لإحياء لون استثماري ظلّ مغيّبًا، تتجه الجزائر للاهتمام أكثر بتطوير تربية المائيات، وهو مجال حيوي يراه متعاملون وخبراء تحدثوا لـquot;إيلافquot;، قادرًا على قلب راهن الجزائر الاقتصادي وإنعاش منظومة الأسماك، ناهيك عن خلق 36 ألف فرصة عمل دائمة كل عام هناك.


توجّه جزائري ملحوظ نحو اهتمام أكبر بتطوير تربية المائيات

كامل الشيرازي من الجزائر: استنادًا إلى معلومات توافرت لـquot;إيلافquot;، تقوم المقاربة الجديدة على توسيع تربية المائيات البحرية والقارية لتصحيح مسار نشاط ظلّ يراوح مكانه في بلد ساحلي بوزن الجزائر، وتعتزم السلطات اقتراح صيغة الأقفاص العائمة وكذلك أراضي لاستغلالها من طرف جمهور المستثمرين، لكن المشكلة الأساس تبقى بنظر زبير سعيدي، صاحب إحدى المسمكات المحلية، مرتهنًا رأسًا بمعضلة الأوعية العقارية.

وتحصي الوزارة الجزائرية للصيد البحري والموارد الصيدية ما لا يقلّ عن 456 موقعًا صالحًا لتربية المائيات، ويتعلق الأمر بمزارع بحرية دخل بعضها في مرحلة الإنتاج الفعلي.

تقول ياسمين خازم المتحدثة باسم وزارة الصيد، إنّ المخطط يقوم على استغلال كل نقاط المياه البحرية والعذبة لبعث مزارع في المناطق الساحلية، ويهتم مستثمرون بتوظيف الوديان والسبخات، فضلاً عن أحواض السقي وعموم المسطحات المائية الطبيعية والاصطناعية في استزراع أنواع متعددة من الأسماك.

ويجري تشجيع ناشطي القطاع الصيدي على استغلال هذه المواقع، بحسب خصوصية كل منطقة من أجل ضمان فعالية العملية، وتربية أسماك يكثر الطلب عليها محلياً، وتتميز بفائدتها الغذائية الصحية، بينها بلح البحر والجمبري.

وأسهم نجاح تجربة أولى، تمّ خلالها استزراع 6800 من بيض أسماك quot;الشبوطquot; وquot;البلطيquot; عبر 13 حوضًا في محيط عاصمة الجزائر، في إغراء مستثمرين خواص بجدوى تعميم التجربة وممارستها بكثافة ونشرها على امتداد الولايات الساحلية.

وفيما يشير خبراء إلى كون تربية المائيات تظلّ عملية في غاية التعقيد والصعوبة، لأنها تعتمد بشكل كلي على استقرار الأوضاع الجوية، تمكّن مستثمر خاص في بلدة عين طاية (20 كلم شرق العاصمة) من إنتاج 10 أطنان من الصدفيات، و5 أطنان من المحار في عامه الأول، ما يؤشر إلى قابلية هذه الثروة الحيوية لتفجير ثورة صيدية ضخمة في البلاد، سيما بعد نجاح استزراع أحواض مائية في ثلاث مناطق مختلفة، وبروز طرق تربية المحاريات بأنواعها في مشاريع استثمارية لافتة في الجزائر.

ويشير نور الدين حميسي إلى أهمية تربية المائيات على صعيد تأمين البروتينات الحيوانية ذات القيمة الغذائية العالية، إضافة إلى حماية وتدعيم المخزون الصيدي الطبيعي وخلق فرص عمل في مجالات صيدية مبتكرة، علاوة على تنمية المناطق المنعزلة وإخراجها من دائرة الفقر والحرمان، على غرار مناطق الجنوب، حيث يمكن إنتاج آلاف الأطنان دوريًا من أسماك المياه العذبة المتكيفة مع مناخ المنطقة الجاف، خاصة سمكة quot;التليبيةquot; التي تعرف رواجًا كبيرًا هناك.

كما يبرز جيلالي ملياني امتلاك الجزائر إمكانيات هائلة في تربية المائيات، يمكنّها من تثمين المنتجات الصيدية البحرية التي تتراجع من سنة إلى أخرى، فضلاً عن خلق حوالي 36 ألف فرصة عمل في القطاع، وتحسين مردودية أسطول الصيد عبر 99 عملية جديدة في آفاق العام 2014.

بدأت الجزائر خطة لتفقيس بيض السمك سنة 2008، حيث جرى افتتاح تجربتين نموذجيتين لإنتاج فراخ السمك في ولايتي سطيف وسيدي بلعباس (330 كلم شرق، و440 كلم غرب الجزائر على التوالي)، بما سيعزز أكثر توجه البلاد في مجال تربية المائيات، وتطوير أصناف عدة من أسماك المياه العذبة، ضمن استراتيجية، تراهن عليها الحكومة الجزائرية لدفع قطاع الصيد البحري وتوظيف الموارد الصيدية.

ويفيد عبد الله خنافو المسؤول الأول عن قطاع الصيد في الجزائر بأنّ مستثمري تربية المائيات، سيستفيدون من تحفيزات جديدة، خاصة ما يتعلق باستيراد أغذية الأسماك وتخفيض أسعار استهلاك الكهرباء، إضافة إلى توفير قوارب صيد صغيرة جديدة في المرافئ، بغرض مساعدة الشباب على بعث مشاريعهم.

وبحسب مراجع محلية، يشهد مشروع مركز متخصص في ضاحية بوسماعيل (45 كلم غرب الجزائر) لتربية المحار وسمك القاروس والمرجان الجاري إنجازهما تقدمًا بما يمهّد لاستئناف استغلال الأصناف المذكورة بعد انقطاع استمرّ ما يزيد عن العشرة أعوام.

وتبلغ طاقة الجزائر الإجمالية من الثروة السمكية حدود ستة ملايين طن من الأسماك على طول شريط ساحلي يمتد على 1284 كيلومترا، بيد أنّ الجزائر لا تقوى على اصطياد سوى 187 ألف طن كل عام، وهو ما يراه ناشطون مبالغًا فيه، ويحصرون الإنتاج السنوي في 93 ألف طن فحسب.