جانب من أعمال الندوة |
بحث خبراء عرب صباح اليوم خلال ندوة بعنوان quot;الجذور الاقتصادية والاجتماعية للتحولات الراهنة في البلاد العربيةquot;، الأوضاع الإقتصادية في الدول العربية ومدى تأثيرها على قيام الثورات العربية مؤخراً.
عمّان: عقدت في منتدى عبد الحميد شومان الثقافي صباح اليوم السبت ندوة بعنوان: quot;الجذور الاقتصادية والاجتماعية للتحولات الراهنة في البلاد العربيةquot; بتعاون مشترك بين مؤسسة شومان والجمعية العربية للبحوث الاقتصادية في مصر.
وشارك فيها من مصر د. محمد سمير مصطفى رئيس تحرير مجلة بحوث اقتصادية، عضو الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية والمستشار الاقتصادي د. عبدالرحمن صبري، ومن الأردن الخبير الاقتصادي د. خالد الوزني، وأستاذ الصحافة والإعلام د. تيسر أبو عرجة.
واستعرض د. محمد سمير مصطفى في ورقته التي حملت عنوان quot;ربيع التغيير العربي زهور أنبتتها الكرامة لا الجوع .. بحث في مسببات التغيير ودوافعه عدة استتخلاصات عامة منها . أن المنبه الأساسي والمحرك الرئيسي للثورات العربية هو التهميش والإهمال وإقصاء الشباب، والفقر الذي يعيش فيه نحو 21,6% تحت خط الفقر ، 6,1% فقراء مدقعون في مصر و 7,6% تحت خط الفقر في تونس و 41,8% في اليمن.
واستطرد قائلا: إلا أنه كان هناك دافع آخر هو الانتصار ضد خلود الحاكم وامتهان كرامة الفرد وحقوق المواطنة وغياب كرامة الأمة مجتمعة ما أثار شفقه واستهانة المجتمع الدولي من أجله، مستشهداً بالشعار الذي رفعته جموع المصريين في ميدان التحرير quot; ارفع رأسك أنت مصريquot;.
وقال أن ما عجل بتغيير الأنظمة في بعض البلاد العربية دون غيرها هو ظروف ومستوى التجانس في تركيبها ، ( مصر وتونس) اكثر تجانسا من أقطار أخرى. مؤكدا أن من قام بالثورة ليسـوا هم الجوعى والفقـراء وإلا كانت هناك مساقـات أخـرى ( التدمير، الحرق) لكنهم كانوا من الشباب المتعلم الذين أثبتوا استحقاقهم للحرية والكرامة.
وقدم د. خالد الوزني في ورقته رؤية استشرافية للعلاقة ما بين الاقتصاد والمجتمع العربي مقدما حقائق اقتصادية اجتماعية للوضع العربي منها التركيبة السكانية الشابة المتعلمة والمنتجة (وفرة الموارد البشرية) ووفرة الموارد الطبيعية في مجال النفط والغاز والفوسفات وغيرها وذلك بتوفر 58 % من الاحتياطي العالمي في النفط، و 29 % من الاحتياطي العالمي في الغاز الطبيعي.
وأشار إلى المستوى التعليمي المتفاوت في البلدان العربية والاختلال بين متطلبات سوق العمل ومخرجات التعليم، والمشاركة الضعيفة نسبيا للمرأة في سوق العمل والحياة الاجتماعية الفاعلة، وارتفاع نسب البطالة في ظل التركيبة السكانية النشطة (المحرك الأساس للفوران الشعبي) والتحول نحو اقتصاد السوق وحرية انتقال رؤوس الأموال دون العمالة.
كما استعرض بعض التحديات القائمة أمام الدول لعربية، ومنها أن هناك اقتصادات عربية ولا يوجد اقتصاد عربي واحد ككتلة اقتصادية برغم كل الجهود العربية السابقة، ووجود بطالة مرتفعة نسبيا تزيد عن 20 مليون عاطل ومرشحة للتزايد في ظل العجز عن خلق فرص عمل جديدة، إضافة إلى وجود فوائض مالية هائلة تقدر بنحو 1500 مليار دولار هائمة خارج الوطن العربي ومرشحة للتجميد أو الذوبان، وضعف الاستثمارات البينية (نحو 5 % فقط من إجمالي الاستثمارات العربية في الخارج)، وتزايد معدلات الفقر وسوء توزيع الدخل، وضعف التخطيط الشمولي للتحديات العربية على إعتبار أن السيادة تعني أيضا عدم التنسيق حتى في الهم المشترك، وضعف القاعدة الصناعية والإنتاجية وضعف التنوع في مستويات توليد الدخل.
وتحدث المستشار الاقتصادي د. عبد الرحمن صبري حول الاتجاهات الحديثة لمفهوم الأمن الإنساني، مقدما تفسيرا للثورات العربية من الزاوية الاقتصادية. وقال إن عملية الانتقال الاقتصادي في الدول العربية، ستكون عملية معقّدة ومحفوفة بالأخطار، مؤكداً أنها ستؤثّر وتتأثر بما سيؤول إليه المشهد السياسي.
وأضاف quot;بغض النظر عن الخيارات الإيديولوجية الكبرى، فإن التعامل مع التحديات الاقتصادية على المديين القصير والمتوسط، يقتضي اتخاذ خطوات منها إن عملية التواصل بين الحكومات الانتقالية والجماهير حلقة مهمة جداً من أجل تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، خصوصاً على المدى القصير. فالخطاب السياسي المتحلّي بالصدقية، والواقعية، والشفافية، سيكون له بالتأكيد أثر في تدبّر أمر المرحلة الانتقالية، ذلك أن التواصل يمكن أن يساهم في الحد من الإضرابات عن العمل، وتحريك عجلة الإنتاج والاستثمار، في وقت تتراجع فيه المؤشرات الاقتصادية الداخلية والخارجية.
كما أكد على إن محاربة الفساد، والتصدي لآليات اقتصاد الريع عبر مقاربة متوازنة تتوخى الصرامة والعدالة في آن في تطبيق القانون، جزء أساسي في إدارة عملية الانتقال. فهي تساهم في إضفاء مزيد من الصدقية على الخطاب السياسي وإعادة الثقة للمستثمرين ومؤسسات التمويل على حد سواء.
وتحدث د. تيسير أبو عرجة حول الإعلام بين الترفيه المخدر وتحريض الجماهير (القنوات العربية نموذجاً) وقال إن الإعلام شكل عاملاً مهماً في قيام الثورات العربية الجديدة، لجهة التحفيز على المشاركة الفعلية والخروج إلى الشوارع، والتأكيد على سلمية التغيير وعدم اللجوء إلى العنف إلا في حال الدفاع عن النفس، ولم يكن وارداً في كل ما قدمته وسائل الإعلام الداعية إلى المشاركة في هذه الثورات، الاحتكام إلى السلاح ومواجهة قوى الأمن الرسمية.
وقال إن الإعلام هو الــذي جعل من قضية محمد البو عـزيزي في سيــدي بوزيد التونسية قصة صحفية لها تأثيراتها ومفاعلاتها الجماهيرية ، وكانت الشرارة التي قادت إلى النهايات التي عرفناها فيما بعد. كما إن الإعلام هو الذي فجّر على نطاق واسع قضية مقتل خالد سعيد تعذيباً على أيدي قوى الأمن المصرية في الإسكندرية.
وأضاف: لأن الإعلام الرسمي العربي له قوانينه وقيوده ولغته وحدود تأثيره المعروفة، وباستطاعته تجاهل الأحداث أو المرور العابر عليها أو التعاطي معها برواية مختلفة عن الواقع، فإن الإعلام الجديد هو الذي تصدى هذه المرة لتغطية هذه الحوادث ونقلها بالخبر والصورة إلى ملايين المستخدمين لمواقع التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت، والصحف الإلكترونية التي لا تخضع لقوانين الرقابة الرسمية ولا تتلقى تعليماتها من موظفي الإعلام الرسمي في هذه البلدان.
التعليقات