نيو اورلينز (الولايات المتحدة): بدأت أسوأ كارثة تسرب نفطي بحري في التاريخ قبل نحو عام بانخفاض الضغط في بئر نفطية لم يتم حفرها بالشكل السليم في أعماق خليج المكسيك. ولم تنته الكارثة حتى بعد التمكن من السيطرة على البئر بعد 87 يومًا من بدء التسرب.
وادى انفجار منصة quot;ديبووتر هورايزونquot; النفطية التابعة لشركة بريتش بتروليوم quot;بي بيquot; في خليج المكسيك الى مقتل 11 من العاملين فيها وغرق المنصة وتسرب 206 ملايين غالون من النفط قبل أن يتم احتواء التسرب. وتسبب ذلك بتلوث اميال من الخلجان والشواطىء، واغلقت ثلث مياه الخليج الغنية امام الصيد، وبلغت التكلفة الاقتصادية عشرات مليارات الدولارات.
واثرت اشهر من عدم الاستقرار على الحالة النفسية للصيادين وسكان المناطق الساحلية الذين تخوفوا من زوال اسلوب حياتهم. ولا يزال 130 الفًا منهم يحاولون الحصول على التعويضات من خلال نظام معقد.
واوضح دين بلانشارك الذي كان يتاجر في 226.800 كلغ من الربيان يوميًا في مرسى غراند ايل في لويزيانا quot;حتى لو اعطوني 500 مليون دولار فلن يكون ذلك كافيًاquot;. وقال quot;المشكلة ليست في المال، بل في عملي الذي اعشقه ومارسته طوال حياتي وجاؤوا فجأة ودمروه من حيث لم اكن احسبquot;.
ولم تصل بقعة النفط الى الشاطئ وذلك بسبب تزامن هبوب رياح وتيارات مناسبة، اضافة الى موقع البئر على بعد 80 كلم قبالة ساحل لويزيانا، واستخدام مليوني غالون من المواد الكيميائية التي تحلل النفط.
وقد ادى ذلك الى حماية المناطق الساحلية الهشة والشواطىء ذات الرمال البيضاء وملايين الطيور التي تعشش في المنطقة من دمار محقق كذلك الذي شهدته الاسكا عقب جنوح سفينة اكسون فالديز وتسرب 11 مليون غالون من النفط منها في 1989. الا ان الضرر الذي حدث ليس بقليل، كما إن آثاره لم تنته بعد. فلا تزال الطواقم تعمل على تنظيف 235 كلم من السواحل، وتعتزم العودة الى نحو 480 كلم اخرى عند انتهاء موسم السياحة وتعشيش الطيور.
كما لم تتضح بعد التأثيرات التي سيتركها مزيج المواد الكيميائية والنفط الذي انتشر على مئات الاميال من مياه الخليج على السمك والربيان والدلافين وغيرها من المخلوقات البحرية. وقال لاري ماكيني مدير معهد هارتي للابحاث ودراسات الخليج في جامعة تكساس ايه اند ام quot;ان السؤال المطروح هو: هل انقذنا شيئا على المدى القصير لكي ننتقل لحل المشكلة على المدى البعيدquot;. واضاف quot;ليست لدينا معلومات كافية للتأكد من ذلكquot;.
وكشفت الكارثة كذلك قلة استعداد قطاع النفط وضعف ثقافة السلامة وقصر نظر الحكومة الخطير. وخلصت لجنة رئاسية اوكلت اليها مهمة التحقيق في التسرب النفطي الى ان quot;هذه الكارثة كانت نتيجة حتمية لسنوات من تهاون القطاع والحكومة وعدم الاهتمام بالسلامةquot;.
واضافت في توصيات نشرتها في كانون الثاني/يناير ان quot;عمليات الحفر تجري تحت اعماق اكبر وفي مياه اكثر خطورة لوجود النفط الاميركي فيها، وبالتالي فان اجراء اصلاحات منهجية للحكومة والقطاع هي الكفيلة بمنع حدوث كارثة مماثلةquot;.
واصدر الرئيس باراك اوباما امرًا بمنع عمليات الحفر في المياه العميقة بعد خمسة اسابيع من بدء الكارثة بعدما فشلت جهود بي بي في احتواء التسرب الذي كان يحدث على عمق 1.5 كلم تحت سطح المياه، وازدادت المخاطر السياسية.
واعادت وزارة الشؤون الداخلية هيكلة عملياتها، حيث قامت بفصل قسم السلامة وتطبيق القواعد البيئية عن قسم منح التصاريح وتوليد العائدات، الا انها لا تزال تفتقر الخبرة والتمويل اللازمين للاشراف المناسب على قطاع النفط البحري المعقد.
ورفع الحظر على عمليات الحفر البحري في تشرين الاول/اكتوبر بعد وضع قوانين جديدة للسلامة، وتم اصدار أول تصريح للحفر في المياه العميقة. وبدأ النشاط يعود رويدا بحيث تم اصدار التصريح العاشر يوم الجمعة.
فيما يحاول اليابانيون احتواء اثار التسرب الإشعاعي من مفاعل فوكوشيما السيء الصيانة، تأتي الذكرى السنوية لتسرب النفط في خليج المكسيك في 20 نيسان/أبريل لتذكر بالتكلفة العالية لاحتياجات الطاقة والاثار البعيدة المدى للتساهل في اجراءات السلامة.
التعليقات