إسبانيا تستفيد من الثورات العربية

تعد إسبانيا من بين الدول الأوروبية التي استفاد قطاعها السياحي بالإيجاب من الثورات العربية وعلى وجه الخصوص تلك التي شهدتها مصر وتونس بعد أن كانتا مقصداً سياحياً دولياً رائداً و منافساً عبر مختلف فصول العام.


مدريد:يؤكد خبراء إسبان وعرب في القطاع السياحي الإسباني ل إيلاف أن للثورات العربية و الوضع في تونس و مصر شأنًا كبيرًا في النمو السياحي الذي حققته إسبانيا منذ مطلع السنة باعتبار ان الوضع الأمني مضطرب في الوطن العربي ولا يسمح للسائح الأجنبي بالمغامرة بحياته قبل كل شيء.

يقول quot;محمد العيد شينونquot; مدير وكالة quot;يونايتيد ووردquot; السياحية في العاصمة مدريد إن الثورات العربية قد حققت خدمة سياحية معتبرة للقطاع السياحي الإسباني الذي شهد إنتعاشا ملحوظا منذ نهاية العام الماضي ليتزامن مع اندلاع الاحداث في تونس ومصر و يرى محدثنا الناشط منذ سنوات في قطاع السياحة في العاصمة مدريد أن إحصائيات وزارة السياحية الإسبانية قد عبّرت عن تفاؤل كبير حول العائدات المالية التي ينتظرها قطاع السياحة في إسبانيا خاصة على مستوى الجزر و السواحل الإسبانية الخلابة وأهمها جزر الباليارس و كناريس و سواحل إقليم الأندلس المطلة على البحر المتوسط.. و التي تعتبر بديلا سياحيا للمواطن الأوروبي و مناخها يشابه إلى حد بعيد المناخ الذي نجده في مصر وتونس.

و يراهن محمد العيد على ارتفاع قياسي لعدد السياح خلال هذا الصيف و يقول إن السائح قبل كل شيء يهمه الوضع الأمني في البلد الذي يتوجه إليه لقضاء عطلته بارتياح و من دون هواجس أمنية ،ويشير محدثنا إلى اعتداءات مدينة مراكش المغربية التي من شأنها أن تؤثر بالسلبفي القطاع السياحي في المغرب و لو بشكل طفيف باعتبار أن المدينة مقصد رئيس للسائح الأوروبي...و يختم الناشط السياحي العربي في مدريد قوله quot;مصائب قوم عند قوم فوائدquot;.

و من جانبه، يرى quot;خوان إريرا كاستورو quot;مدير هيئة السياحة في العاصمة مدريد أن إقليم العاصمة الإسبانية لم ينتعش بعد قطاعه السياحي بسبب الثورات العربية باعتبار أن مدريد لها سيّاحها و تقاليد قطاعها السياحي تختلف عن مناطق إسبانية أخرى تقطع على مستوى سواحل البحر المتوسط و يشير المسؤول السياحي إلى أن هناك مناطق إسبانية قد شهدت إرتفاعا في عدد السياح منذ مطلع العام و قد تزامن ذلك كما يرى مع الوضع في العالم العربي وعلى وجه الخصوص في مصر و تونس اللتين تعدان منافستين قويتين لإسبانيا في القطاع السياحي رغم أن وجهة السائح قد تؤثر فيها عوامل إقتصادية كما يرى و ليس فقط العامل الأمني.

و يرى خوان إريرو أن الأزمة الإقتصادية قد أثرت بالسلبفي نشاط قطاع السياحة في إسبانيا على الصعيد المحلي و الأجنبي ، لكنه يراهن على توسيع آفاق التعاون في قطاع السياحة بين إسبانيا و عدد من الدول العربية و يذكر لنا قطر و الكويت و الإمارات العربية المتحدة ، باعتبار أن إسبانيا تسعى منذ سنوات إلى استقطاب السائح العربي لزيارتها ...و يغتنم خوان كاستور الفرصة عبر إيلاف ليوجه دعوة للسائح العربي لكي يزور العاصمة مدريد و يتمتع بجمالهاو متاحفها و تقاليدها خاصة في فصلي الشتاء والربيع.

من جانبه يؤكد لنا الخبير السياحي ورئيس غرفة السياحة الإسبانية quot;ميغيل بوفالا quot; أن إسبانيا حقا قد إستفادت من الثورتين المصرية و التونسية عن دون قصد و يقول إن غرفة السياحة الإسبانية قد سجلت إرتفاعا قياسيا في عدد السياح الوافدين على جزر الكناريس و البليارس خلال الأشهر الأخيرة و بمعدل 30 بالمائةعلى سبيل المثال في جزر الكناريس و على المستوى الوطني فإن عدد السياح الأجانب الوافدين إلى إسبانيا قد وصل إلى 9 ملايين سائح خلال الأشهر الأخيرة.

و حسب تقدير مغيل بوفالا فإنه يمكن لإسبانيا أن تختتم عام 2011 بزيارة نحو 53 مليون سائح أجنبي وهذا رقم قياسي و تاريخي سبق للقطاع السياحي الإسباني أن سجله عام 2007 قبل إندلاع الأزمة الإقتصادية و يقول محدثناإن تضرر القطاع السياحي في مصر و تونس بسبب الثوارت الشعبية قد أدى إلى تغيير وجه السائح الاوروبي إلى السواحل الإسبانية رغم أن السائح لا يهمه فقط البحر لكن الوضع الامني غير المستقر في العالم العربي قد رجح الكفة السياحية لصالح دول كإسبانيا و إيطاليا و اليونان و تركيا خاصة مع حلول موسم الإصطياف.

و يرى الخبير الإسباني في قطاع السياحة أن تحسن الوضع الإقتصادي في المانيا و بريطانيا قد ساهم من جهة أخرى في نمو القطاع السياحي الإسباني خلال الفترة الأخيرة بإعتبار أن بريطانيا تصدر نحو 1,8 مليون سائح سنويا إلى إسبانيا ، و تتبعها ألمانيا التي يصل منها نحو 1,5 مليون سائح سنويا و لذلك فإن القدرة المالية للسائح الاوروبي اليوم قد عادت لتشهد إنتعاشا يسمح له بالتنقل دون التفكير في الحواجز المالية لكن الهاجس الأمني يبقى ضمن أهم عوامل تسويق المنتوج السياحي على الصعيد الدولي كما يقول الخبير رغم أنه يرى أن الإعتداءات الاخيرة التي شهدتها مدينة مراكش لن تؤثرفي قطاع السياحة في المغرب إلى حد معتبر يمكن أن يترجم إلى أرقام إحصائية مرهبة.

ويعلق quot;مجدي زين quot;مدير الوكالة المصرية في مدريد quot;خوبي تور quot; عن إنتعاش الوضع القطاع السياحي في إسبانيا قائلا: quot;في الحقيقة إن الوضع السياسي وحركة التغير التي تشهدها المنطقة العربية و على وجه الخصوص مصر ليس مناسبا إطلاقا لتوافد أعداد هائلة من السياح الأجانب كما عهدناه ..و يرى أن الوضع عادي و طبيعي عقب الثورة الشعبية التي عاشتها مصر و يقولإن القطاع السياحي في إسبانيا حقا قد إستفاد وإنتعش من جراء الأزمة التي تشهدها مصر بشكل رد فعل لا غيرquot;.

ولا يعتبر مجدي زين أن هذا يمثل خسارة للقطاع السياحي في بلده لأن هناك أولويات كما أن وكالته للسفر و السياحة في العاصمة مدريد قد شهدت تراجعا في نشاطها رغم أن الأمور عادت إلى طبيعتها خلال الفترة الأخيرة حيث سجل عودة إقبال السياح الإسبان نحو القاهرة و يرتقب تحسنا في الوضع و النشاط السياحي خلال الفترة القادمة ، كما أنه يرى أن تكاليف السياحة في إسبانيا جد معتبرة نظرا للازمة الإقتصادية و لهذا هناك عدد كبير من السياح يفضلون قضاء عطلهم في مصر أو تونس على سبيل المثال لرخص التكاليف.