العاصمة التونسية

يشكل الإنتقال الديمقراطي الذي تتطلع إليه تونس فرصة مناسبة للترويج للمناخ الاستثماري، خاصة وأن الثورة قد حظيت بإهتمام العديد من الدول، على غرار الولايات المتحدة الأميركية وكندا وأستراليا، وهي مرحلة حاسمة في المشهد الاقتصادي للبلاد، تستوجب إعتماد المؤسسات الاقتصادية أساليب عملية جديدة، تنهي الإضرابات والاعتصامات، وتؤسس لعلاقة شغلية ناجحة، أساسها التحفيز على الإنتاج والإشراك في الحوار.


زمردة دلهومي محمدي من تونس: يؤكد يونس الغجاتي مستشار في التصرف في الموارد البشرية أن بعض المؤسسات شهدت توتراً في المناخ الاجتماعي، خاصة تلك التي أحدثت فيها هياكل نقابية، لعبت غالبيتها دورًا سلبيًا في السيطرة على العمال وتنظيم سير العمل، ومرد ذلك إلى عدم فهم هذه الهياكل دورها القانوني، الذي ينحصر في الأساس حسب أحكام الفصل 243 من قانون العمل.

العصيان داخل المؤسسة

يقول الخبير الغجاتي إن بعض النقابات سلكت خلال الاضطرابات التي حدثتأخيرًا منهجًا ثوريًا انعكس سلبًا على نشاط المؤسسات من ناحية، وعلى مصالح العاملين من ناحية أخرى، كما وساهم في عدم الشفافيةبين العاملين والمسؤول، مما أدى إلى تعقيد المناخ الاجتماعي وتراجع الإنتاج وهو ما دفع بالعديد من المؤسسات إلى إغلاق أبوابها وتراجع إنتاجها.

حيث تؤكد أهم المؤشرات الاقتصادية تراجع الإنتاج الصناعيالتونسي بنسبة 12% خلال الأشهر الأربعة الأولى من 2011، كما تعرضت قرابة 190 مؤسسة صناعية صغرى ومتوسطة إلى صعوبات مادية وإجتماعية كبيرة، وتراجع النشاط السياحي الذي يوفر ما يقارب 45ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة بنسبة تراوحت بين 45 و50%، وهذا ما جعل البلاد تخسر 7 آلاففرصة عمل شهرياً، وهو أمر وجب تلافيه.

ويتابع الغجاتي مؤكداً أنّ أكثر من 400 مؤسسة اقتصادية تقدّمتحتى الآن إلى المصالح المختصّة بوزارة التجارة والسياحة بطلب الحصول على تعويضات المالية لتعويض الأضرار الناجمة من الأحداث، التي جدّتفي تونس بين 17 ديسمبر/كانون الأولو28شباط/فبراير 2011.

ويقول الخبير إن العلاقة بين صاحب العمل والعاملين كانت مبنية على الطاعة والولاء إلى المؤسسة من دون إبداء رأي أو إقتناع، ومن هنا عمد أصحاب بعض المؤسسات إلى عقاب كل من يخالف التعليمات أو الأوامر،سواء كانت معقولة أو جائرة للإيقاف عن العمل، وهذه الطريقة في التعامل انتهى زمنها، حيث يجب في الوقت الراهن العمل على إرساء مناخ إجتماعي سليم أساسه الإقناع والاتصال المباشر في إطار حوار مسؤوليدفع سير النشاط والإنتاج إلى الأمام.

الدور التثقيفي للمؤسسة

في حين يؤكد حسن عبد المولى إختصاصي في علم الاجتماع أن من أصعب التغيرات الاجتماعية التي تطرأ على الإنسان هي فقدانه وظيفته ومكسب رزقه، وهي أول النقاط التي تؤدي بالعامل إلى التدهور النفسيوالعصبي، وبالتالي إلى التصرفات العنيفة والممارسات اللامسؤولة.

ويقول إنه كلما تعلق الأمر بقضية العمل، وكلما تعرض العامل إلى الطرد أو التهميش في العمل، كان رد فعله قويًا وغير مدروس، وبالتالي فإن الحفاظ على مصدر الرزق يعني الحفاظ على أساس الحياة الكريمةوالتوازن الفكري والنفسي، وهو ما يجب على أرباب العمل مراعاته وأخذه بعين الإعتبار.

حول الآثار السلبية للإيقاف عن العمل، يقول عبد المولى إن بعض الدراسات النفسية والاجتماعية تناولت التأثير السلبي للبطالة على الصحة النفسية والجسدية، ووصلت إلى نتيجة مفادها أن معظم الأصحاء الذينتعرضوا للصرف من وظائفهم بسبب الأزمة المالية العالمية، بدون أسباب تتعلق بتقصيرهم في مهامهم، أصيبوا بأمراض مختلفة، شكلت مفاجأة لهم ولعائلاتهم.

ويضيف محدثنا أن تبسيط المعلومة وإعتماد الحوار والخطاب الأفقي بين العامل والمسؤول من شأنه أن يقدم الكثير للمؤسسة والأفراد، خاصة إذا توافر المناخ النفسي الملائم، وتحفيز العمال على الإنتاج وإشراكهم فيالقرار.