حذرت وكالة موديز للتصنيف الائتماني مرة أخرى يوم الاثنين من أنها قد تخفض تصنيف فرنسا بسب تكاليف ما تستلفه من قروض. لكن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اقترح في ذلك اليوم تحديدًا فرض حظر أوروبي على استيراد النفط الإيراني. وتقدمت باريس إلى موقع الصدارة يوم الخميس بالإعلان عن حظر استيراد النفط الإيراني أحاديًا في إطار حملة لتشديد الضغط على طهران بسبب برنامجها النووي.


إعداد عبد الأله مجيد: نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن دبلوماسي فرنسي طلب عدم ذكر اسمه أن بلاده تجري محادثات مع سائر شركائها الأوروبيين بشأن توسيع الحظر النفطي. لكن مراقبين عدة يرون أن فرض حظ أوروبي شامل على استيراد النفط الإيراني لن يساعد اقتصادات منطقة اليورو. وأشار نائب رئيس الوزراء البولندي فالديمار بافلاك، الذي أوضح أنه يتحدث بصفة شخصية، إلى أن فرض حظر على استيراد النفط الإيراني يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.

الأسوأ من ذلك أن محللين يرون أن الحظر في الوقت الذي سيكون هدفه تضييق الخناق على طهران، فإنه في الواقع سيعمل على خنق اقتصادات جنوب أوروبا المأزومة أصلاً. وقال أوليفر جاكوب من شركة بتروماتريكس الاستشارية السويسرية إن الاستغناء عن النفط الخام الإيراني سيكون مهمة بالغة الصعوبة على أطراف أوروبا الجنوبية، أي البلدان نفسها الأشد تأثرًا بأزمة الديون. واضاف انه quot;سيكون من المثير للاهتمام أن نرى كيف ستصمد مصافي اليونان من دون نفط إيران الخامquot;.

وتضم خارطة الدول الأوروبية الرئيسة المستوردة للنفط الايراني عددًا من أكثر البلدان معاناة بسبب أزمة المديونية، وهي تحديدًا ايطاليا واسبانيا واليونان. ومن شأن حظر على النفط الايراني ان يدفع اوروبا خطوة أخرى نحو الحافة بعد تعطل امدادات النفط الليبي بسبب الحرب هناك وحظر استيراد النفط السوري. وامتنع الدبلوماسي الفرنسي الذي تحدث لصحيفة وول ستريت جورنال عن التعليق على الآثار المالية المترتبة على مثل هذا الاجراء، قائلا ان الخوض في القضايا الاقتصادية ليس من شأن الدبلوماسيين.

ويرى محللون ان تأثير الحظر الاوروبي على النفط الايراني سيكون من الناحية النظرية هامشيا على سوق الطاقة في فرنسا. وتقدر ادارة معلومات الطاقة الاميركية ان فرنسا كانت تستورد 49 الف برميل يوميا من النفط الايراني في عام 2010، وهي نسبة ضئيلة من تجارة النفط في فرنسا وايران على السواء. لكن اسواق النفط اسواق بلا حدود، وإذا استوردت ايطاليا كمية أكبر من النفط السعودي، ودفعت سعرًا اعلى عنه، فان جاراتها في الشمال قد تعرض سعرًا يضاهي سعرها. كما إن خطر الركود الاقتصادي في جنوب اوروبا اثبت كونه صداعًا لبقية دول القارة.

وكانت الولايات المتحدة حظرت استيراد النفط الايراني منذ 30 عامًا. ولكنها لم تعتمد ذات يوم على نفط ايران البعيد جغرافيًا مثلما اعتمدت عليه دول جنوب اوروبا. وفي عام 1979 كانت مساهمة النفط الايراني تشكل 4 % من استهلاك الولايات المتحدة للنفط.

على النقيض من ذلك، فان النفط الايراني يشكل 13 و18% على التوالي من إجمالي استيرادات إيطاليا واسبانيا، بحسب احدث الأرقام المتاحة من البلدين. في هذه الأثناء، اختارت فرنسا ان تمضي بمفردها لاعتبارات تتعلق بحسابات داخلية، كما يرى مراقبون. فان الأوضاع الداخلية ستكون هي الأساس قبل ان يتمكن الاتحاد الاوروبي من الكلام بصوت واحد.