هاهو صيف عام 2008 يعود ليخيم، مجدداً، على الساحات المالية الدولية. ولو نظرنا في صفوف المحللين الماليين لوجدنا انشقاقات وتناقضات واضحة في الرأي. اذ ان قسم منهم لا يؤمن بأن المصارف الكبيرة تعاني من أزمة سيولة مالية. أما القسم الآخر فهو يشجع المشغلين، في البورصات، على شراء وبيع كل ما يقع تحت أيديهم، من أسهم قابلة للتداول، لتوليد حركة مالية مقبولة، قادرة على تهدئة المستثمرين. في مطلق الأحوال، فان اشارات الاكتئاب التي أصابت العلاقات، بين المصارف، يشعر بها حتى الطفل الصغير والجاهل في أمور عالم المال. .


برن: منذ أسابيع عدة، يرصد الجميع فارق شاسع في المعادلة التي تضع نسبة الفائدة quot;يوريبورquot; (Euribor) ومؤشر معروف باسم (Overnight Indexed Swap) أو (OIS) تحت سقف واحد. في ما يتعلق بمؤشر quot;يوريبورquot; فهو يعكس تكلفة المال المتوجبة على المصارف خلال عمليات الاقتراض، في ما بينها، الخالية من أي تغطية وضمان. أما المؤشر المذكور في الأعلى فهو يمثل نسبة الفائدة الخالية من المخاطر. وكلما توسع المقص، الذي يفصل فائدة quot;يوريبورquot; عن مؤشر quot;أويسquot; (OIS) كلما تراجعت الثقة بين المصرفية. ما يعني أن الاقراض، من دون ضمان، له تكاليف أعلى. وفي نهاية شهر يونيو(حزيران) الماضي، رسا الفارق بين quot;يوريبورquot; ومؤشر quot;أويسquot; على 20 نقطة. ثم سرعان ما قفز الى 71 نقطة قبل عشرة أيام نزولاً، ثانية، الى 63 نقطة. ان المعادلة الرياضية، بين quot;يورويبورquot; وهذا المؤشر، التي تعتبر ميزان حرارة التوترات بين المصرفية، رست على 186 نقطة ابان توجه مصرف quot;ليمان بروذرزquot; نحو الافلاس.

في هذا الصدد، يشير الخبير ماكسيميليان شنايدر الى أن المصرف الأوروبي المركزي تلقى، في الأسابيع الأخيرة، طلبين مقلقين. الأول يتعلق بعملية سحب عاجلة مجموعها حوالي 4 بليون يورو. أما الطلب الثاني، فهو يتعلق بتحويل مبلغ 500 مليون دولار الى مصرف تابع لنظام اليورو المالي. ما جعل المصرف المركزي في واشنطن(معروف باسم الاحتياطي المركزي) يراقب، عن كثب، تحركات الدولارات الأميركية من والى المصرف الأوروبي الواقع بمدينة فرانكفورت الألمانية.

علاوة على ذلك، يعبر الخبير شنايدر عن شكوكه ازاء الاشاعات المنوطة بنقص السيولة المالية الذي تعاني منه المصارف الأوروبية. ويعتقد هذا الخبير أن تدفق أنهر الأموال، من المصرف المركزي الأوروبي الى مصارف منطقة اليورو، لم ينقطع أبداً. لكن، ونظراً للوضعين الاقتصادي والمالي، الذين يجعلان هذه المصارف أقل صلابة، فان المصارف تطلب علاوة أعلى على القروض بين المصرفية لتحصين خزائنها المالية.

من جانبها، فان السلطات التنظيمية السويدية تعبر، ببرودة اسكندنافية رفيعة المستوى، عن قلقها من اقتراب القروض بين المصرفية، في منطقة اليورو، من الانهيار الشامل!