أتلانتا: في الثامن من أيار/مايو عام 1886 اكتشف الصيدلاني الأمريكي جون بيمبرتون وصفة أسطورة كوكا كولا، وامس وبعد مرور 125 عاما على هذا الاكتشاف أصبح هذا المشروب الحلو يدر على أصحابه عشرات المليارات سنويا وذلك بفضل آلة إعلامية بالغة النشاط. ما تستطيعه مدينة ديزني لاند للإنتاج الإعلامي تجيده كوكا كولا منذ وقت طويل وهو حسن تقديم إعلانات عن مشروبها يظهر فيها الكبار والصغار على السواء سعداء ومنتشين بهذا المشروب الأمريكي. لقد نجحت شركة كوكا كولا على مدى 125 عاما في بناء عالم متكامل من الإعلانات يعود عليها بمليارات الدولارات سنويا.


بلغت أرباح كوكا كولا في مدينة أتلانتا الأمريكية نحو 12 مليار دولار العام الماضي، ولا يكاد يكون هناك على وجه الأرض مكان يخلو من آلة بيع للكوكا كولا تعمل بشكل ذاتي. قال رئيس أرشيف الشركة فيليب موني إن كوكا كولا هي ثاني أشهر كلمة على مستوى العالم. ويتولى موني مهمة رعاية إرث شركة كوكا كولا ويرأس المتحف الخاص بها والذي يزوره نحو مليون شخص سنويا. وتقدر شركة انتربراند الاستشارية أن سعر علامة كوكا كولا يزيد عن 70 مليار دولار. فلا يكاد يجهل شخص في العالم شكل زجاجة كوكا كولا المميز واسمها المكتوب باللون الأبيض وهو ما جعل كوكا كولا تحتل المركز الأول في قائمة أشهر مئة علامة تجارية في العالم.


وللمقارنة فإن أشهر علامة تجارية في ألمانيا، علامة مرسيدس، تحتل المركز الثاني عشر فقط وتقدر قيمتها بنحو 25 مليار دولار. وتحتل شركة بيبسي، العدو اللدود لكوكا كولا، المركز الثالث والعشرين وتقدر قيمتها بنحو 14 مليار دولار، وهي بالطبع هزيلة مقارنة بكوكا كولا. وتعتبر علامة بيبسي أكثر العلامات التي تكدر صفو صدارة كوكا كولا في عالم المشروبات وهي لا تتوقف عن انتزاع زبائن لكوكا كولا ولكن ذلك لا يمكنها من انتزاع مركز الصدارة مكانها. بلغ نصيب شركة كوكا كولا في عالم المشروبات الغازية في وطنها الأم الولايات المتحدة 17' حسب تقييم مجلة (بيفيريدج ديجيست) مقارنة بـ9.5' لشركة بيبسي كولا. وأصبحت كولا لايت نفسها أكثر شعبية من كوكا كولا.


ويجيد صانعو كوكا كولا دائما إثارة شهية الناس نحو كوكا كولا متحدثين من آن لآخر عن أسطورة الوصفة الأصلية لكوكا كولا المحفوظة في أمانات مصرف صان تراست في مدينة أتلانتا ذلك الشراب الذي يعتبر بمثابة الكأس المقدسة في عالم المشروبات الغازية. ويؤكد الموثق موني أن هذه الوصفة السحرية محفوظة منذ عقود في أمانات البنك المذكور رافضا التعليق على ما إذا كان قد أمسك هو ذاته بهذه الوصفة بيده يوما ما أم لا، وكذلك رفض التعليق عما إذا كان من الصحيح فعلا أن شخصين فقط هما اللذان يمتلكان مفتاح هذه الوصفة. هذا الحرص المزعوم في حفظ أسرار الشركة متعمد، فهناك من يزعم من وقت لآخر أنه توصل لسر كوكا كولا، وذلك كما حدث مطلع العام الجاري عندما ظهر كتاب وصفات قديم لصيدلاني زميل لمخترع كوكا كولا جون بيمبرتون.


وانكتب وسائل الإعلام الأمريكية على هذه القضية وتبين في النهاية أن وصفة الشراب المذكورة في الكتاب أقرب للطب منه لكوكا كولا وهو ما جعل العالم يتعجب وجعل كوكا كولا تتصدر عناوين الصحف مرة أخرى. قال موني'لم يكتشف أحد حتى الآن الوصفة الأصلية لكوكا كولا، بل إن شركات التعبئة في جميع أنحاء العالم لا تمتلك سوى جزء صغير من هذا السر، حيث تتسلم هذه الشركات المواد الحاسمة في صناعة هذا الشراب جاهزة من أمريكا وهو شيء إيجابي.. فطعم كوكا كولا هو نفس الطعم تقريبا في كل أنحاء العالم'. ولكن الشركة لا تتعامل مع منتجاتها الأخرى بنفس هذه الدرجة من الصرامة حيث تسمح ببعض التغييرات في مذاق مشروباتها الأخرى 'فالأوروبيون يفضلون بعض المرارة في المشروبات الغازية الأخرى في حين يحبها الأمريكيون حلوة بعض الشيء'.


يبلغ عدد أنواع المشروبات التي تنتجها كوكا كولا في أنحاء العالم نحو 3500 مشروب. وضع الصيدلاني بيمبرتون من أتلانتا أساس هذه الإمبراطورية عندما أعلن في الثامن من أيار/مايو 1986 عن تطوير معادلة ضد الصداع والإرهاق وذلك حسب وثائق أرشيف الشركة. ولكن رجل الأعمال أسا كاندلر هو الذي بدأ في تسويق هذه العلامة بشكل واسع عام 1888 بعد أن اشترى حقوق الملكية من بيمبرتون.