يرى تجار عراقيون أن ثقتهم بدأت تهتز بالتجارة مع ايران بسبب عدم قدرة تجار ذلك البلد على الإيفاء بالتزاماتهم.


بغداد: لا يستغرب مصرف العملات في مدينة النجف (160 كم جنوبي بغداد)، احمد الياسري من الإقبال المتزايد على الدولار في السوق بسبب كثافة الطلب عليه من قبل الزوار الإيرانيين الذين يزورون العتبات المقدسة في مدينتي النجف وكربلاء ومدن اخرى.

وفي نفس الوقت فان الياسري يحاول ان يتخلى بسرعة من كم العملات الإيرانية التي لديه والتي تشهد تدهورا في قيمتها في الفترة الأخيرة.

ويتابع الياسري الأخبار السياسية باهتمام شديد لان لذلك علاقة بأسعار العملات لديه. ويتابع : أخبار إيران والخليج مهمة بالنسبة لنا وعلى ضوئها يحدد مسار السوق.
ووصل سعر التومان الإيراني في الفترة الأخيرة إلى أكثر من ألفي تومان مقابل الدولار أميركي.

التنبؤ بمسار الأحداث

وعلى رغم ان الكثير من مصرفي العملات الصغار على الأرصفة والدكاكين الغيرة، ليس بحوزتهم كميات كبيرة من العملات الإيرانية، الا ان عملهم في هذه التجارة يحتم عليهم التنبؤ بمسار الأحداث التي تؤثر كثيرا في قيمة العملات.

ويرى تجار عراقيون أن ثقتهم بدأت تهتز بالتجارة مع ايران بسبب عدم قدرة تجار ذلك البلد على الإيفاء بالتزاماتهم بسبب انخفاض قيمة عملة بلدهم.

ويرى الخبير الاقتصادي سعدون حسين، ان العقوبات الاقتصادية الجديدة على إيران ستؤثر على العراق، شئنا ام أبينا.

ويتابع: تراجعت قيمة العملة الإيرانية بشكل حاد خلال الفترة الماضية، وقد اثر هذا كثيرا على قيمة الدولار في السوق.

تجربة في صرف العملات

ويقول صاحب مكتب الصيرفة كريم اللامي ان العراقيين أصحاب تجربة في صرف العملات اكتسبوها من فترة الحصار الاقتصادي على العراق في فترة التسعينات حيث تدنت قيمة الدينار العراقي الى أدنى مستوى لها في ذلك الوقت..

ويتابع : واجهنا أوقاتا صعبة ولم نكن نمتلك المال لشراء الغذاء وحاجات البيت الضرورية.

ويتدفق في الوقت الحاضر إيرانيون وعراقيون على الحدود بين البلدين لتداول الدولار الذي أصبح ذو قيمة كبيرة داخل إيران.

لكن اغلب العراقيين الذين التقيناهم يشعرون بالقلق من احتمال إغلاق مضيق هرمز وتأثير ذلك الكبير على صادرات النفط العراقية.

دعم الاحتياطيات

ويرى الخبير الاقتصادي بكر الهيتي ان دعم الاحتياطيات الأجنبية في العراق وتعزيز السيولة في السوق، ضروري جدا للحفاظ على قيمة صرف الدينار العراقي بالدولار.

ويشير الهيتي الى ضرورة وضع السلطات المختصة السبل الكفيلة التي تحول دون سحب الدولار من قبل التجار الى خارج العراق.

ويرى الهيتي أن الكثير من التجار ومصرفي العملات يحملون معهم ملايين الدنانير الإيرانية والعراقية وهي مبالغ عائمة في السوق ولا تدخل في حسابات المصرف المركزي الذي يعتمد في إحصائياته على التحويلات الرسمية عبر المصارف المحلية.

الجدير بالذكر ان الدينار العراقي حافظ على سعر صرف أمام الدولار طيلة السنوات الثلاث الأخيرة.

لكن الخبير المالي حميد الجبوري يرى ان التهديدات بإغلاق مضيق هرمز والأحداث في سوريا وانخفاض الليرة والتومان سيزيد من تعرض الدينار العراقي الى المضاربات والتذبذبات الحادة.

الجدير بالذكر أن استقرار الدينار العراقي عزز في السنوات الأخيرة الثقة في الاستثمار بين العراقيين والأجانب على حد سواء.

ومن أهم ما يواجهه تداول العملة في العراق انتشار العملة المزورة التي تعد اليوم ظاهرة مقلقة.

واضطر احمد الأمين ( صاحب متجر أجهزة كهربائية ) الى الاستعانة بجهاز لكشف التزوير في العملات.

ويتابع: ازداد في الفترة الأخيرة تخوف الناس من هذه الظاهرة مع انتشار شائعات إدخال كميات كبيرة من تلك العملات الى ايران وسوريا.

العملة المزيفة

ويقول احمد حسين ( مدرس ) انه اضطر الى إتلاف ورقة دولار من فئة المائة دولار بعدما عجز عن صرفها لانها مزورة.

لكن رحيم الاسدي ( مصرف عملة ) يقول ان اغلب أصحاب المهنة يكتشفون بسهولة العملة المزيفة عبر اللمس، لكن هناك الكثير من أنواع العملة التي يصعب اكتشافها لجودة صناعتها واقترابها من مواصفات العملة الحقيقية.

انخفاض سعر التومان

وفي مدينة كربلاء (108 كم جنوب غربي بغداد)، يشير التاجر حيدر حسين الى تاثير انخفاض سعر التومان الإيراني على حركة السوق، حيث يعزف التجار عن شراءه. وفي نفس الوقت فان الحركة الشرائية والتسويق من قبل الإيرانيين انخفض الى حد كبير.

وبحسب حسين فان سعر الدولار وصل إلى 20 ألف ريال ايراني في بعض الأوقات، لاسيما وان هناك من تجار العملة من يقبل على استبدال العملة الإيرانية بالدولار.

ويشير التاجر رؤوف حسن من النجف إلى أن تأثيرات العقوبات تطال فعاليات مليوني إيراني يزور المدن المقدسة في العراق سنويا، مما يؤثر على ورادات تلك المدن من قطاع السياحة الدينية.

ويعزف أصحاب المصالح عن شراء التومان الايراني، بعدما تكبدوا خسائر من جراء التعامل به.

ويقول احمد الوائلي صاحب فندق في كربلاء انه لم يعد يقبل باستلام مستحقاته من الجهات الإيرانية المعنية الا بالدولار فقط.

واثر انخفاض قيمة العملة الإيرانية على الاقتصاد في كردستان أيضا، وبحسب رئيس غرفة تجارة السليمانية (330 كم شمالي بغداد) سيروان محمد فان انخفاض قيمة العملة الإيرانية تسببت في أزمة كبيرة في السوق الكردستانية بحسب ما صرح به لوسائل الإعلام الأسبوع الماضي.