باريس: ما زالت أسواق المال من نيويورك إلى باريس تشهد توترًا بعد أسبوع جنوني انتهى بهدوء نسبي، لكن المخاوف بشأن النمو العالمي تزعزع ثقة المستثمرين.

في هذه الاجواء من التوتر الشديد، يلتقي الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل الثلاثاء في باريس للبحث في الحوكمة الاقتصادية لمنطقة اليورو. وينتظر المستثمرون من اللقاء بين المانيا وفرنسا، اللتين تشكلان عماد الوحدة النقدية، اجراءات عملية لتجنب انتقال ازمة الدين العام الى بلدان، مثل ايطاليا واسبانيا، ثالث ورابع اقتصاد في منطقة اليورو. لكن المهمة لا تبدو سهلة لباريس وبرلين.

فبينما تدفع اسواق المال باتجاه اقرار خطة ثانية لانقاذ اليونان اعلن عنها في 21 تموز/يوليو، في اسرع وقت ممكن، حذر البرلمان الالماني السبت من انه quot;من المستحيل عمليًاquot; انجاز ذلك في المهل المحددة. وحذر رئيس البرلمان نوربرت لاميرت من ان quot;الحكومة الالمانية لا يمكنها ان تقرر اي شىء يكلف قرشا واحدا بدون موافقة البرلمانquot;.

وقال المحلل في الموقع المتخصص quot;ذي بيزنس اينسايدرquot; هنري بلودجيت quot;انهينا الأسبوع عند نقطة بدايته: القلق حول متانة منطقة اليورو والاقتصاد الاميركي ما زال قائمًا، ولم يتغير أي شيءquot;. وبعدما اوشكت على الانهيار، حدت معظم البورصات خسائرها على مدى اسبوع. ففي نيويورك لم يخسر مؤشر داو جونز سوى 1.35 %، بينما تراجعت بورصة باريس 1.97 %، وميلانو 0.87 %، ومدريد 0.28 %.

وسجلت اكبر الخسائر في طوكيو (3.61 %) وفرانكفورت (6.5 %) بينما نجت لندن بتقدمها 1.39 %. ورأى المحلل في quot;سي ام/سي آي سيquot; فرنسوا دوهين ان quot;ذكرى ازمة 2008 ما زالت ماثلة في اذهان المستثمرين واموالهم التي تبخرت، لذلك يقومون بالبيع اولا ثم طرح الاسئلةquot;.
واضاف ان quot;الخوف يهيمن على الوضع وسيبقى الامر كذلكquot;.

وبدأ الاسبوع بهزة كبرى بعد اعلان وكالة التصنيف الائتماني خفض علامة الدين العام الاميركي في خطوة تاريخية اثارت شكوكا في قدرة هذا البلد على تسديد ديونه. وسادت حالة من الهلع اسواق المال الاربعاء بعد شائعات عن امكانية خفض درجة فرنسا الائتمانية وصحة المصارف الفرنسية، بعد تحسن لجلستين.

ويخشى المستثمرون من ان تنتقل ازمة في القطاع المالي الاوروبي الى الولايات المتحدة نظرًا إلى ارتباط المصارف الغربية ببعضها. ويلعب المصرف الفرنسي سوسييتيه جنرال الذي تحدثت شائعات عن افلاسه، دوراً اساسيًا في سوق فروع الاسهم، المنتجات المالية التي تسمح للدول المتطورة بحماية نفسها من سقوط البورصات. ونتيجة لذلك يمكن ان يؤدي انهياره الى زعزعة استقرار النظام المالي برمته.

وقال رئيس البنك الدولي روبرت زوليك quot;نحن في بداية عاصفة جديدة ومختلفة وليست مثل ازمة 2008quot;. واضاف في مقابلة نشرتها الصحيفة الاسترالية الاسبوعية ويكند استراليان ان معاناة اليونان والبرتغال من ازمة دون خانقة ووجود دول اخرى مهددة ومن دون اي امكانية لخفض قيمة العملة يفتح احتمال ان quot;تكون التحديات التي تواجهها منطقة اليورو من الاكثر اهميةquot;.

واوضح quot;نحن في بداية عاصفة جديدة ومختلفة، انها ليست مثل ازمة 2008 (...) في الايام الـ15 الاخيرة انتقلنا من انتعاش صعب - بنسبة نمو جيدة للدول الناشئة وبعض البلدان مثل استراليا غير انها اكثر ترددا بالنسبة للدول الاكثر تطورا - الى مرحلة جديدة واكثر خطورةquot;.

وقال زوليك ان الازمة في منطقة اليورو quot;قد تكون التحدي الاهمquot; للاقتصاد العالمي، داعيًا الدول الاوروبية الى اتخاذ الاجراءات اللازمة في اسرع وقت ممكن. واكد وزير الاقتصاد الايطالي جوليو تريمونتي السبت ان ايطاليا التي تراقبها وكالات التصنيف الائتماني بدقة لا تنوي quot;حالياquot; مراجعة توقعاتها للنمو بعد تبني خطة جديدة للتقشف الجمعة تبلغ قيمتها 45 مليار يورو على سنتين.

وقال المحلل المالي جو ويزنتال ان quot;ما يجري حاليا هو ازمة حكومةquot;، معبّرًا عن اسفه للتوتر والخلافات بين القادة الاوروبيين وغياب التوافق السياسي في الولايات المتحدة. والسبت عبّرت وكالة انباء الصين الجديدة عن اسفها quot;للذعر والتقلبات الحادة في الاسواق التي تعكس ضعف ثقة المستثمرين في العالم الغربيquot;. وبكين هي الدائن الاجنبي الاول للولايات المتحدة. كما اكد وزراء اقتصاد جنوب شرق آسيا امس ان ازمة منطقة اليورو تهدد نمو بلدانهم.