لندن:خفضت مؤسسة موديز للتصنيف الائتماني تصنيف بنك باركليز البريطاني اليوم الخميس في الوقت الذي تعرض فيه البنك لفضيحة كبرى أجبرته على دفع غرامة قياسية للسلطات المالية في بريطانيا والولايات المتحدة وإستقالة رئيس مجلس إدارته ورئيسه التنفيذي. خفضت المؤسسة نظرتها لثالث أكبر بنك في بريطانيا من 'مستقر' إلى 'سلبي'.
وأعربت المؤسسة الدولية عن قلقها من استقالة الرئيس التنفيذي بوب دياموند وغيره من كبار مسئولي البنك في أعقاب فضيحة التلاعب في أسعار الفائدة على القروض بين البنوك في لندن (ليبور). كما حذرت المؤسسة من احتمال فصل قطاع الخدمات المصرفية الاستثمارية علي الربحية عن البنك. كان رئيس مجلس إدارة باركليز ماركوس أجيوس قد أعلن اعتزامه الاستقالة في وقت سابق من الأسبوع الحالي في حين استقال أيضا جيري دي ميسيه مدير عمليات البنك على خلفية الفضيحة.
كان باركليز وافق الأسبوع الماضي على دفع الغرامة القياسية التي بلغت 290 مليون جنيه استرليني (6ر451 مليون دولار) للسلطات الأميركية والبريطانية بتهمة محاولة التلاعب في أسعار الفائدة على القروض بين البنوك. وبالنسبة للعاملين في حي المال 'سيتي' بالعاصمة البريطانية لندن يبدو أن الحفل قد انتهى، وأن الأنوار أنطفأت بعدما صارت الأيام التي كان الوسطاء الماليون العاملون في البنوك يحتفلون بنجاحهم في التلاعب بأسعار الفائدة لتحقيق أرباح باهظة شئيا من الماضي.
ففي أعقاب أزمة الائتمان التي ضربت القطاع المصرفي البريطاني عام 2008 وتفجر الحديث عن المكافآت والأجور الباهظة التي يحصل عليها العاملون في البنوك، تلقى القطاع صفعة قوية جديدة بالكشف عن تورط بنك باركليز، أحد أكبر البنوك البريطانية، في فضيحة التلاعب بأسعار الفائدة بين البنوك في لندن (الليبور) لتحقيق أرباح غير قانونية. ومن المنتظر أن يؤدي الكشف عن هذه الفضيحة إلى تحقيقات جنائية،'وتهديد كبير لسمعة لندن كمركز مصرفي دولي مرموق. ووفقا لعضو مجلس العموم البريطاني عن حزب المحافظين الحاكم كلير بيري، تعكس فضيحة التلاعب بأسعار الفائدة' 'فشل القواعد المنظمة''''وفشل نظام المراجعة الداخلي' و'فشل الإطار الأخلاقي' ''في القطاع المصرفي البريطاني.
ووفقا لإحدى الوثائق التي نشرتها هيئة الخدمات المالية المعنية بمراقبة القطاع المصرفي والمالي في البلاد، قال أحد الوسطاء من الخارج في رسالة بريد إلكتروني إلى زميل في بنك باركليز 'أنا مدين لك بشدة. لتأت بعد انتهاء يوم العمل وسأفتح لك زجاجة شمبانيا' فاخرة احتفالا بنجاح عملية تلاعب في أسعار الفائدة وتحقيق أرباح كبيرة من ورائها. بدوره، قال وزير الخزانة البريطاني جورج أوسبورن، 'لقد تحطمت البنوك البريطانية.. لكن هناك فرصة لإصلاح ما فسد في الصناعة' المصرفية.
وفي غضون يومين فقط سقط ثلاثة ضحايا كبار لفضيحة بنك باركليز حيث استقال رئيس مجلس إدارة البنك، تلاه الرئيس التنفيذي وأخيرا رئيس عمليات البنك'في أعقاب الإعلان عن فرض غرامة قياسية على البنك بسبب تورطه في فضيحة التلاعب في أسعار الفائدة. فبعد يوم واحد من اعلان رئيس مجلس إدارة البنك ماركوس أجيوس، أمس الاول الاثنين، اعتزامه التقاعد في أعقاب فرض غرامة قياسية على البنك بسبب الفضيحة، أعلن الرئيس التنفيذي للبنك بوب دياموند استقالته الفورية''، اعقبه في نفس اليوم اعلان البنك استقالة مدير العمليات جيري ديل ميسير.ومن المقرر أن يغادر ديل ميسير، وهو كندي الجنسية، البنك على الفور. عمل ديل ميسير بشكل وثيق مع بوب دياموند.
كان البنك وافق على دفع غرامة قيمتها 290 مليون جنيه استرليني (6ر451 مليون دولار) للسلطات الأمريكية والبريطانية بتهمة محاولة التلاعب في أسعار الفائدة على القروض بين البنوك. وتتعلق المخالفات بطريقة تحديد سعر الفائدة على القروض بين البنوك في لندن (الليبور) وما يعادلها في أوروبا 'يوربور' خلال الفترة من عام 2005 وحتى عام 2009. يستخدم الليبور لتحديد سعر الفائدة اليومية. في الوقت نفسه تجري السلطات البريطانية تحقيقات مماثلة مع بنوك أخرى لمعرفة ما إذا كانت هناك مخالفات أخرى خلال الفترة من 2004 و2009.
وعندما وقف دياموند أمام إحدى لجان مجلس العموم البريطاني للإدلاء بشهادته حول الفضيحة، قدم اعتذاره عن التصرفات 'السيئة' التي ارتكبها موظفو البنك المتورطون في فضيحة التلاعب بأسعار الفائدة على القروض بين بنوك لندن (الليبور). وقال دياموند الذي استقال من منصبه أمس بسبب الفضيحة أمام اللجنة'أعتذر.. أنا محبط وغاضب' مما حدث. وأضاف 'لا يوجد أي مبرر لمثل هذا السلوك إطلاقا.. إنه خطأ وأنا لست سعيدا به'. ولكنه أصر على أن قيام عدد صغير من الموظفين (14 موظفا) بالتلاعب في أسعار الفائدة من أجل تحقيق مزيد من المكاسب لا 'يمثل بنك باركليز الذي أحبه وأعرفه'.
وأضاف انه لم يعلم بقصة التلاعب في أسعار الفائدة إلا الشهر الماضي وساعتها أصيب بوعكة صحية'''عندما اكتشف ما يحدث'.
من ناحيته، قال النائب العمالي في مجلس العموم البريطاني جون مان إنه أمر 'يبعث على الدهشة' أن يكون دياموند الذي أصبح رئيسا تنفيذيا لبنك باركليز عام 2010 بعد سنوات أمضاها رئيسا للذراع الاستثمارية عالية الربحية في البنك وهي''باركليز كابيتال لا يعرف ما يجري في البنك.
وأضاف بعد شهادة دياموند أمام لجنة برلمانية 'إذا لم يكن يعرف فهو مذنب وإذا كان يعرف فهو مذنب أيضا'. كانت شهادة دياموند أثارت أسئلة خطيرة حول ثقافة بنك باركليز والغياب الواضح للسيطرة والرقابة على أنشطة بعض الموظفين. وتجرى حاليا تحقيقات مع حوالي 20 بنكا دوليا لمعرفة ما إذا كان هناك بنوك أخرى متورطة في هذه الممارسات غير القانونية. وقال دياموند إن هذه المخلفات 'وإن كانت قد تمت في بنك باركليز، إلا أنها موجودة على امتداد الصناعة' المصرفية. وسأل أعضاء اللجنة المصرفي الأمريكي الجنسية عما إذا كان بنك إنجلترا المركزي شجع التلاعب في أسعار الليبور في ذورة الأزمة المالية العالمية عام 2008.
كانت التكهنات حول دور بنك إنجلترا المركزي في هذه الممارسات ازدادت عندما نشر دياموند تسجيل مكالمة له مع''بول توكر نائب رئيس البنك المركزي عام 2008. وقال دياموند إن توكر أبلغه في ذلك الوقت بقلق مسئولي الحكومة البريطانية من ارتفاع سعر الليبور وهو ما اعتبره البعض تشجيعا من توكر لبنك باركليز من أجل التدخل لخفض سعر الليبور بصورة مصطنعة. ومهما كانت نتيجة التحقيقات الحالية فالمؤكد هو أن صناعة المال والبنوك البريطانية تعرضت لضربة مؤلمة في وقت عصيب لم يتعاف فيه القطاع تماما من تداعيات الأزمة المالية العالمية.
التعليقات