الرئيس الألماني كريستيان فولف

في وقت تجد ألمانيا نفسها صاحبة الدور القيادي في إنتشال الاتحاد الأوروبي من أزمته، إنفجرت فضيحة هزّت صورة القيادة، وتراجع حديث وسائل الإعلام عن تردد المستشارة أنغيلا ميركل إزاء العلاجات المقترحة لإنقاذ اليورو، أمام الضجّة التي نالت من الهيبة الأخلاقية للرئيس الألماني كريستيان فولف.


إعداد عبدالإله مجيد:كان المتوقع من الرئيس الألماني كريستيان فولف، الذي اختارته ميركل عام 2010 رئيسًا مراسميًا من حيث الأساس للدولة الألمانية،أن يسلِّح الألمان بقوة معنوية، تعينهم على الصمود في مثل هذه الأوقات العصيبة.

لكن مشاعر الغضب انفجرت على رمز الدولة منذ منتصف كانون الأول/ديسمبر، بعد التقارير التي تحدثت عن قرض مشبوه قدره 500 ألف يورو أو 650 ألف دولار، حصل عليه فولف، حين كان رئيس حكومة ولاية سكسونيا السفلى.

وكانت الضجّة بدأت تخفت عندما انفجر الغضب مجددًا هذا الأسبوعبعدما تسرّب عبرصحيفة بيلد الألمانية واسعة الانتشار من تفاصيل عن اتصال هاتفي أجراه فوف برئيس تحرير الصحيفة، محاولاً بلغة الوعيد أن يمنع نشر مقالات عن القرض.

وأعلنت ميركل في ثلاث مناسبات عن ثقتها التامة بفولف، الذي يعتبر في سنّ الثانية والخمسين أصغر رئيس دولة عرفته ألمانيا الحديثة.لكنها لم تعلِّق على الاتصالات الهاتفية برئيس تحرير صحيفة بيلد، كاي ديكمان، والرئيس التنفيذي للشركة، التي تصدر الجريدة، إمبراطورية إكسل شبرنغر الإعلامية.كما امتنع عن التعليق الرئيس نفسه، الذي أصدر مكتبه بيانًا مقتضبًا، يؤكد فيه دعمه لحرية الصحافة، مع رفضه الخوض في مسألة تتعلق بأحاديث خاصة.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن غيرد لانغوت أستاذ الدراسات السياسية في جامعة بون إن ميركل ستفعل كل ما بوسعها للحيلولة دون تنحّي فولف.ولكن ميركل، إزاء عناوين تشكك في نزاهة رئيس الدولة وتسمّيه quot;برلسكوني الجديدquot;، قد تجد مهمّة إنقاذ رئيسها مهمّة عسيرة، بقدر تأمين موافقة البرلمان على حزمة جديدة من الإجراءات لإنقاذ اليورو.

ويواجه الرئيس فولف، وبصورة غير مباشرة، والمستشارة ميركل حملة متصاعدة بعد انكشافهما لسخرية سافرة من كتاب الافتتاحيات.وقال دانيل بروسلر في افتتاحية نشرتها صحيفة زودويتشة تسايتونغ إن quot;منصب الرئاسة تضرر بعد كل ما سمعناه عن موقف الزعيم فولف من أصدقائه وماليته ومن الحقيقة والصحافةquot;.وأضاف إن المسؤول هو فولف نفسه، ولكن ليس فوف وحده، quot;ويجب محاسبة أنغيلا ميركل أيضًاquot; لأنها هي التي اختارتهquot;.

وكان بيان فولف عن فضيحة القرض قبل ثلاثة أيام من عيد الميلاد عُدَّ بيانًا مفعمًا بالضغينة والإبهام.وتصاعدت الدعوات يوم الثلاثاء من جانب وسائل الإعلام، التي استاءت بصفة خاصة من الهجوم على حرية الصحافة، ومن أحزاب معارضة، إلى أن يقدِّم فولف توضيحًا لموقفه.

وطالب الحزب الديمقراطي الاجتماعي، أكبر أحزاب المعارضة، بأن تأتي الإجابات من ميركل نفسها.وقال هوبرتوس هايل زعيم كتلة الحزب في البرلمان لصحيفة دي فيلت إن على ميركل أن توضح ما إذا كانت ترى أن فولف يرتقي إلى مستوى توقعاتها منه في النهوض بمهام دوره كرئيس للدولة.وأعاد هو أيضًا التذكير بأن المستشارة رشّحت فولف لمنصب الرئيس.

وكان الألمان احتفوا في الأيام الأولى برئاسة فولف على أساس أنه يأتي بريح منعشة وحتى لمسة من التألق إلى منصب الرئاسة الألمانية الخالي من الإثارة.ولكن شعبية فولف هبطت بحلول نهاية كانون الأول/ديسمبر بنسبة 14 % مقارنة مع أيلول/سبتمبر، كما أظهر استطلاع فصلي، أجرته مؤسسة اي ان أس فورشونغ للأبحاث.وإذا قرر فولف التنحّي، وهو قرار عائد له وحده بموجب الدستورالألماني، فإن ميركل ستجد نفسها في موقف صعب لإيجاد بديل.

في هذه الأثناء ما زال مرشّح المعارضة لمنصب الرئيس هو القس البروتستانتي والناشط الحقوقي السابق في ألمانيا الشرقية غاوك يواخيم، في حين أن ميركل وجدت مشقة عام 2010 في العثور على مرشح مناسب من جهتها.

وفي حال بقاء المنصب شاغرًا، فإنه سيترك ألمانيا رسميًا من دون بوصلة أخلاقية في وقت يشعر كثير من الألمان بالقلق على مستقبل اليورو والاستقرار المالي لبلدهم.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن جاكسون جينز مدير المعهد الأميركي للدراسات الألمانية المعاصرة في جامعة جون هوبكنز إن دور الرئيس دور يريد المواطنونأن يحافظوا عليه في وقت تنحسر فيه الثقة.والرئيس الألماني يعتبر عامل توحيد.وكانت لهذا الجانب أهميته في زمن الانتعاش الألماني، وله أهميته في وقت الأزمة أيضًا.