يزداد نمو الصين والهند بفضل قوة اسواقها دون التأثر بتداعيات الازمة الاقتصادية العالمية، الا ان بقية بلدان اسيا الجنوبية الصغيرة تتأثر بشكل كبير نتيجة لذلك. ليس هذا فقط بل وينعكس عليها ايضا تراجع النمو في اوروبا والولايات المتحدة. وما يزيد الوضع سوءا ان معظم بلدان جنوب اسيا تعاني من التضخم المالي واضطرت اكثر من مرة لاعادة تقييم سعر عملاتها.


برلين: هذه كانت خلاصة دراسة وضعتها مؤسسة برلتسمان الالمانية التي قالت في الوقت الذي تنعم فيه الصين والهند بالتوسع الاقتصادي الضخم وتغزو الاسواق العالمية، تعاني بلدان مثل ماليزيا وتايلاندا وسنغافورا تبعات ضعف الاقتصادين الاوروبي والاميركي. فقوة الشراء الصينية حسب ما دل مؤشر الشراء واصلت صعودها في شهر كانون الاولى( دسمبر) الماضي وحتى الان، وكل المؤشرات تدل على ان السهم سوف يواصل صعوده بسبب زيادة الطلب على السلع الصينية ما سينعكس ايجابا على النمو الاقتصادي في الصين، وهذا جعل الدخل القومي الاجمالي لديها يرتفع في الربع الاخير من العام الماضي من 9،3 في المائة الى 9،6 في المائة، الا ان هذا النمو وبسبب الازمات الاقتصادية في البلدان المستوردة للسلع الصينية قد يتراجع بشكل بسيط ليصل الى 9 في المائة عام 2011.

ويدخل التقرير في الحسبان ان تحافظ الهند على وتيرة انتعاشها الاقتصادي. ففي الربع الاخير من العام الماضي سجلت نموا وصل الى 8.9 في المائة مقارنة مع العام الذي سبقه. لكن وبعكس الصين ، حمل التقرير تفاؤلا وقدرة على رفع الهند لنموها الى تسعة في المائة، وهذه التوقعات المتفائلة تعتمد على الارقام التي سجلتها الهند في الشهرين الماضية عن حركة السوق فيها. فالطلبيات للاشهر الستة المقبلة قد اغلقت، حتى ان البعض يتوقع عدم قدرة القطاعين الصناعي والانتاجي الهندي على تلبية طلبيات جديدة. ولهذا يرى الهنود مستقبلهم وردي وهذا سيزيد من الاستهلاك الداخلي الذي يشهد بدوره نموا كبيرا والمثل البسيط على ذلك تسجيل قطاع السيارات ارقاما قياسية في المبيعات الداخلية، ما يجعل الاقتصاد قويا يمكنه مقاومة الازمات في اسواق التصدير.

الا ان التقرير لم يكن مليئا بالايجابيات فقط ، حيث قال ان الهند تقف حاليا امام مخاطر وضعتها بنفسها، اذ ان فضائح الفساد المذهلة في قطاع الخدمات المصرفية والاتصالات المتنقلة قلصت بعض الشيء شعبية الاستثمار في القطاعين واقبال المستثمرين الاجانب على الاستثمار فيهما قد تراجع قليلا، رغم ان خبراء يرون فيه تراجعا مؤقتا ليس الا. والقلق الرئيسي للحكومة الهندية هو ارتفاع نسبة ا لتضخم المالي الذي لم يُلجم رغم رفع الفوائد المصرفية ست مرات منذ العام الماضي وحتى الان.

والقلق الاكبر هو على صادرات بلدان جنوب اسيا. ففي النصف الاول من العام الماضي، حققت بالكاد نموا عاد ليتراجع بعد ذلك ومازال. فتايلاندا وماليزيا والفليبين سجلت كل واحدة منها تراجع ملموسا في الصادرات، وهذا يظهر مجددا مدى ارتباطها بالمناخات الاقتصادية في اوروبا والولايات المتحدة واليابان الان بعد الكارثة الطبيعية التي المت بها. وكانت بلدان جنوب اسيا هذه قد راهنت العام الماضي على نمو سريع في اسواق اهم شركائها الاقتصاديين خاصة الاوروبين والاميركيين، ما جعلها تنتج بشكل قوي وتكدس في مستودعاتها املا بالتصدير الذي لم يتحقق حسب ما خطط له.

وتزداد الصعوبة ان بلدان كثيرة في جنوب اسيا تعاني من ارتفاع في نسبة التضخم المالي، وتقف حاليا امام خيارين صعبين اما سلوك سياسة دعم اقتصادي لنقد منخفض القيمة او رفع نسبة الفائدة المصرفية، واختارت تايلاندا الخيار الاخير رغم الارقام التي تحمل تراجعا في النمو، ما يعني اعادة تقييم نقدها وتلقي الصادرات ضربة مؤلمة.

مع ذلك اقر التقرير بانه لا يوجد خطر جدي حتى الان تواجهه مجددا البلدان الاسيوية الصناعية. فالاستهلاك الداخلي يتطور ببطأ لكن بشكل ايجابي ما جعل تأثير الصادرات يتراجع جزئيا، وهذا قد يمكنها من تحقيق نمو تحلم بتحقيقه اوروبا والولايات المتحدة.