المنتشرة في أرجاء البلاد. ويشكل النفط الخام أكثر من 90' من دخل العراق حاليا خاصة بعد التدهور الكبير الذي أصاب مفاصل الاقتصاد العراقي جراء السياسات الخاطئة للنظام السابق وانهيارالبنى التحتية وتدمير غالبية الشركات الصناعية وتدهور الواقع الزراعي مما جعل النفط هو المصدر الوحيد الذي تبنى عليه الموازنة العامة للبلاد البالغة لعام 2012 أكثر من 100مليار دولار وهي أضخم ميزانية في تاريخ العراق الحديث