غابت التنافسية لدى الوكالات السياحية في الجزائر هذه السنة، حيث لم تسجل حجماً كبيراً من التخفيضات على عكس السنوات السابقة، وهو الوضع الذي جعل الجزائريين في حيرة بين قضاء العطلة خارج بلادهم أو التوجه نحو الصحراء، التي فتحت أبواب موسمها السياحي متأخرة عن المعتاد.
الجزائر: أكد مسؤولو الوكالات السياحية في إستطلاع قامت به quot;إيلافquot; أن quot;تركيا تعتبر الوجهة الأولى بالنسبة للاحتفال بأعياد الميلاد، تليها المغرب ودبيquot;، مؤكدين على أن quot;التخفيضات المقدمة على الفنادق والنقل غير هامة وأن أسعار ''الريفيون'' في الجزائر باهظة وليست في متناول غالبية من يحتفل بهquot;، في حين تمتنع شرائح واسعة من الجزائريين عن الاحتفال بهذه المناسبة لأنها سلوك محرم شرعاً و تشبهاً بــquot;الكفارquot;.
وفي هذا الصدد يقول سعيد معمري مسيّر وكالة سياحية بولاية بجاية الساحلية ''لا وجه للمقارنة بين الأسعار والمزايا التي توفّرها الفنادق والمجمعات السياحية بالخارج مع نظيرتها في الجزائر، لأن نوعية الخدمات ــ حسبه ــ هي السبيل الوحيد لكسب ثقة الزبون''.
وأضاف أن quot;سعر ليلة واحدة في فندق غير مصنّف بغرداية مثلا، تصل إلى 60 دولار، أما خلال إحتفالات ''الريفيون'' فيصل إلى 100 دولار للمبيت فقط وبدون خدمة الإطعام، فيما يكلف شراء تذكرة طائرة ذهاباً وإياباً من الجزائر العاصمة إلى مدينة جانت 300 دولار، وهو نفس سعر تذكرة من العاصمة الجزائر الى المغرب، بالإضافة إلى 100 دولار ثمن التذكرة من العاصمة الى غردايةquot;.
من جانبه يقول سفيان نايلي مدير وكالة سياحية بحي القصبة في العاصمة الجزائر، أن quot;وكالته تركّز على السياحة في الخارج نظرا للأسعار التنافسيةquot;، فقضاء ''الريفيون'' بالمغرب لمدة أسبوع لا تفوق قيمته 700 دولار، حيث تقدّر سعر الليلة الواحدة في فندق فخم بـ70 دولار، أما قيمة تذكرة الطائرة فلا تتعدى 300 دولار.
ويضيف أن quot;تكلفة قضاء ليلة واحدة في فندق فخم بالعاصمة الجزائر تقدر بـ210 دولار، وهو الثمن الذي يكفي لقضاء ثلاثة أيام أو أكثر بتونس، لأن فنادقها الفخمة لا يتعدى سعر الليلة الواحدة فيها 50 دولارquot;.
من جهتها اعتبرت السيدة نادية فيلالي الموظفة بوكالة سياحية بالأبيار، أن quot;هناك عراقيل بيروقراطية تساهم في عزوف الجزائريين عن الاحتفال برأس السنة داخل البلادquot;، فهي تجد صعوبات حتى في حجز فنادق لزبائنها، والعكس صحيح بالنسبة للسياحة في دول الجوار حيث تقول ''أستطيع حجز فنادق لزبائني بتونس والمغرب في دقائق معدودة، وأغلبية الزبائن يعودون راضين عن نوعية الخدمات المقدمة لهم''.
من جانبه أشار بن منصور نسيم، مساعد مسير في الشركة ''العالمية للسياحة والأسفار'' إلى وجود مشكلتين تواجهان ترقية السياحة الداخلية، تتعلق الأولى بغياب إرادة سياسية لتطوير القطاع وإنعاش السياحة الداخلية ومشكلة نقص المرافق السياحية وثقافة الأشخاص.
وبسبب إرتفاع الأسعار و تدني الخدمات في الجزائر، وبالنظر إلى الأوضاع التي في بعض الدول العربية على غرار تونس وتدهور الوضع الأمني بها، فإن الجزائري أصبح يفضل زيارة تركيا، ويبحث عن التعرف على خصوصيات السياحة لدى مراكش واكتشاف عالم التسوق في دبي.
وفي السياق يؤكد بشير رمضاني مدير شركة مواكب الإدارة وتشغيل الفنادق ومسير وكالة شرشال للسياحة بالعاصمة، أن quot;تركيا والمغرب ودبي تعتبر الوجهات الأكثر طلباً من طرف زبائن الوكالةquot;، مشيراً إلى أن quot;المواطنين شرعوا في الحجوزات منذ بداية نوفمبر المنصرم، في حين اهتمت شريحة كبيرة بالقيام بإجراءاتها لاقتناء التذاكر واستخراج التأشيرة منذ أكتوبر الماضيquot;، وقال إن quot;أغلب الزبائن ينتظرون إلى اللحظات الأخيرة قبل العطلة لاقتطاع تذاكرهم، وهو ما لا يتيح لهم الخيارات المرغوب فيها من حيث نوعية الخدمات والإقامة وحتى الوجهة والسعرquot;.
وعن التخفيضات أكد أن quot;سعر تذكرة السفر نحو دبي مثلا بلغ 0125 دولار، مع الإقامة في فندق 3 نجوم وتوفير التذكرة، فيما استفاد المتوجهون نحو المغرب من تخفيضات إلى 075 دولار نحو مراكش، خاص بشخصين بالغين وطفلين لقضاء 8 أيام و7 ليالي، فيما بلغت تكلفة قضاء 5 ليالي في مراكش و2 ليالي في الدار البيضاء 470 دولار، مع تخصيص نصف يوم لاصطحاب الزبائن في نزهةquot;.
واشتكى محدثنا من quot;ضعف التعاون من طرف الفنادق والمؤسسات السياحية العمومية لإشراك الوكالات الخاصة في الترويج للسياحة الداخلية، ذلك أن الغلاء الذي تسجله الفنادق في كل من تمنراست وبجاية يتعدى غلاء الأسعار في الدول الأجنبية، وهو ما يجعل الجزائريين يفضلون التوجه نحو الخارج على حساب السياحة الداخلية، وقال إن الفنادق لا تتعامل مع الوكالات السياحية بمرونة ولا تقدم لها التخفيضات المناسبة التي تسمح لها بالحفاظ على هامش الربح وترقية السياحة الوطنيةquot;.
وتوقّع محدثنا بأن quot;التوجه نحو تونس سيسجل إنتعاشاً في الأيام الأخيرة المقبلة، نظرا للتخفيضات الهامة التي قدمتها الفنادق والمرافق السياحية هناك، والتي من شأنها التحفيز على زيارة البلد وتبديد المخاوف جراء الوضع الأمني المتذبذبquot;.
على عكس ما سبق يرى المدير التجاري بالديوان الوطني للسياحة أرزقي الطاهر، أن السياحة الداخلية انتعشت في الآونة الأخيرة، حيث وجهت 70 في المائة من البرامج نحو السياحة الصحراوية، خاصة تيميمون وغرداية وجانت وتمنراست، في إطار برامج متكاملة تشمل النقل في حافلات خاصة والمرافقة في المدينة وسهرة نهاية السنة.
وقال في هذا الصدد إنquot; الديوان اقترح برامج جديدة في مدينة بسكرة خاصة بفندق الزيانيين وحمام الصالحين، وسطر برامج سياحية ثرية في المدن الساحلية أيضا على غرار وهران وتلمسان وبجاية، إلا أن الصحراء تبقى الوجهة المفضلة بعدما تخطت 90 في المائة من التسجيلات لدى المواطنينquot;.
ويهتم الزبائن الأجانب بالتسجيل بصفة مستقلة عبر الوكالات الخاصة، حيث سجل الديوان نقصا ملحوظا بالنسبة لزيارات الأجانب، في ظل الأوضاع التي تعرفها المنطقة الصحراوية على خلفية الصراعات الدائرة في مالي وليبيا، وهو ما انعكس، يضيف أرزقي، على حجم توافد السياح الأجانب على الصحراء والذي ''انخفض عن السنوات الماضية''.
في سياق متصل أكد المسؤول الأول في الديوان الوطني للسياحة التونسي بالجزائر ''فوزي بصلي'' أن تونس تسعى إلى استقبال أكثر من 80 ألف جزائري، في احتفالات نهاية السنة الميلادية، معتبرا أن تونس استعادت هدوءها وأمنها المعهودين، كما أكد أن أكثر من 700 هيكل فندقي مستعد لاستقبال الجزائريين أحسن استقبال، وأن التخفيضات المطروحة جد مغرية وفي متناول كل الطبقات الجزائرية.
لكن رغم كل هذه العروض والتحفيزات الا انها لا تستقطب شرائح واسعة من المجتمع الجزائري، والتي ترى في احتفالات رأس السنة تشبهاً بالكفار ،و أنه لا يجوز شرعا الاحتفال بهذه المناسبة، وتشن المساجد الجزائرية خلال هذه الفترة حملة واسعة لاقناع الجزائريين بعدم الاحتفال، وأن من يحتفل فانه يكون بذلك ارتكب مخالفة شرعية كبيرة تستوجب التوبة.
التعليقات