الكويت: بعد ستة أسابيع من الخسائر المتتابعة، تمكن سوق الكويت للأوراق المالية من تحقيق بعض التماسك المتواضع، وذلك بعد أن أنهى الأسبوع الماضي مسجلاً مكاسب بسيطة لمؤشريه، وذلك على الرغم من كون المتغيرات التي أثرت على مسار السوق خلال الفترة الماضية لم تشهد تغيرات ملموسة، وعلى رأسها الوضع الداخلي المتأزم، إذ لم يكد الخلاف بين السلطتين التشريعية والتنفيذية أن ينهي مشهده الأخير باستقالة نائب رئيس مجلس الوزراء، حتى دخل في فصل جديد بتقديم عدد من نواب مجلس الأمة لطلب عدم التعاون مع سمو رئيس مجلس الوزراء، فضلاً عن تقديم نواباً آخرين استجواباً جديداً لسموه يتعلق بالمال العام وبأملاك الدولة، مما أسهم في استمرار ضبابية الرؤية لدى المستثمرين في هذا الشأن، خاصة في ظل المخاوف من أن تنعكس تلك الخلافات على مستقبل التنمية الاقتصادية للبلاد.

وفي دلالة جديدة على أن الأزمة الراهنة للاقتصاد الكويتي، لا تنبع من عدم توافر السيولة والملاءة المالية، بقدر ما هي نتيجة عقبات ناجمة من عوامل تتعلق بالبيئة السياسية اللا صحية والإجراءات البيروقراطية المعقدة، والإهمال واللامبالاة الحكومية المتنامية، فقد أصدرت مجلة quot;جلوبل فاينانسquot; تقريراً ضم قائمة لأغنى دول العالم من حيث حصة الفرد من الناتج المحلي، وحلت الكويت في المركز الثاني عربياً والرابع عشر عالمياً، إذ وصلت حصة الفرد من الناتج الإجمالي بحسب بيانات عام 2010 إلى 38.9 ألف دولار أمريكي. ومن المستغرب أن تعاني دولة تحقق فائضاَ سنوياً في الموازنة، وتتمتع بمعدلات للدخل الفردي تعد من أعلى المعدلات في العالم، من حالة كساد اقتصادي كبير لسنوات متتالية، وذلك رغم وجود خطة للتنمية أقرها مجلس الأمة منذ فترة طويلة، وإن لم تظهر نتائجها على أرض الواقع إلى الآن، فالاقتصاد في أي بلد في العالم يحتاج إلى رؤية وخطة وإرادة وإدارة واعية قادرة على التنفيذ، الأمر الذي لم يتوفر حتى الآن وللأسف الشديد في الكويت.

وعلى صعيد مختلف، أصدر بنك الكويت الوطني تقريراً رصد فيه نمو الائتمان المصرفي خلال شهر أبريل الماضي بنسبة ضعيفة جداً بلغت 0.3%، تدل على استمرار تردد القطاع المصرفي في منح التمويل المحلي، نظراً للحالة الاقتصادية المتردية التي تسود البلاد. وبيّن التقرير تراجع القروض الممنوحة لغرض شراء الأوراق المالية، حيث سجلت انخفاضاً بلغ 31 مليون دينار، ولعل هذا الأمر يعود إلى تشدد البنوك المحلية في الإقراض لهذا الغرض، وهو ما يفسر جانباً من تراجع مستويات السيولة في سوق الكويت للأوراق المالية، والذي كان له أثراً سلبياً على أدائه العام في الفترة السابقة.

وعلى صعيد حركة التداول في الأسبوع الماضي، فقد تمكن السوق من استرداد اللون الأخضر والذي غاب عن إقفالاته الأسبوعية لفترة طويلة، مدعوماً بالنشاط الشرائي الملحوظ، والذي تركز على بعض الأسهم التشغيلية والقيادية من جهة، فضلاً عن عمليات الشراء التي نفذتها بعض المجاميع الاستثمارية على أسهم شركاتها من جهة أخرى. في المقابل، فإن عمليات المضاربة، التي نالت الأسهم الصغيرة نصيباً وافراً منها، كانت حاضرة أيضاً خلال التداولات اليومية، حيث استغل عدد من المستثمرين الارتفاعات التي سجلتها بعض الأسهم، وقاموا بعمليات جني أرباح سريعة عليها، قبل أن يعودوا مرة أخرى لشرائها بأسعار أقل، وهو الأمر الذي يفسر تذبذب أداء السوق خلال بعض الجلسات.

والجدير بالذكر، أن قيم التداول قد شهدت تحسناً في الأسبوع الماضي بالمقارنة مع الأسبوع الذي سبقه، إذ وصلت في إحدى الجلسات لأعلى مستوياتها خلال الشهر الجاري، حيث يعود ذلك إلى عمليات التجميع التي تركزت أساساً على الأسهم الثقيلة، خاصة في قطاع البنوك، وسط توقعات إيجابية بشأن نتائج النصف الأول لهذا القطاع الحيوي. من جهة أخرى، لعبت تداولات الثواني الأخيرة، والتي اتسمت بغلبة الاتجاه الشرائي، دوراً واضحاً في تعزيز مكاسب مؤشري السوق خلال بعض الجلسات، ولاسيما المؤشر الوزني الذي كان الأفضل أداءً من نظيره السعري في معظم فترات الأسبوع.

هذا وقد أنهى السوق تداولات الأسبوع الماضي مسجلاً ارتفاعاً لجهة مؤشريه الرئيسيين، حيث أقفل المؤشر السعري عند مستوى 6,336.9 نقطة، بنمو نسبته 0.48%، في حين سجل المؤشر الوزني زيادة بنسبة بلغت 0.70% بعد أن أغلق عند مستوى 442.54 نقطة. وقد شهد السوق هذا الأداء في ظل تباين المتغيرات الأسبوعية لنشاط التداول مقارنة مع الأسبوع ما قبل السابق، حيث تراجع متوسط كمية التداول بنسبة 8.64% في حين زاد متوسط قيمة التداول بنسبة بلغت 8.24%.

مؤشرات القطاعات

سجلت جميع قطاعات سوق الكويت للأوراق المالية نمواً في مؤشراتها بنهاية الأسبوع الماضي، باستثناء قطاع التأمين الذي أنهى الأسبوع دون تسجيل تغير يذكر. وجاء قطاع الأغذية في مقدمة القطاعات التي سجلت نمواً، حيث أغلق مؤشره مرتفعاً بنسبة 2.34% بعدما وصل إلى 4,422.4 نقطة. تبعه في المرتبة الثانية، قطاع العقار الذي أنهى مؤشره تداولات الأسبوع عند مستوى 2,193.8 نقطة، مرتفعاً بنسبة 0.97%. والمرتبة الثالثة، شغلها قطاع الصناعة الذي زاد مؤشره بنسبة 0.48% مقفلاً عند 4,505.5 نقطة. أما أقل القطاعات ارتفاعاً، فكان قطاع البنوك الذي أغلق مؤشره عند 11,914.1 نقطة مسجلاً زيادة نسبتها 0.06%.

مؤشرات التداول

نقصت كمية الأسهم المتداولة في سوق الكويت للأوراق المالية خلال الأسبوع الماضي، فيما زاد كل من إجمالي قيمة التداول وعدد الصفقات المنفذة، حيث انخفضت كمية التداول بنسبة 8.64% عن الأسبوع قبل السابق لتصل إلى 527.09 مليون د.ك.، بينما زادت قيمة الأسهم المتداولة خلال الأسبوع بنسبة بلغت 8.24% لتصل إلى 84.12 مليون سهم، فيما ارتفع عدد الصفقات المنفذة، حيث شهد الأسبوع الماضي إبرام 10,635 صفقة بزيادة نسبتها 4.22% عن الأسبوع الذي سبقه.

أما لجهة المتوسطات اليومية، فقد بلغ معدل قيمة التداول اليومي خلال الأسبوع الماضي 16.82 مليون د.ك. مرتفعاًً من 15.54 مليون د.ك. في الأسبوع ما قبل السابق، في حين نقص متوسط حجم التداول من 115.39 مليون سهم ليصل إلى 105.42 مليون سهم، بينما بلغ المتوسط اليومي لعدد الصفقات المنفذة 2,127 صفقة مقارنة بـ2,041 صفقة في الأسبوع قبل الماضي.

تداولات القطاعات

شغل قطاع الخدمات المركز الأول لجهة حجم التداول خلال الأسبوع الماضي، إذ بلغ عدد الأسهم المتداولة للقطاع 183.61 مليون سهم شكلت 83.34% من إجمالي تداولات السوق، فيما شغل قطاع العقار المرتبة الثانية، حيث بلغت نسبة حجم تداولاته 27.90% من إجمالي السوق، إذ تم تداول 147.07 مليون سهم للقطاع. أما لجهة قيمة التداول، فقد شغل قطاع الخدمات المرتبة الأولى، إذ بلغت نسبة قيمة تداولاته إلى السوق 11.34% بقيمة إجمالية بلغت 28.70 مليون د.ك.، وجاء قطاع البنوك في المرتبة الثانية، حيث بلغت نسبة قيمة تداولاته إلى السوق 20.51% وبقيمة إجمالية 17.25 مليون د.ك.

القيمة الرأسمالية

ارتفعت القيمة الرأسمالية لسوق الكويت للأوراق المالية بنسبة 0.67% خلال الأسبوع الماضي لتصل إلى 31.19 مليار د.ك. بنهاية تداولات الأسبوع، حيث نمت القيمة الرأسمالية لسبعة من قطاعات السوق مع بقاء القيمة الرأسمالية لقطاع التأمين دون تغيير. وتصدر قطاع البنوك لائحة القطاعات الرابحة، إذ ارتفعت قيمته الرأسمالية بنسبة بلغت 0.06% بعد أن وصلت إلى 13.67 مليار د.ك. جاء بعده قطاع الشركات غير الكويتية الذي وصلت قيمته الرأسمالية إلى 1.93 مليار د.ك. مسجلة نمواً نسبته 0.18%، وحل قطاع العقار في المرتبة الثالثة بنسبة نمو بلغت 0.69% لتصل قيمته الرأسمالية إلى 1.80 مليار د.ك. هذا وكان قطاع الأغذية أقل القطاعات نمواً، حيث وصلت قيمته الرأسمالية إلى 761.66 مليون د.ك. بارتفاع نسبته 3.84%.