سيشهد الإقتصاد الأردني في العام 2013، تحديات كبيرة، على الحكومة مواجهتها للتتمكن من التعافي والنهوض الإقتصادي والخروج من الأزمات التي تعانيها في ظل التقلبات والمتغيرات الخطرة التي تعصف بالمنطقة.


عمّان: يدخل الأردن عام 2013 بمعطيات تحمل عوامل إيجابية تمكنها من التعافي والنهوض الإقتصادي، ومخاطر إجتماعية ناجمة من غلاء قاس متواصل، يهدد المعطيات الإيجابية المنتظرة، في ظل مسيرة إصلاح ينفذها الأردن في إقليم متقلب تعصف به متغيرات خطرة.

يبقى التحدي الأهم الذي يقع على عاتق الحكومة الأردنية هو معالجة تبعات إنقطاع الغاز المصري في عام 2012 بسرعة لتلافي إستمرار إستخدام النفط الخام والديزل كبديل لتوليد الكهرباء في 2013، والذي إرتفعت أسعاره في الآونة الأخيرة تمهيداً لمعالجة خسائر شركة الكهرباء الوطنية.

من بين الظروف الصعبة، التوتر المستمر في المنطقة وتباطؤ الدخل السياحي وتحويلات العاملين في الخارج وتدفقات الإستثمار الأجنبي المباشر، إضافة إلى نزوح آلاف اللاجئين السورين في العام الحالي، وما يتطلّبه من توفير خدمات الإيواء والصحة، مفاقمًا الضغوطات والأعباء على الإقتصاد الأردني.

جاءت توقعات خبراء في الشأن الاقتصادي والاستثماري بأن تستمر حالة التراجع العالمي والإقليمي خلال العام 2013. كما من المتوقع أن يواجه الأردن عاماً صعباً آخر نتيجة ظروف الاقتصاد العالمي والاضطرابات في الإقليم وما سيلقيه الملف السوري من آثار على إقتصاد المملكة، إضافة إلى التطورات والأحداث المتلاحقة في محيط منطقة الشرق الأوسط بصفة عامة، والأحداث والتداعيات المتتالية المتعلقة بالمنطقة العربية على وجه الخصوص.

يقول الخبير الإقتصادي الدكتور خالد الوزني quot;يبدأ الأردن العام 2013 بأرقام لم يشهدها التاريخ الاقتصادي في المملكة منذ نشأتهاquot;. وأضاف الوزني أن المديونية تزيد على 16 مليار دينار، والعجز يتأرجح حسب بورصة تصريحات الحكومة ورئيسها بين 2.5 مليار إلى 4 مليارات دينار أردني، وكلا الرقمان مصيبة لا نُحسد عليها، إضافة إلى بطالة تزيد على 14 بالمئة وفق الأرقام الرسمية، وعجز تجاري يتجاوز 33 بالمئة من الناتج المحلي، وتضخم سيتجاوز 5 بالمئة، وخط فقر تجاوز 800 دينار للفرد سنوياً، أي بزيادة الثلث عمّا كان عليه الوضع سابقاً، وأخيراً وليس آخراً أسطوانة الغاز بمبلغ 10 دنانير وبزيادة 54 بالمئة عن سعرها في بداية العام.

ومن المتوقع أن يبلغ عجز الموازنة العامة بعد المنح الخارجية لعام 2013 حوالى 1310 مليون دينار، مُشكلاً ما نسبته 5.4 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، في حين بلغ عجز الموازنة قبل المنح حوالى 2160 مليون دينار، أو ما نسبته 8.9 بالمئة من الناتج المحلي.

على صعيد متصل، توقع المحلل المالي زياد الدباس أن تساهم توقعات تحسن الأوضاع السياسية في الأردن خلال العام 2013 في ضوء الإنتخابات البرلمانية في تشجيع الإستثمار الأجنبي على العودة إلى سوق عمّان المالية، خاصة وأنه يملك نصف رؤوس أموال الشركات المدرجة، وأن أسعار أسهم الشركات التي يملكها هذا الاستثمار إنخفضت إلى مستويات مغرية، تحفزه على الشراء لتعديل تكلفة الإحتفاظ بهذه الأسهم لفترة زمنية طويلة.

كما إن الاستقرار السياسي سوف يشجّع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر ونمو قطاع السياحة وتحويلات المغتربين، وبالتالي تعزيز النمو وتعزيز تدفقات العملات الصعبة، مما يساهم في تعزيز ميزان المدفوعات وإستقرار التصنيف الائتماني السيادي للأردن والدينار الأردني والاختلالات الهيكلية التي يعانيها الاقتصاد الأردني، سواء من حيث إرتفاع حجم المديونية وعجز الموازنة وعجز ميزان المدفوعات وإرتفاع مستوى البطالة وتباطؤ النمو.

لكن خبير الشؤون الاقتصادية خالد الزبيدي أكد أن القاعدة التي يجب أن نحرص عليها تستند إلى الاستقرار والأمان، وأن معيشة الناس محرك رئيس لها.

وقال إنه بعد رفع أسعار المحروقات على مرحلتين خلال العام الحالي، وإعادة الدعم الذي سيؤدي إلى تحسين المالية العامة، وترتيب تكاليف إضافية على معيشة المواطنين، وحسب أرقام رسمية، ستساهم الإجراءات الأخيرة في رفع معدلات التضخم إلى 8.4 %، مع مراعاة التقشف وضغط النفقات وتجميد التعيينات إلا باستثناءات، أي إن الأردنيين يستقبلون العام الجديد بتوجس.

وقال إن هناك عناصر مالية إيجابية للعام المالي 2013، في مقدمتها الإتفاق مع الجانب المصري على إعادة ضخ الغاز المصري حسب الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، ويمكن للأردن تغطية معظم إحتياجاته من الطاقة الكهربائية بكلف منخفضة جراء توليد الطاقة الكهربائية، كما ينتظر أن تحقق المالية العامة إيرادات إضافية للعام المقبل جراء رفع أسعار المحروقات وهيكلة الدعم نحو 500 مليون دينار، وفورات ناتجة من العودة إلى الغاز المصري بدل زيت الوقود والديزل في توليد الطاقة الكهربائية، إلى جانب المنح والمساعدات الخليجية والدولية.