رغم المساعي الحثيثة والجادة التي تبذلها إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما على أمل النجاح في نهاية المطاف في انتشال الاقتصاد المحلي من عثرته الحالية، إلا أن كل المؤشرات تقول إن الإدارة ستخفق في محاولاتها، وأن أوباما سيفشل في هذا الاختبار.


تضاؤل فرص حدوث انتعاش اقتصادي في الولايات المتحدة

أشرف أبوجلالة من القاهرة: هذا الأمر دللت عليه اليوم مجلة فورين بوليسي الأميركية بتلك المذكرة التي أعدها رون بلوم، المسؤول السابق عن قطاع الصناعات التحويلية في البيت الأبيض، والتي أكدت أن العبء أضحى ثقيلاً للغاية، وأن جهود أوباما ومستشاريه قد لا تكلل بالنجاح.

وبالاتساق مع سلسلة العقبات التي واجهها بلوم خلال فترة عمله في البيت الأبيض من جانب كبار المستشارين الاقتصاديين هناك، رأت المجلة أن ترك بلوم لهذا المنصب في نهاية الشهر الماضي يبرز حقيقة أنه لم ير أي فرص تذكر بالنسبة إلى الإدارة الأميركية كي تبذل مجهوداً كبيراً يمكنها من تنشيط الصناعات التحويلية في الولايات المتحدة.

وهو ما يعني، لسوء الحظ أيضاً، تضاؤل فرص حدوث انتعاش اقتصادي قوي يتيح الفرصة لتوفير الملايين من فرص العمل الجديدة اللازمة لإعادة مستويات التوظيف إلى سابق مستوياتها، وكذلك لرفع المرتبات ومستويات المعيشة.

في السياق عينه، قال الخبير الاقتصادي، مايكل سبينس، الحائز من قبل جائزة نوبل، في مقال نُشِر له أخيراً في مجلة فورين أفيرز، متحدثاً عن تأثير العولمة على الدخل والتوظيف، إن من بين الـ 27 مليون وظيفة التي تم توفيرها في الولايات المتحدة في الفترة ما بين 1990 و2008، تمركز 98% منها في قطاعات الاقتصاد غير القابلة للتداول، وخاصة في الحكومة وصناعة الرعاية الصحية، اللذين يشكلان معاً حوالى 40 من تلك الوظائف التي تم توفيرها أخيراً.

كما إن ثالث أبرز قطاع متعلق بنمو الوظائف هو قطاع بناء المنازل، وهو القطاع غير القابل للتداول أيضاً. وأكد سبينس أنه وبسبب عملية إعادة الهيكلة الجارية الآن لسلسلة التوريد العالمية، بدأت تتناقص مجموعة الفرص الوظيفية المتاحة في القطاع القابل للتداول، وهو ما يحدّ من الخيارات المتاحة أمام العمال الأميركيين في الشريحة ذات الدخل المتوسط.

ولفتت المجلة من جهتها إلى أنه من غير المحتمل بشكل كبير أن يتواصل نمو القطاع الحكومي وقطاعات الرعاية الصحية والبناء وتوظيف الخدمات المالية في المستقبل مثلما كانت الحال في الفترة الماضية.

إلى هنا، أوضحت فورين بوليسي أن الخلاص لا بد وأن يأتي من القطاع القابل للتداول، ولأن ثلثي هذا القطاع موجود في الصناعات المنتجة للبضائع، سيكون من المستحيل تقريباً تحقيق الانتعاش المرجو من دون إحداث نهضة في قطاع الصناعة التحويلية في الولايات المتحدة. لكن المخاوف المثارة حالياً، وكما ورد في المذكرة التي أعدها بلوم، هو ألا تكون خطوة النهضة هذه محل دراسة جادة من جانب المسؤولين.

من جانبه، قال أندي غروف، الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس الإدارة السابق لشركة إنتل، إنه على الرغم من فقدان 2 مليون وظيفة تقريباً في صناعة الحاسوب في الولايات المتحدة على مدار الاعوامالـ 30الماضية، إلا أن الجزء الأكبر من فرص العمل لا يزال موجوداً، وإن أوضح أنها لم تعد موجودة في الولايات المتحدة.

ورفض في الوقت نفسه الاعتراف بتلك المقولة التي تتحدث عن قلة التكاليف الخاصة بعمليات التصنيع في آسيا وأميركا اللاتينية مقارنة بالولايات المتحدة. وأكد أن المشكلة الحقيقية تكمن في أن الجميع على دراية بأن الصناعة التحويلية في الولايات المتحدة منتهية. كما سبق لعدد من أبرز مستشاري الرئيس باراك أوباما أن قالوا إن الولايات المتحدة لا تحتاج فعلاً قطاع الصناعات التحويلية.

وختمت المجلة بتأكيدها على أن أوباما بحاجة لخلق مزيد من فرص العمل، كي يتمكن من إنقاذ الاقتصاد الأميركي والبقاء في منصبه. ولكي يفلح في تحقيق ذلك، عليه أن يتجاهل المستشارين المقربين منه وأن ينتبه إلى نصائح أشخاص مثل غروف وبلوم.