حين تلتقي إيران بالقوى العالمية اليوم في بغداد لإجراء مفاوضات نووية، فإن أكثر ما سيهم الجمهورية الإسلامية هو الطريقة التي يمكن من خلالها تخفيف العقوبات التي تشل اقتصادها.
القاهرة: من غير الواضح ما إن كانت ستقوم إيران بتقديم تنازلات ملموسة في المحادثات التي تبدأ اليوم مع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا وألمانيا. لكن هناك مؤشرات متزايدة في الداخل تبين حقيقة الصراع الذي تواجه البلاد في ظل ما تتعرض له من عقوبات دولية، وإذ يأمل الإيرانيون أن ينجحوا في الحد من وطأة الضغوط.
وقال تجار إيرانيون في هذا الصدد إن سوق الذهب والعملات في طهران تشهد حالة من التقلب، كما تشهد أحجام الصرف موجة انخفاض، قبيل المحادثات المقررة بين بلادهم والقوى الغربية. وقال مسؤولون عاملون في مجال الصناعة إنهم أحجموا عن التوقيع على صفقات جديدة واتخاذ قرارات حاسمة، بانتظار اتضاح الصورة بشأن ما إن كانت الصفقة قد تخفف أو تعمق المتاعب مع صفقات العملات والشحن والتأمين. ويأمل المواطنون العاديون أن تروض المحادثات التضخم المتصاعد في بلادهم. وهي نفس الآمال التي عبر عنها مسؤولون إيرانيون. فقال حسين إبراهيمي، نائب رئيس لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي في البرلمان الإيراني، حسبما أوردت عنه وكالات الأنباء الرسمية :quot; أقل ما نتوقعه من محادثات بغداد هو رفع العقوبات. وهذه هي الخطوة التي يجب أن تكون أولى الخطوات تجاه التوصل إلى أي اتفاقquot;.
وبينما أكد القادة الإيرانيون أن اقتصادهم قد تحمل بالفعل العقوبات الشديدة التي فرضها الغرب، فإن موضوع تدهور الوضع الاقتصادي مازال يهيمن على الخطاب السياسي ووسائل الإعلام في إيران. وفي هذا السياق، أشارت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية إلى حالة الصدام الحاصلة الآن في إيران بين الرئيس محمود أحمدي نجاد والبرلمان على خلفية رفض الأخير لخطة الإصلاح الاقتصادي التي طرحها الأول، من منطلق أنها ستشكل صدمة لاقتصاد يعاني بالفعل من وطأة مجموعة ضغوط.
ونوهت الصحيفة كذلك، حسبما ذكرته منافذ أخبار شبه رسمية في إيران قبل أيام، إلى أن طهران أرجأت تلك الخطة لبعض الوقت. وأوردت ستريت جورنال ضمن هذا السياق عن خبراء اقتصاديين داخل إيران قولهم إن التضخم يرتفع عن 50 % سنوياً وأن أسعار البضائع الأساسية اليومية مثل منتجات الألبان واللحم والأرز تتزايد أسبوعياً.
وأضافوا أن المصرف المركزي الإيراني يضع معدل التضخم عند 21 %، وهو المعدل الذي أثير بشأنه الجدل حتى من جانب الصحف الرسمية في إيران. كما أغلقت العشرات من المصانع في إيران، من تلك التي تعمل في مجالات تتراوح من منتجات الألبان وانتهاءً بالفولاذ، فضلاً عن تسريح ما يزيد عن 100 ألف عامل العام الماضي، وذلك وفقاً لما ذكره اتحاد خاص بالعمال المتعاقدين خلال الأسبوع الماضي.
وقال صاحب مصنع ينتج مواد بناء إنه فقد ما يقرب من ثلث أعماله، لأن القيود المصرفية أجبرته على الحد من الصادرات والتركيز على السوق الداخلية. كما أعلنت وزارة الزراعة هذا الأسبوع أنها ستقدم حزمة مساعدات لمصنعي منتجات الألبان بقيمة تزيد عن 30 مليون دولار لحمايتهم من خطر التعرض للإفلاس. وفي هذا الإطار، نقلت الصحيفة عن فريدون خافاند، أستاذ الاقتصاد في جامعة باريس ديكارت والخبير في الشؤون الإيرانية، قوله :quot; بات الهبوط الاقتصادي خطيراً بما فيه الكفاية الآن لدرجة أن بدأ يهدد بزعزعة استقرار النظام. وهناك ركود في النمو إلى جانب التضخم، وهي تركيبة خطيرة قد تجعل إيران تقبل بتسوية مذلة في نهاية المطافquot;.
ومضت الصحيفة تشير كذلك إلى أن هذا الاضطراب الاقتصادي قد يؤثر أيضاً على وضعية إيران في المنطقة. خاصة وأنه من المعروف تاريخياً أن إيران تغدق في تمويل الجماعات السياسية والمسلحة مثل حزب الله في لبنان وحركة حماس في قطاع غزة. وأثناء المحادثات في العراق، سيسعى المجتمع الدولي التوصل لاتفاق توقف إيران بموجبه أو تقلل بشكل كبير من تخصيبها لليورانيوم إلى مستوى يناسب فقط توليد طاقة نووية. وذلك في الوقت الذي لا يوجد فيه ما يدل على أن الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي مستعدون لوقف العقوبات الاقتصادية الصعبة المفروضة على الجانب الإيراني.
التعليقات