طلال سلامة من برن: تعاود المصارف الأوروبية ميولها إلى المخاطرة بأموالها وأموال المستثمرين معاً في الأسواق المالية الواقعة في مكان ما حول العالم.

يتمثل هذا السلوك المصرفي في إقبال هذه المصارف على إيداع بلايين اليورو في خزائن المصرف المركزي الأوروبي. إذ بلغ مجموع هذه الإيداعات من مختلف المصارف الأوروبية، يوم أمس، حوالي 128 بليون يورو مقارنة بما مجموعه 107 بليون يورو تم تسجيله يوم الجمعة المنصرم.

ومع أن هذه السيولة المالية المبالغ بها تبقى أضعف مما تم quot;حشوهquot; داخل المصرف المركزي الأوروبي، في 7 أغسطس (آب)، والذي بلغ مجموعه 143 بليون يورو، الا أن المحللين السويسريين يعتقدون أن كبرى المصارف الأوروبية ستخوض مناورات حادة في الأسابيع المقبلة.

يذكر أن نسبة الفوائد التي يعطيها المصرف الأوروبي المركزي على كل الإيداعات البنكية لديه ترسو على 0.75 %. في حين يُقرض المصرف المركزي أموالاً الى المؤسسات المالية ترسو نسب فوائدها على ما لا يقل عن 1.5 % سنوياً.

في هذا السياق، يشير الخبير أوسفالد فيرنر لصحيفة إيلاف إلى أن اقدام المصارف الأوروبية على ايداع مبالغ مالية كبرى لدى المصرف الأوروبي المركزي، الذي يتخذ من quot;يورو تاورquot; في مدينة فرانكفورت الألمانية مقراً رئيساً له، دليل على صعوبات يمر بها مجال الاعتماد. كما إن العديد من المصارف تخاف اليوم إقراض المال إلى مصارف أخرى، لا سيما تلك التابعة لدول أوروبية لم تجد حلاً بعد لأزمتها المالية.

وبدلاً من الاقراض، فإن هذه المصارف تعمل على إيداع الأموال لدى المركزي الأوروبي حتى لو كان نسبة الفائدة عليها شبه غائبة. ويلفت الخبير فيرنر الانتباه الى أن طلبات الاقراض، المنطلقة من المصارف الايطالية الى المركزي الأوروبي، تضاعفت من 40 الى 80 بليون يورو.

علاوة على ذلك، ينوه الخبير فيرنر بأن ظاهرة مماثلة، متعلقة بتدفق غير طبيعي لأموال مصرفية أوروبية الى المركزي الأوروبي، حصلت في عام 2008. فالمصارف الأوروبية كانت تقترض الأموال من المركزي الأوروبي لتعاود إيداع هذه القروض لدى المصرف نفسه، ما كان له تداعيات على تراجع السيولة الاعتمادية نحو عالم الاقتصاد الحقيقي، الذي يتمثل في الأسر والشركات.

في الواقع، فإن أعلى سقف للإيداعات المصرفية لدى المصرف الأوروبي المركزي سجلت في 7 يونيو (حزيران) من عام 2010، وبلغ مجموعها 350 بليون يورو.