في خضم الأزمة المالية، بين عامي 2008 و2009، بدا للجميع أن المصارف الغربية تعتزم الانسحاب من الخارج والعودة الى وطنها الأم برغم الاحتمال الكبير لانشطار الأسواق المالية، في وطنها، بصورة تنافسية ترسم، مسبقاً، من هو الغالب ومن هو المغلوب.


برن: أنشطة المصارف الغربيةفي الخارج، بصورة مباشرة أم غير مباشرة(عن طريق فروع لها أم شركات خاضعة لسيطرتها)، توسعت وترسخت على نحو كبير. يذكر أن هذه الأنشطة تراجعت في بعض القطاعات التي رأت استخداماً هائلاً لرؤوس الأموال كما أنشطة الاعتماد التقليدية المعروضة على القطاع الخاص.

من جانبهم، يعزي الخبراء تراجع هذه الأنشطة الى تعاظم الديون، في القطاع الخاص، وتبني المصارف الغربية العملاقة سياسات جديدة لانقاذ موازناتها التي لا تبالي، في الأوقات العصيبة، باصلاح موازنات الآخرين، كما القطاع الخاص. كما يلاحظ المحللون السويسريون بعض التناقض في سلوكيات هذه المصارف. فقبل اندلاع الأزمة المالية، كانت المصارف الغربية تبيع السندات الحكومية.

فجأة، انقلبت المعايير وهاهي، نفس المصارف، تقبل على شراء هذه السندات. ما يعكس تكتيكاً دفاعياً كان له تأثير على البنى التحتية المصرفية الغربية. وعلى الصعيد السويسري، فان أهمية الأسواق الخارجية، بالنسبة لمدراء ادارة الأسهم، تبقى كما كانت الحال عليه في عام 2007. صحيح أن الجسور بين المصارف، حول العالم، فتحت لافساح المجال أمامها نحو استيطان كل ما هو مثير لشهيتها المالية، في الخارج. لكن الثغرات الأمنية، التي تغدر بالبورصات نظامياً، حضت المسؤولون المصرفيون على استغلال الأسواق الخارجية لأغراض لا علاقة لها بالأنشطة التقليدية، ومن ضمنها ادارة الاستثمارات والأصول والأسهم.

في سياق متصل، تشير الخبيرة ميشيل باخمان الى أن توسع المصارف الغربية في الخارج تتشعب أسبابه. فنمو العائدات يترسخ، تدريجياً، في الأسواق النامية مقارنة بالأسواق الغربية المشبعة أين تتخذ المصارف الغربية مقراً رئيسياً لها. علاوة على ذلك، فان الديون المتراكمة على القطاعات الرسمية والخاصة، في الدول النامية أقل سقفاً بكثير من مآسي هذه القطاعات المالية، في الغرب.

هذا وتنوه الخبيرة باخمان بأن المصارف التي أقدمت على تنويع أعمالها، جغرافياً، كان أداؤها أفضل حتى خلال الأزمة المالية. وهذا ما تحرص المصارف السويسرية على التقيد به لابعاد الضيقة المالية عنها في حال تعرضت الأسواق السويسرية لفترة مؤقتة من الكسل.